الذكاء الاصطناعي وإنتاج الطاقة.. مساران متوازيان نحو المستقبل

9

AI بالعربي – متابعات

لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانات هائلة في مكافحة التغير المناخي؛ إذ يمكنه تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، وتحليل البيانات البيئية على نطاق واسع، وتوقع التأثيرات المناخية بدقة. ومع ذلك، يجب معالجة التحديات والمخاوف المتعلقة باستخدامه، منها استهلاك الطاقة العالية في مراكز البيانات.

لذا، لا بدَّ من اتخاذ خطوات مدروسة لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال يخدم أهداف الحفاظ على البيئة، ويسهم في الحد من آثار التغير المناخي، ويضمن أن تكون هذه الطاقة مُستدامة.

ما الأمر؟

أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، على أهمية الترابط الوثيق بين قطاعي الطاقة والذكاء الاصطناعي، داعيًا إلى: تعزيز التكامل والتعاون بين قطاعات التكنولوجيا والطاقة والاستثمار للاستفادة من فرص النمو الاقتصادي والاجتماعي التي تتيحها التوجهات العالمية الرئيسية الثلاث المتمثلة في نهوض دول الجنوب العالمي والأسواق الناشئة، والمتغيرات والنقلة النوعية في منظُومة الطاقة، والنمو المتسارع في الذكاء الاصطناعي.

الحديث في الأمر ليس جديدًا

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أفادت بأن قطاعَي الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة استهلكا حوالي 460 تيراواط ساعة من الكهرباء في عام 2022؛ أي 2% من الإنتاج العالمي الإجمالي.

ويتطلب تدريب نماذج اللغة التي تعتمد عليها برامج الذكاء الاصطناعي قدرات حاسوبية هائلة، حيث يتم تدريبها على مليارات نقاط البيانات وتحتاج إلى خوادم قوية لتلبية الطلبات، ما يزيد من استهلاك الطاقة بشكل كبير. ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، استهلكت صناعات الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة حوالي 460 تيراواط ساعة في عام 2022؛ أي نحو 2% من إجمالي الإنتاج العالمي للطاقة، حيث لا يقتصر دور هذه البرامج على استخراج المعلومات، بل يتجاوز ذلك إلى إنتاج محتوى جديد، ما يجعل العملية أكثر استهلاكًا للطاقة.

من أجل تعزيز الكفاءة الطاقية، عملت الباحثة الروسية لوتشيوني على تطوير أدوات مثل “كودكاربن” التي تساعد المطورين على قياس البصمة الكربونية لتطبيقاتهم.

وتسعى الباحثة التابعة لوكالة الطاقة أيضًا إلى وضع نظام اعتماد للخوارزميات يتيح للمستخدمين معرفة استهلاك الطاقة للنماذج، مشجعةً على اتخاذ قرارات مستدامة. كما حذرت من عدم شفافية بعض الشركات التكنولوجية بشأن بصمتها الكربونية، ودعت الحكومات إلى التدخل لتنظيم وتوجيه استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أهمية الوعي حول كلفة الطاقة اللازمة لاستخدام هذه التقنيات بشكل رشيد ومستدام.

ماذا عن منصة مثل ChatGPT؟

تستهلك منصة ChatGPT يوميًا نصف مليون كيلوواط من الكهرباء للإجابة عن 200 مليون استفسار، وهو معدل ضخم يعادل استهلاك 17 منزلاً في الولايات المتحدة، حيث يبلغ استهلاك المنزل الأميركي الواحد حوالي 29 ألف كيلوواط سنويًا. ويرى الخبراء أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطورها السريع يزيد من الضغط على موارد الطاقة بشكل غير مسبوق.

وفي تقارير صحفية أشار إلى أن توسع نطاقات الذكاء الاصطناعي وتزايد تعقيد أنظمته سيؤدي إلى زيادة ملحوظة في استهلاك الطاقة، مشددًا على أن شركات مثل جوجل ستحتاج إلى 29 مليار كيلوواط سنويًا إذا طبقت الذكاء الاصطناعي في كل عمليات البحث عبر محرك “جوجل سيرش”. ووفقًا دراسة أجراها الباحث في البنك القومي الهولندي، أليكس دي فريز، فإن هذه الكمية الهائلة من الطاقة تتجاوز استهلاك دول كاملة مثل كينيا وكرواتيا وجواتيمالا.

ماذا ينتظرنا عام 2027؟ 

وتوقع دي فريز، في دراسته عام 2024، أن يصل استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة بحلول عام 2027 إلى ما بين 85 و134 تيراواط في الساعة، ما يعادل 0.5% من الاستهلاك العالمي للطاقة سنويًا، وفقًا لإحصاءات نشرتها شركة “نفيديا”. وبيّن تقرير لموقع “بيزنس إنسايدر” أن الاستهلاك الحالي للشركات التقنية الكبرى، مثل جوجل ومايكروسوفت وسامسونج، لا يزال أقل من توقعات دي فريز للسنوات المقبلة؛ إذ تستهلك هذه الشركات مجتمعة حوالي 45 تيراواط سنويًا لتشغيل بنيتها الرقمية.

توظيف القدرات النوعية للذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة

يدعو الدكتور سلطان الجابر مختلف القطاعات إلى توظيف القدرات النوعية للذكاء الاصطناعي والخبرات المتميزة لقطاع الطاقة، والاستفادة من قدرات الطاقة المتجددة. هذا ما توافق معه الأستاذ الدكتور محمد عبدالرحمن سلامة، الأستاذ المتفرغ بهيئة الطاقة الذرية بالقاهرة، حول أهمية النظر في هذا الأمر، مشيرًا إلى أنَّ كل أداة تكنولوجية لها فوائدها في حال استخدامها.

وأضاف الأستاذ المتفرِّغ أنَّ الذكاء الاصطناعي يُسهم في دعم أنظمة الطاقة المتجددة من خلال تحسين كفاءتها وإدارة استهلاك الطاقة بشكل أفضل. فعلى سبيل المثال، يمكنه تحليل بيانات الرياح والشمس لتحسين توجيه الطاقة المتجددة وتخزينها بطرق أكثر فعالية. إضافة إلى ذلك، يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا في تحسين إدارة الشبكات الكهربائية، مما يسهم في توجيه التوزيع الأمثل للطاقة وتقليل الفاقد في النظام، ما يساعد في الحد من الانبعاثات ويعزز الاستدامة البيئية.

ختامًا، تبقى توصية الوكالة الدولية للطاقة النووية، نصب أعين العالم، بأن الموضوع ليس تقنيًّا فحسب، بل إن استخدام الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الناشئة سيدلُّ على أن الصناعة النووية مواكبة لأحدث التطورات، كما أنَّ المشاركة الاستباقية في هذا المجال سيكون لها دورٌ مهم في تأمين مستقبل إنتاج الطاقة النوعية، ولا سيَّما النووية.

اترك رد

Your email address will not be published.