فقاعة الذكاء الاصطناعي.. بين الثورة التقنية والمخاطر المالية

AI بالعربي – متابعات

تشهد سوق الذكاء الاصطناعي تضخمًا استثماريًا يشبه فقاعة الإنترنت في عام 1999، مع تقييمات مبالغ فيها وتمويلات ضخمة لشركات ناشئة دون جدوى تجارية واضحة. ورغم التحذيرات، يستمر الإنفاق بدعم من شركات كبرى مثل “مايكروسوفت” و”جوجل”، بينما يرى الخبراء أن التصحيح قادم لا محالة.

ما المقصود بـ “الفقاعة السوقية”؟

الفقاعة هي حالة اقتصادية تبدأ بارتفاع سريع في أسعار الأصول إلى مستويات غير واقعية. يقودها غالبًا حماس مفرط وخوف من تفويت الفرصة، ثم يعقبها انهيار مفاجئ يُعرف بـ “فرقعة الفقاعة”.

كيف تنشأ الفقاعة؟

الاقتصادي الأميركي “هايمان مينسكي” حدد خمس مراحل رئيسية:

  1. “الإزاحة”: ظهور تكنولوجيا جديدة.
  2. “الازدهار”: تدفق الاستثمارات الكبيرة.
  3. “النشوة”: تفاقم المضاربات.
  4. “جني الأرباح”: انسحاب المستثمرين الكبار.
  5. “الذعر”: انهيار الأسعار وهروب جماعي من السوق.
لماذا يصعب اكتشاف الفقاعة أثناء تكوّنها؟

لأنها تبدو في البداية كقصة نجاح. ترتفع الأسعار دون مبرر اقتصادي حقيقي، ولا تظهر الفقاعة إلا عند فشل الشركات في تحقيق الأرباح المتوقعة أو تبرير تقييماتها الضخمة.

مؤشرات على “فقاعة الذكاء الاصطناعي”

تشير الدلائل إلى أن السوق يعيش حالة تضخم واضحة:

  • سلوك السوق: إعلان “ديب سيك” الصيني أدى لخسارة تريليون دولار من أسهم التكنولوجيا، وهبوط سهم “إنفيديا” بنسبة 17% في يوم واحد.
  • الارتداد السريع: رغم ذلك، عادت “إنفيديا” لتصبح الشركة الأعلى قيمة في العالم بقيمة 4 تريليونات دولار.
  • تشابه مع فقاعة الإنترنت: ضخ أموال في شركات تفتقر لنماذج ربحية واضحة.
هل يعيد التاريخ نفسه؟

في نهاية التسعينيات، استثمرت الشركات مليارات في مشروعات غير مدعومة بأرباح فعلية. واليوم، المشهد يتكرر في الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على “عدد المستخدمين” بدل الإيرادات.

هل الانهيار وشيك؟

الآراء منقسمة.
يقول “بريت تايلور”، رئيس مجلس إدارة “أوبن إيه آي”:
“نعم، هناك تشابه مع فقاعة الإنترنت. بعض الشركات ستنهار، لكن سنرى ولادة عمالقة جدد كما حدث مع أمازون وجوجل.”

ما الذي يميز فقاعة الذكاء الاصطناعي؟

الفرق أن الذكاء الاصطناعي “ثورة حقيقية” وليست موضة مؤقتة. لكنه يعتمد على إنفاق ضخم في مراكز البيانات والطاقة دون وضوح في الأرباح المستقبلية، مما يزيد احتمالات التصحيح.

