AI بالعربي – متابعات
تشهد متصفحات الإنترنت تطورًا غير مسبوق مع تزايد دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في بنيتها الأساسية، ما جعلها أكثر تفاعلًا وذكاءً من أي وقت مضى.
وقد تصاعد هذا الاتجاه مؤخرًا بعد إطلاق OpenAI متصفحها الجديد ChatGPT Atlas، وإضافة مايكروسوفت ميزة “وضع المساعد الذكي” إلى متصفح إيدج.
سباق السيطرة على بوابة الإنترنت
تسعى الشركات الكبرى إلى تحويل المتصفحات إلى منصات ذكية تدمج المساعدات الرقمية مباشرة في تجربة الاستخدام. هذا التوجه يحوّل المتصفح من مجرد أداة تصفح إلى شريك رقمي يوجّه المستخدم ويفهم نواياه.
فقد أضافت جوجل نموذجها Gemini إلى متصفح كروم، فيما أطلقت أوبرا متصفحها الجديد Neon. كما برز متصفح Dia من شركة The Browser Company، في حين تنافس شركات ناشئة مثل Perplexity بمتصفحها Comet.
هذه المنافسة تعكس طموحًا واضحًا للسيطرة على بوابة الدخول إلى الإنترنت من خلال دمج الذكاء الاصطناعي مباشرة في الواجهة الأساسية للمستخدم.
ثغرات أمنية تكشف المخاطر الكامنة
رغم الطابع الثوري لهذه التقنيات، فقد كشفت الأسابيع الأخيرة عن ثغرات خطِرة في متصفح ChatGPT Atlas تتيح للمهاجمين استغلال ذاكرة النظام الداخلية لحقن أكواد ضارة، ومنح أنفسهم صلاحيات أعلى أو نشر برمجيات خبيثة.
كما أُبلغ عن ثغرات في متصفح Comet تتيح تنفيذ تعليمات خفية داخل نظام الذكاء الاصطناعي نفسه.
واعترف كبير مسؤولي أمن المعلومات في OpenAI، دان ستوكي، ومعه فريق Perplexity بخطورة ما يُعرف بهجمات “حقن الأوامر”، التي ما زالت تمثل تحديًا تقنيًا غير محسوم حتى الآن.
ما هي هجمات “حقن الأوامر”؟
يُقصد بـ”حقن الأوامر” إدخال تعليمات خبيثة داخل محتوى يبدو طبيعيًا، مثل صفحة ويب أو ملف PDF أو نموذج إدخال بيانات.
تعمل هذه الأوامر على خداع النموذج الذكي وإجباره على تنفيذ أفعال لم يُصرح بها المستخدم، مثل الكشف عن معلومات حساسة أو تنفيذ عمليات داخلية.
هذا النوع من الهجمات يمثل تهديدًا مباشرًا لأنظمة الذكاء الاصطناعي المتصلة بالمتصفحات الحديثة.
تهديدات الخصوصية تتوسع بلا قيود
يحذر باحثو الأمن السيبراني من أن متصفحات الذكاء الاصطناعي تجمع بيانات أوسع من أي وقت مضى، بما في ذلك أنشطة التصفح والبريد الإلكتروني والمحادثات مع المساعد الذكي.
هذه القدرات التحليلية الهائلة تجعل من السهل بناء ملفات تعريف دقيقة للمستخدمين، وهو ما قد يُستغل في الإعلانات الموجهة أو عمليات التجسس الرقمي.
ويرى الخبراء أن تسارع الشركات في طرح المزايا الجديدة دون تدقيق أمني كافٍ قد يؤدي إلى نتائج كارثية، خصوصًا في الإضافات المفتوحة المصدر التي تفتقر إلى ضوابط المراجعة.
الوكلاء الأذكياء.. ميزة مثيرة ومخاطرة محتملة
تُعد خاصية “الوكلاء الأذكياء” من أبرز الابتكارات في هذا الجيل من المتصفحات.
إذ يمكن لهذه الأنظمة تنفيذ الأوامر نيابة عن المستخدم والتفاعل مع المواقع تلقائيًا.
لكن هذا التفاعل قد يتحول إلى خطر عند مواجهة محتوى يحمل تعليمات خفية أو روابط مُضللة.
فمن السهل خداع النظام وجعله ينفذ تعليمات لم يكن المقصود بها المستخدم، ما يفتح الباب أمام الاختراقات وسرقة البيانات.
نصائح للحماية من مخاطر التصفح الذكي
ينصح الخبراء بعدم الاعتماد الكامل على أدوات الذكاء الاصطناعي في المتصفحات الحالية.
كما يُستحسن تفعيل خيار “التصفح دون ذكاء اصطناعي” بشكل افتراضي، واستخدام المزايا الذكية فقط عند الحاجة.
ويُفضل حصر التفاعل في مواقع موثوقة، وتجنب تحميل الملفات أو النماذج من مصادر مجهولة.
فالوعي البشري يبقى خط الدفاع الأقوى أمام هذه الأنظمة التي لا تزال في طور التجربة.
معضلة الذكاء الاصطناعي في التصفح
تواجه الشركات تحديًا معقدًا: فكلما زاد دمج الذكاء الاصطناعي داخل المتصفحات، زادت احتمالات الخطر الأمني.
لكن في الوقت ذاته، فإن تقليص قدرات هذه الأنظمة يفقدها الميزة الأساسية التي تميزها عن المتصفحات التقليدية.
هكذا، يبقى المستخدم في منتصف المعادلة بين الراحة والخصوصية، وبين الذكاء الرقمي والمخاطر الخفية التي تترصده.








