
AI بالعربي – متابعات
تشهد المؤسسات حول العالم تحولًا جذريًا مع الموجة الثانية من الذكاء الاصطناعي، التي لم تعد تقتصر على إنشاء النصوص أو الصور، بل تتجاوزها لإعادة صياغة أساليب العمل.
وفي هذا السياق، أعلنت “جوجل كلاود” عن منصتها الجديدة “Gemini Enterprise”، التي وصفها الرئيس التنفيذي للشركة توماس كوريان بأنها “المدخل الجديد للذكاء الاصطناعي في بيئة العمل”.
قال كوريان خلال لقاء إعلامي خاص مع صحيفة “الشرق الأوسط”: “الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة تحدث مرة واحدة في الجيل لإعادة تعريف كيفية إدارة الأعمال وبناء المنتجات”.
وأضاف أن الموجة الأولى من الذكاء الاصطناعي، رغم إمكاناتها الكبيرة، ظلت محصورة في جزر منعزلة، بينما جاءت فكرة “Gemini Enterprise” لتوحيد السياق والبيانات والمستخدمين ضمن منظومة واحدة تجعل الذكاء الاصطناعي جزءًا من كل وظيفة وقرار.
منصة موحدة من البنية التحتية إلى نماذج الذكاء
تتبع “جوجل كلاود” نهجًا تكامليًا يبدأ من البنية التحتية المصممة خصيصًا للذكاء الاصطناعي، مثل وحدات المعالجة الرسومية (GPU) ووحدات التنسور (TPU)، وصولًا إلى نماذج “جيميناي” المبنية على أحدث تقنيات “DeepMind”.
وأوضح كوريان أن الشركة لا تقدم أدوات منفصلة بل نظامًا متكاملًا من المعالجات والنماذج والوكلاء القادرين على تحويل سير العمل بالكامل. هذا التكامل جعل تسعة من أكبر عشرة مختبرات ذكاء اصطناعي في العالم تعتمد على “جوجل كلاود”، إضافة إلى %65 من عملاء الشركة الذين يستخدمون حلولها السحابية الذكية.
“Gemini Enterprise” كعقل رقمي موحد للمؤسسات
تمثل المنصة ما يشبه “العقل المؤسسي الرقمي”، إذ تجمع واجهة دردشة موحدة كل بيانات المؤسسة في مكان واحد. يمكن للموظف من خلالها التفاعل مع البيانات، أو تشغيل الوكلاء الذكيين، أو تنفيذ الأوامر وتحليل المعلومات دون أي معرفة برمجية.
وترتكز المنصة على ست ركائز أساسية تشمل:
- نماذج “Gemini” المتقدمة التي تشكل الجهاز العصبي للمؤسسة.
- مساحة عمل بلا أكواد “Workbench” تمكّن الموظفين من إنشاء وكلاء ذكيين بسهولة.
- مجموعة من الوكلاء الجاهزين للبحث والتحليل العميق.
- موصلات تربط المنصة ببيانات أنظمة مثل Google Workspace وMicrosoft 365 وSalesforce وSAP.
- نظام حوكمة مركزي لإدارة الأمن والتحكم في أنشطة الوكلاء.
بيئة مفتوحة تضم أكثر من 100 ألف شريك من مطوري البرمجيات والخدمات السحابية.
وأكد كوريان أن “الفرق بيننا وبين من يقدمون أدوات متفرقة هو أننا نوفر منصة متكاملة قابلة للتشغيل الفوري”.
من المساعد الافتراضي إلى التشغيل الذكي الكامل
تتجاوز “Gemini Enterprise” فكرة المساعد الافتراضي لتتحول إلى منصة تدير العمليات المعقدة داخل المؤسسات. ففي قطاع البنوك، تستخدم “Banco BV” المنصة لتوليد التحليلات تلقائيًا بدلًا من إجرائها يدويًا، مما يمنح المديرين وقتًا أطول لتطوير الأعمال.
