تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة تطور مهنة الطب

26

AI بالعربي – متابعات

فتحت الصناعة المتعلقة بالرعاية الصحية جبهة جديدة لكسب العملاء في المعركة الدائرة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة، فاليوم، يطرح الذكاء الاصطناعي حلولاً مع أدوات عدة تمنح العاملين في المجال الطبي مساحة واسعة للتخلص من عبء العمل والضغط النفسي الملقى على كاهلهم، بخاصة في الجوانب المتعلقة بالتشخيصات والتقييمات التي يتبعها قرار مصيري يتعلق بحياة المريض سواء قبل أو أثناء الجراحة، إذ يطبق كل من حقلي التعلم الآلي والتعلم العميق في نظام الرعاية الصحية لتشخيص الأمراض واكتشاف الأدوية وتحديد عوامل الخطر لدى المرضى، من خلال تحليل الصور وتقديم تقييمات دقيقة من خلال أجهزة رقمية عالية التقنية تستخدم خوارزميات متقدمة للتنبؤ والتشخيص، ما يمكن أن يؤدي إلى تقليل الأخطاء وعدد مرات التشخيص وتحسين أداء عمليات التنبؤ والكشف عن الأمراض على اختلافها.

وتطرح اليوم أدوات وتقنيات عدة، سنحاول من خلال هذا التقرير المرور سريعاً على بعضها.

كشف الأورام السرطانية

صمم خبراء في صندوق مؤسسة Royal Marsden NHS ومعهد أبحاث السرطان والكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب في لندن، أداة ذكاء اصطناعي يمكنها تحديد ما إذا كانت الأورام غير الطبيعية الموجودة في فحوصات الأشعة المقطعية سرطانية أو غير حميدة، إذ يمكن لهذه التقنية استخراج المعلومات الحيوية الأساسية من الصور الطبية التي يصعب على العين البشرية رصدها بسهولة.

وتأتي أهمية هذه التقنية كونها تقدم طريقة لتسريع اكتشاف المرض، كما قد تساعد الأطباء أيضاً على اتخاذ قرارات أسرع بشأن المرضى الذين يعانون من حالة متوسطة الخطورة، بخاصة أن الدراسات تؤكد أن الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم في مرحلة مبكرة بأحد أنواع السرطان مثل سرطان الرئة هم أكثر عرضة للبقاء على قيد الحياة لمدة قد تصل إلى خمس سنوات مقارنة بأولئك الذين اكتشفت أصابتهم في وقت متأخر، فالتقارير تشير إلى أنه من الممكن في كثير من الحالات علاج مرض السرطان بسرعة في حال اكتشف مبكراً.

زرع الأعضاء

وسيتمكن الذكاء الاصطناعي، في خطوة جديدة واعدة للمهنيين والمرضى، من مساعدة جراحي الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا على إجراء 300 عملية زرع إضافية، بعد أن صمم باحثون بريطانيون أداة جديدة لتعزيز جودة الأعضاء المتبرع بها ضمن مشروع مدعوم من قبل مؤسسة NHS Blood and Transplant المتخصصة بالتبرع وزرع الأعضاء والتي تضم ما يقرب من 7000 شخص في المملكة المتحدة على قائمة انتظار عملية الزرع، فبحسب “الغارديان” البريطانية، طور الخبراء طريقة رائدة تستخدم الذكاء الاصطناعي للتحديد الفعال للأعضاء المناسبة للزرع من خلال مقارنتها بصور عشرات الآلاف من الأعضاء الأخرى المستخدمة في عمليات زرع سابقة للتأكد من إمكانية إجراء عملية الزرع الصحيحة أولاً وفي أسرع وقت ممكن أيضاً، إذ يعتمد الطاقم الطبي في الوقت الحالي على تقييماتهم الخاصة لتحديد إذا ما كان العضو مناسباً للزرع أم لا، وهذا يعني أنه من الممكن أن تحدث عمليات انتقاء لأعضاء لم تثبت نجاحها بنسبة كبيرة، في حين يهمل البعض الآخر الذي قد يكون على نجاح منها.

أما بوجود هذه الأداة فيمكن للجراح أن يلتقط صورة للعضو المتبرع به، وتحميله إلى الأداة للحصول على إجابة فورية عن الطريقة الفضلى لاستخدام هذا العضو، فهو يقوم بتقييم صور الأعضاء المانحة بشكل أكثر فاعلية ما يمكن للعين البشرية القيام به، ويرى المدير الطبي في المؤسسة في هذا المشروع تطوراً مذهلاً في البنية التحتية التكنولوجية والتي بمجرد التحقق من صحتها ستمكّن الجراحين من اتخاذ قرارات أكثر استنارة حول طريقة استخدام الأعضاء وتسريع عملية النقل لهؤلاء المدرجة أسماؤهم على قوائم الانتظار.