مؤشرات على تضخم السوق
  • تمويلات قياسية: شركات ناشئة تُقيّم بأكثر من مليار دولار دون منتج فعلي.
  • تكرار التمويل دون جدوى: استثمارات مبكرة غير مدعومة بنتائج ملموسة.
  • تشابكات مالية مغلقة: مثل تبادل الاستثمارات بين “مايكروسوفت” و”أوبن إيه آي”.
  • اعتماد على رأس مال ضخم: تكلفة تشغيل النماذج تتجاوز الإيرادات المتوقعة.
  • ارتفاع أسهم مبالغ فيه: مثل “إنفيديا” و”آرم” اللتين قد تواجهان تصحيحًا سريعًا.
أبرز الشركات داخل دائرة الفقاعة
الشركةالتقييم المعلنأبرز المستثمرينالتحذيرات
xAI24 مليار دولارمستثمرون بينهم “إيلون ماسك”منتجات محدودة، تضخم بالتوقعات
Inflection AIأكثر من 4 مليارات دولار“مايكروسوفت” و”إنفيديا”منتج ضعيف الانتشار
Cohere3 مليارات دولار“سيلز فورس” و”إنفيديا”لا اختراق جماهيري حتى الآن
Runwayعدة مليارات“Google Ventures”عوائد محدودة رغم الضجة الإعلامية
سباق الإنفاق الرأسمالي

تشير تقارير “بلومبرغ” إلى أن إنفاق شركات التقنية الكبرى — “مايكروسوفت”، “أمازون”، “ألفابت”، “ميتا” — سيتضاعف من 200 مليار دولار في 2024 إلى 400 مليار في 2026.

هذا يعكس ثقة طويلة الأمد، لكنه أيضًا مؤشر على “التفاؤل المفرط” الذي يغذي الفقاعة.

الاستحواذ من أجل الكفاءات

من أبرز الاتجاهات الجديدة ما يُعرف بـ “الاستحواذ لغرض التوظيف” (Acquihiring).
في مايو 2025، اشترت “OpenAI” شركة “Windsurf” مقابل 3 مليارات دولار فقط لجذب فريقها الهندسي، لا منتجاتها.

تصريحات “جيف بيزوس”: فقاعة بنكهة صناعية

قال “جيف بيزوس” رئيس مجلس إدارة “أمازون”: “ما نعيشه فقاعة صناعية. سيخسر البعض أموالهم، لكنها ستثمر عن شركات وأفكار ستغيّر العالم.”

وأوضح أن حماس المستثمرين يمول كل مشروع دون تمييز، تمامًا كما حدث في فقاعة الإنترنت قبل 25 عامًا، التي انتهت بانفجار مؤلم لكنها غيّرت وجه الاقتصاد.

هل نحن في فقاعة؟
الجواب الأقرب هو: “نعم، ولكنها فقاعة بنكهة حقيقية.”
الذكاء الاصطناعي ليس وهمًا استثماريًا، لكنه يعيش تضخمًا مؤقتًا في التقييمات سيؤدي إلى تصحيح قريب.
من يستثمر بعقلانية قد يربح مستقبلًا، أما من يركض وراء الضجيج، فسيكون أول من يدفع الثمن.

  • Related Posts

    تحذيرات من سباق “الذكاء الاصطناعي العام”.. بين الطموح والخطر

    يحذّر خبراء بريطانيون من سباق الذكاء الاصطناعي العام، مؤكدين أن السعي وراء ذكاء يشبه البشر قد يتحول إلى مغامرة خطيرة تهدد المجتمعات.

    لماذا تكبّدت الشركات خسائر بعد تبنّي الذكاء الاصطناعي؟

    AI بالعربي – متابعات كشف استطلاع أجرته شركة “إي.واي” أن معظم الشركات الكبرى التي بدأت في اعتماد الذكاء الاصطناعي تكبّدت خسائر مالية أولية، نتيجة مشكلات تتعلق بعدم الامتثال أو التحيز…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    مقالات

    حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

    • أكتوبر 1, 2025
    • 210 views
    حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

    الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

    • سبتمبر 29, 2025
    • 225 views
    الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

    تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتساؤلات البشر

    • سبتمبر 26, 2025
    • 151 views
    تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتساؤلات البشر

    كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟

    • سبتمبر 24, 2025
    • 173 views
    كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟

    الذكاء الاصطناعي في قاعة التشريفات: ضيف لا مضيف

    • سبتمبر 18, 2025
    • 108 views
    الذكاء الاصطناعي في قاعة التشريفات: ضيف لا مضيف

    الإعلام والذكاء الاصطناعي.. ستة مصادر للقلق

    • سبتمبر 15, 2025
    • 116 views
    الإعلام والذكاء الاصطناعي.. ستة مصادر للقلق