وفي المجال القانوني، يعتمد نظام “Harvey AI” على المنصة لتسريع مراجعة العقود وتقليل الجهد البشري. أما “Macquarie Bank” فاستفاد من الذكاء الاصطناعي في “جيميناي” لخفض التحذيرات الكاذبة بنسبة 40%، وزيادة اعتماد العملاء على الخدمة الذاتية بنسبة 38%.
ذكاء يعزز الإنسان بدلًا من استبداله
أوضح كوريان أن الهدف من “Gemini Enterprise” هو دمج الذكاء الاصطناعي في حياة كل موظف. ومن أبرز الأمثلة تجربة شركة “Virgin Voyages” التي طورت وكيلًا ذكيًا باسم “Email Ellie” لإنشاء رسائل تسويقية مخصصة، ما أدى إلى تقليص زمن الحملات بنسبة 75%، وخفض الاعتماد على الوكالات الخارجية بنسبة 35%.
كما زادت سرعة إنتاج المحتوى بنسبة 40%، وارتفعت معدلات فتح البريد بنسبة 32%، والنقر بنسبة 27%، والتحويلات بنسبة 22%. وقال كوريان: “هذا بالضبط ما بُنيت Gemini Enterprise لأجله: تمكين كل شخص من إنشاء وكيله الذكي الخاص وتحويل طريقة عمله بالكامل”.
الحوكمة والأمان في صميم المنصة
تركز “Gemini Enterprise” على مفاهيم الحوكمة والشفافية وحماية البيانات، إذ يعمل كل وكيل ضمن صلاحيات محددة وفق لوائح الأمان والخصوصية. وأكد كوريان أن بيانات العملاء تظل ملكًا لهم وحدهم، وأن الشركة تلتزم بمعايير السيادة الوطنية في كل سوق تعمل فيه.
كما توفر المنصة نظام تدقيق موحد يراقب كل العمليات التي ينفذها الوكلاء، بما يتماشى مع معايير “ISO 27001” وقوانين الامتثال المحلية. ومن خلال أدوات مثل “Gemini CLI” و”Development Kit”، فتحت “جوجل” الباب أمام ما تسميه “اقتصاد الوكلاء”، حيث يمكن للمطورين بناء وكلاء مستقلين يتفاعلون مع بعضهم عبر بروتوكولات مفتوحة.
من الذكاء المؤسسي إلى الذكاء اليومي
بينما تركز “جوجل كلاود” على دعم المؤسسات عبر “Gemini Enterprise”، توسّع الشركة في الوقت ذاته نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي للمستهلكين الأفراد. فقد أطلقت “جوجل” مؤخرًا “وضع الذكاء الاصطناعي” (AI Mode) في “بحث جوجل” بـ36 لغة جديدة، من بينها العربية، ليصل إلى أكثر من 200 دولة حول العالم.
ويقدم هذا الوضع تجربة بحث أكثر فهمًا وسياقية بفضل نموذج “Gemini 2.5″، حيث يمكن للمستخدم طرح أسئلة مركبة ومتابعتها باستفسارات تفصيلية عبر الكتابة أو الصوت أو الصور. وتعتمد التجربة على تقنية “Query Fan-out” التي تحلل الأسئلة إلى موضوعات فرعية وتستكشف الويب في وقت واحد لتقديم نتائج أكثر عمقًا.
وبحسب بيانات “جوجل”، فإن مستخدمي وضع AI في الأسواق السابقة يطرحون أسئلة أطول بمرتين إلى ثلاث مرات من البحث التقليدي، ما يعكس ارتفاع مستوى الثقة في قدرات الذكاء الاصطناعي. بهذه الخطوة، تواصل الشركة ربط عالم الأفراد بعالم المؤسسات ضمن منظومة واحدة تمتد من البحث اليومي إلى إدارة الأعمال الذكية.