علاج أورام المخ

في السياق ذاته، ستتمكن أداة ذكاء اصطناعي جديدة من مساعدة جراحي الأعصاب في علاج أورام المخ بشكل أسرع وأكثر دقة، وفقاً لدراسة أصدرتها كلية الطب بجامعة “هارفارد”، الأسبوع الفائت، إذ يمكن أن يساعد التعلم الآلي في تحليل الأورام الدبقية glioma، وهي نوع من الأورام العدوانية التي تبدأ في المخ أو العمود الفقري وتنشأ من الخلايا الدبقية، وكانت سبباً في وفاة بو بايدن، النائب العام السابق في ولاية ديلاوير والابن الأكبر للرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، وجون ماكين السيناتور بمجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية أريزونا.

وتكتسب هذه الأداة أهميتها انطلاقاً من مدى تعقيد هذا المرض ومتطلبات علاجه، فبحسب كون هسينج يو الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، يحتاج جراحو الأعصاب إلى كم كبير من المعلومات لإزالة الورم الدبقي بأمان من دون إتلاف أنسجة المخ المحيطة به، ولكن هذه المعلومات لا يمكن الحصول عليها في كثير من الأحيان أثناء وجود المريض على طاولة الجراحة.

فعند إجراء عملية جراحية لمرضى سرطان الدماغ، يرسل الأطباء قطعة من العينة إلى مختبر علم الأمراض للحصول على ردود فعل فورية في الوقت الفعلي للعملية، ليخبرهم أخصائيو علم الأمراض ما إذا كانوا يقطعون الأنسجة الصحيحة أو نوع السرطان الذي يعاني منه المريض تحديداً، ويستغرق تحليل عينة من أنسجة المخ في غضون 10 إلى 15 دقيقة، في الوقت الذي تكون فيه العملية نشطة أي تكون جمجمة المريض مفتوحة على طاولة الجراحة.

وتتطلب هذه اللحظة من العلماء التخلي عن كل شيء لإعطاء الأولوية للعينات القادمة من العمليات الجراحية النشطة، الأمر الذي يعرّضهم لضغوط عدة، وقد ينتج في بعض الأحيان تشخيص خاطئ ناشئ عن هذه العملية السريعة، بحسب “الغارديان”، بالتالي، يمكن أن تساعد هذه الأداة في تسريع تحليل الورم الدبقي وجعله أكثر دقة وبالتالي تقليل الوقت الذي يقضيه المرضى في غرفة العمليات، ومساعدة الأطباء على تحديد أكثر دقة لوضع المريض في غرفة العمليات واتخاذ القرار بسرعة وثقة أكبر.

لكن هذه التكنولوجيا لن تكون جاهزة للاستخدام السريري خلال السنوات القريبة المقبلة، نظراً لأنها تتطلب الضوء الأخضر من قبل إدارة الغذاء والدواء.

روبوت محادثة طبي

من جهة أخرى، تختبر “جوجل” اليوم تقنية chatbot الطبية الخاصة بها والمدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي أطلقت عليها اسم “ميد بالم”، وكانت الشركة قد بدأت، في أبريل (نيسان) الفائت، اختبار النظام مع العملاء في مستشفى الأبحاث Mayo Clinic بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وتراهن “جوجل” على تقديم “ميد بالم” أداء أفضل في عملية إجراء محادثات حول الرعاية الصحية نظراً لتزويدها بالأسئلة والأجوبة من اختبارات سابقة، إذ تم تدريبها وبرمجتها بناء على كميات هائلة من النصوص التي ينتجها الإنسان، ووفقاً للمسؤولين في “جوجل” وللأبحاث التي نشرتها الشركة، يمكن استخدام “البوت” اليوم لتوليد ردود على الأسئلة الطبية وأداء مهام مثل تلخيص المستندات أو تنظيم رزم البيانات الصحية، كما أكدت الشركة من خلال مسؤوليها أن العملاء الذين يختبرون “ميد بالم” سيحتفظون بحق التحكم في بياناتهم ضمن إعدادات مشفرة لا يمكن لشركة التكنولوجيا الوصول إليها.

علماً أن روبوت المحادثة الطبي الخاص بـ “جوجل” اجتاز الفحص الطبي الأميركي محققاً في نسخته الأولى نسبة 67.2 في المئة، وفي نسخته الثانية 85.6 في المئة، ويعد اختبار الطب في الولايات المتحدة واحداً من أصعب الاختبارات في هذا المجال، ويمكّن النجاح فيه صاحبه من مزاولة مهنة الطب في البلاد.

لكن الأطباء والمسؤولين في مجال الرعاية الصحية لديهم وجهة نظر أخرى، فهم يجدون أن برامج من هذا النوع لا تزال بحاجة إلى مزيد من التطوير والاختبار قبل استخدامها لتشخيص المرضى واقتراح العلاجات، إذ تطرح أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية مجموعة جديدة من المخاطر نظراً لإمكانية استخدامها في إنتاج ردود موثوقة على الأسئلة الطبية، ما قد يؤثر على المرضى بشكل سلبي.

اترك رد

Your email address will not be published.