هل يدفع الذكاء الاصطناعي المجتمع نحو مستقبل أكثر أخلاقية؟

27

AI بالعربي – خاص

يمكن بناء مجتمع أكثر أخلاقيَّة إذا أعدنا التفكير في الطريقة التي نُصمِّم ونطور بها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، خاصة أن الأتمتة والروبوتات في وقتنا الحالي باتت تدخل في صلب جميع القطاعات في حياتنا اليومية.

والقوانين الثلاثة للروبوتات، التي تَنصُّ على أن الروبوت لا يمكن أن يؤذي الإنسان أو يسمح له بالتعرض للأذى، ويجب أن يطيع الأوامر الصادرة عن البشر، ويجب أن يحمي وجوده؛ قد وضعها “إسحاق أسيموف” مُنذ 80 عامًا، أي قبل وقت طويل من أن يصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة واقعة. ومع ذلك، لا يزال قادرًا على توضيح كيفية تعامل البشر مع التحديات الأخلاقية للتكنولوجيا من خلال حماية المستخدمين.

لا تتعلق التحديات الأخلاقية المرتبطة بالتكنولوجيا في جوهرها بالتكنولوجيا نفسها، بل هي مشكلة اجتماعية؛ لذلك يمكن استخدام التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، لتمكين المستخدمين ومساعدتنا في بناء مجتمع أكثر أخلاقية.

الذكاء الاصطناعي والتحيُّز البشري

لطَالما كان هناك خوف من أن ينجح البشر في صنع آلات ذكية جدًا بحيث ينتهي بهم الأمر بالتمرد على منشئها. ومع ذلك، في الأيام الأولى لتقنيات الحوسبة والبيانات في الستينيات، لم يكن هذا مصدر قلق رئيسيًا.

وكان هناك اعتقاد بأنه نظرًا لأن البيانات كانت موضوعية وعلمية، فإن المعلومات الناتجة ستكون صحيحة وذات جودة عالية، وتم اشتقاقه من خوارزمية بنفس الطريقة التي يتم بها اشتقاق شيء ما من عملية حسابية. وأوضح “جوان كاساس روما”، الباحث في جامعة كاتالونيا المفتوحة، أن الذكاء الاصطناعي كان موضوعيًا، لذا ساعدنا في القضاء على التحيُّز البشري.

لم يكن هذا هو الحال، وسرعان ما أدرك العلماء أن البيانات والخوارزميات تكرر النظرة العالمية للشخص الذي كان يستخدم البيانات أو يصمم النظام؛ هذا يعني أن التكنولوجيا لم تقضِ على التحيُّزات البشرية، وبدلاً من ذلك كانت تنقلهم إلى وسيط جديد.

بمرور الوقت، تعلمنا أن الذكاء الاصطناعي ليس بالضرورة موضوعيًا، وبذلك يمكن أن تكون قراراته شديدة التحيُّز. وأوضح “كاساس روما”، أن القرارات أدت إلى استمرار عدم المساواة، بدلاً من إصلاحها.

عندما تم إدراك أن الذكاء الاصطناعي ليس موضوعيًا، اُتخذ إجراءات لاحتواء آثاره الضارة. ونشأ السؤال الأخلاقي للذكاء الاصطناعي من الحاجة إلى بناء درع بحيث لا تستمر الآثار غير المرغوبة فيها للتكنولوجيا على المستخدمين. قال “كاساس روما”: “كان من الضروري القيام بذلك”.

من خلال رد الفعل بهذه الطريقة، يمكن استكشاف العلاقة بين التكنولوجيا والأخلاق بشكل كبير، كما أنه يلقي الضوء على كيف يمكن للتكنولوجيا أن تحرك المجتمع نحو مستقبل أكثر أخلاقية.

العلاقة بين الأخلاق والتكنولوجيا

يَهدُف الاتحاد الأوروبي حاليًا إلى التحرك نحو مجتمع أكثر شمولاً وتكاملاً وتعاونًا. لتحقيق ذلك، قد تكون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي عقبتين رئيسيتين؛ ولكن على قدم المساواة، يمكن أن تكون مفيدة جدًا.

قال “كاساس روما”: “اعتمادًا على كيفية تصميم تفاعل البشر مع الذكاء الاصطناعي، يمكن تعزيز مجتمع أكثر تعاونًا”.

في السنوات الأخيرة، انطلق التعليم عبر الإنترنت بشكل كبير. وفَّر التعلم الرقمي العديد من الفوائد، ولكنه قد يجعل المستخدمين يشعرون بالعزلة أيضًا.

وأوضح “روما”، أنه يمكن للتكنولوجيا أن تشجع على إحساس أكبر بالتعاون وأن تخلق إحساسًا أكبر بالمجتمع. على سبيل المثال، بدلاً من وجود نظام يقوم بتصحيح التمارين تلقائيًا فقط، يمكن للنظام أيضًا إرسال رسالة إلى زميل آخر في الفصل قام بحل المشكلة ليسهل على الطلاب مساعدة بعضهم بعضًا. إنها مجرد فكرة واحدة لفهم كيف يمكن تصميم التكنولوجيا لمساعدتنا على التفاعل بطريقة تعزز المجتمع والتعاون.

يعتقد “كاساس روما”، أن المنظور المثالي الأخلاقي للتكنولوجيا يمكن أن يخلق فرصًا جديدة لتحقيق فوائد أخلاقية للمستخدمين والمجتمع ككل. ويجب أن يكون لهذا النهج الخصائص التالية:

* توسعية: يجب تصميم التكنولوجيا للسماح لمستخدميها بالازدهار.

* مثالية: يجب أن يكون الهدف النهائي حول كيف يمكن للتكنولوجيا أن تجعل الأشياء أفضل.

* تمكينية: يجب أن تعزز الإمكانيات التي أوجدتها التكنولوجيا النمو الأخلاقي للمستخدمين والمجتمعات.

* تغيرية: يمكن إعادة تشكيل المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الحالي لتمكين التقدم نحو حالة مثالية مختلفة.

* قائمة على المبادئ: ينبغي النظر إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على أنهما فرصة لتعزيز السلوكيات والتفاعلات والممارسات التي تتوافق مع بعض المبادئ الأخلاقية المرغوبة.

إنها ليست مسألة بيانات أو خوارزميات. إنها مسألة إعادة التفكير في كيفية تفاعلنا، وكيف نود أن نتفاعل، وما نقوم بتمكينه من خلال تقنية تفرض نفسها كوسيط.

وذكر “روما”، أن هذه الفكرة ليست اقتراحًا يتعلق بقوة التكنولوجيا، بل طريقة التفكير وراء من يصمم التكنولوجيا. إنها دعوة إلى نقلة نوعية، وتغيير في العقلية. الآثار الأخلاقية للتكنولوجيا ليست مشكلة تكنولوجية، بل مشكلة اجتماعية. إنهم يطرحون مشكلة كيف نتفاعل بعضنا مع بعض ومع محيطنا من خلال التكنولوجيا.

اترك رد

Your email address will not be published.