القارئ الجديد لا يقرأ.. سطوة الخوارزميات على عقل الجمهور

القارئ الجديد لا يقرأ.. سطوة الخوارزميات على عقل الجمهور

القارئ الجديد لا يقرأ.. سطوة الخوارزميات على عقل الجمهور

AI بالعربي – متابعات

مقدمة

في الماضي، كان القارئ يبحث عن النصوص ويغوص في تفاصيلها، يتنقّل بين الصفحات بعينه وعقله. أما اليوم، في عصر المنصات الرقمية، لم يعد القارئ يقرأ بالمعنى التقليدي، بل أصبح يتلقى المحتوى كما تصوغه الخوارزميات.

لم يعد السؤال: “ماذا يقرأ الجمهور؟” بل أصبح: “ماذا تريد الخوارزميات أن يقرأ الجمهور؟”. وهكذا نعيش لحظة فارقة، حيث تتحول العلاقة بين النص والمتلقي إلى علاقة بين الخوارزمية والعقل الجمعي، فتتبدل أنماط الفهم والتفاعل والمعرفة نفسها.

القارئ التقليدي vs القارئ الجديد

  • القارئ التقليدي: يبحث عن كتاب أو مقالة، يحدد موضوعه، ويختار بإرادته.

  • القارئ الجديد: لا يختار من البداية، بل يتلقى اقتراحات مبنية على بياناته وسلوكه السابق.

  • الفارق الجوهري: الأول يسيطر على عملية القراءة، أما الثاني فتوجّهه خوارزميات التوصية.

كيف تُعيد الخوارزميات تشكيل فعل القراءة؟

  1. التخصيص المفرط: القارئ يرى محتوى يشبه اهتماماته السابقة، فيظل داخل “فقاعة معرفية”.

  2. السرعة: النصوص تُختصر في عناوين وصور وملخصات، فينحسر الصبر على النصوص الطويلة.

  3. الإزاحة: الخوارزميات تفضل المحتوى البصري على المكتوب، ما يغير عادة القراءة نفسها.

  4. التحكم في السياق: ما يُعرض أولاً يبدو أكثر أهمية، حتى لو لم يكن كذلك.

أمثلة واقعية

  • تيك توك: ملايين المستخدمين يتلقون مقاطع قصيرة، تزيح النصوص جانبًا وتفرض إيقاعًا سريعًا.

  • إنستغرام ويوتيوب: الخوارزميات تدفع نحو الفيديو على حساب المقال أو التحليل.

  • جوجل Discover: يحدد للمستخدم ما يقرأ صباحًا، بصياغة مختصرة تقطع أوصال النصوص الأصلية.

  • أمازون Kindle: تقترح كتبًا بناءً على ما اشتراه القارئ، فيغيب عنصر “الاكتشاف الحر”.

أثر هذه التحولات على العقل الجمعي

  • فقدان العمق: الاعتياد على المقتطفات يضعف القدرة على التركيز.

  • التشظي المعرفي: الجمهور يتلقى محتويات قصيرة متفرقة بلا ترابط.

  • إعادة تشكيل الذوق: الذكاء الاصطناعي يحدد ما هو “رائج”، فيؤثر في أذواق ملايين القراء.

  • الهيمنة على الوعي: ما لا تعرضه الخوارزميات يكاد يختفي من المشهد العام.

هل انتهت القراءة؟

ليس بالضرورة. القراءة لم تختفِ، لكنها تبدلت:

  • من نصوص طويلة إلى مقتطفات سريعة.

  • من اختيار حر إلى توصية خوارزمية.

  • من تفاعل عميق إلى استهلاك سريع.

لكن هذا التحول يطرح خطرًا: إذا كانت الخوارزميات هي من يحدد “ما يُقرأ”، فهل ما زال القارئ قارئًا فعلًا، أم أنه صار مجرد مستهلك للمعروض عليه؟

واجهة رقمية تملؤها توصيات خوارزمية

واجهة رقمية تملؤها توصيات خوارزمية
واجهة رقمية تملؤها توصيات خوارزمية


قارئ أمام شاشة تتدفق منها نصوص قصيرة وسريعة

قارئ أمام شاشة تتدفق منها نصوص قصيرة وسريعة
قارئ أمام شاشة تتدفق منها نصوص قصيرة وسريعة

رمزية لتأثير الخوارزميات على تشكيل الوعي الجمعي

رمزية لتأثير الخوارزميات على تشكيل الوعي الجمعي
رمزية لتأثير الخوارزميات على تشكيل الوعي الجمعي
ما هي الخوارزميات؟ شرح مبسط بمثال المتاهة! #فهم

س: هل اختفى فعل القراءة التقليدية؟
ج: لم يختفِ تمامًا، لكنه تراجع أمام هيمنة الخوارزميات والمحتوى البصري السريع.

س: كيف تُعيد الخوارزميات تشكيل الجمهور؟
ج: عبر تخصيص المحتوى، خلق فقاعات معرفية، وتوجيه الأذواق نحو ما تراه “رائجًا”.

س: ما أبرز المخاطر؟
ج: فقدان العمق، تشظي المعرفة، وهيمنة الخوارزميات على الوعي الجمعي.

س: هل هناك حلول؟
ج: نعم، بتعزيز التربية الإعلامية، والعودة إلى النصوص الطويلة، وتشجيع الاكتشاف الحر بعيدًا عن التوصيات الآلية.

الخلاصة

القارئ الجديد لا يقرأ كما اعتدنا أن نتصور، بل يتلقى محتوى مُوجّهًا تحت سطوة الخوارزميات. وهذا التحول لا يعني نهاية القراءة، لكنه يعني بداية عصر جديد تُعاد فيه صياغة العلاقة بين النص والجمهور. التحدي اليوم ليس فقط أن نكتب نصوصًا جيدة، بل أن نُدرك كيف تمر عبر غربال الخوارزميات إلى عقل القارئ.

اقرأ أيضًا: حين تكتب الآلة سيرتنا.. ذاكرة اصطناعية تُعيد تشكيل الحقيقة

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature