AI بالعربي – متابعات
يرى الفيلسوف الفرنسي إيريك سادين أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي لا يهدد الوظائف فقط، بل يهدد جوهر الإنسان ذاته. فبحسب تحليله، سيقود الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة من التدهور الإنساني والفكري لم تُدرك خطورتها بعد.
تحذير من “تحنيط رقمي” يفرغ الإنسان من جوهره
في حديثه لصحيفة “لوفيغارو”، أوضح سادين أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح قوة قادرة على تآكل الهوية الإنسانية.
وأشار إلى أن هذا التحول التقني يحول الإنسان إلى تابع للنظام الآلي، ويجرده من ملكاته الإبداعية والتفكير النقدي.
وأكد أن استخدام الذكاء الاصطناعي في “إحياء الراحلين رقميا” يمثل إهانة للذاكرة الإنسانية. واستشهد بمثال ابنة الممثل روبن ويليامز، التي طلبت من الناس التوقف عن إرسال مقاطع Deepfake لوالدها، واصفًا الظاهرة بأنها “تحنيط رقمي” يختزل الإنسان إلى مجرد محتوى قابل للاستهلاك.
“القمة المضادة للذكاء الاصطناعي”: مقاومة فكرية ضد الانبهار
نظم سادين في فبراير الماضي “القمة المضادة للذكاء الاصطناعي” بالتزامن مع القمة العالمية التي استضافتها فرنسا. وعبّر خلال الحدث عن رفضه للفكرة القائلة إن التقدم التقني خير مطلق. وأكد أن الخضوع غير المشروط للتقنية سيقود إلى انحدار حضاري يصعب عكسه.
ويرى أن ما يحدث اليوم مع أدوات مثل ChatGPT يتجاوز حدود المطبعة أو الإنترنت. فهذه النماذج لا تنقل المعرفة فقط، بل تعيد تشكيلها بطريقة قد تمحو البعد الإنساني والثقافي في التفكير والإبداع.
الإنسان بين التقنية والهوية
يعتقد سادين أن الذكاء الاصطناعي لا يُفقد الإنسان عمله فقط، بل يُفقده ذاته. فالاعتماد المفرط على الأنظمة الذكية قد يُفضي إلى اختفاء السمات التي ميّزت الإنسان عبر التاريخ، مثل الخطأ، والعفوية، والتجربة.
ويصف هذا التحول بأنه “محو أنثروبولوجي” يشترك في مسؤوليته السياسيون والمهندسون والاقتصاديون الذين صنعوا هذا النظام في الخفاء. ويضيف قائلاً: “هؤلاء لديهم جدول بيانات إكسل بدلاً من القلب”.
دعوة للحفاظ على ما تبقّى من الإنسانية
رغم رؤيته القاتمة للمستقبل، يدعو سادين إلى الحفاظ على ما يميز الإنسان عن الآلة. فهو يرى أن الضعف والفشل والعفوية ليست نواقص، بل مظاهر إنسانية يجب حمايتها.
ويؤكد أن “الحياة تجد طريقها دائمًا”، حتى في ظل التوسع التقني غير المسبوق.
ويختتم بالتشديد على أن مقاومة السيطرة التقنية واجب أخلاقي، وأن استعادة الحس الإنساني في زمن الخوارزميات هي معركة القرن الحادي والعشرين.








