10 مجالات سيغيّر فيها الذكاء الاصطناعي حياتنا اليومية.. أبرزها التعليم والصحة والصناعة
AI بالعربي – متابعات
في زمن تتسارع فيه التحولات التقنية بوتيرة غير مسبوقة، يبرز الذكاء الاصطناعي كقوة ثورية ستعيد صياغة حاضرنا وتفتح أبوابًا غير محدودة للمستقبل. فمن غرف العمليات الجراحية إلى قاعات التدريس، ومختبرات الأبحاث وصولًا إلى المصانع، يتغلغل الذكاء الاصطناعي يومًا بعد يوم في تفاصيل حياتنا اليومية، ممهّدًا الطريق لعالم جديد، تتشابك فيه إمكانيات الإنسان والآلة بشكل لم نشهده من قبل.
وضمن هذا المشهد المتغيّر، كشفت مجلة “تايم” في تقرير اطّلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، عن عشر مجالات سيحدث فيها الذكاء الاصطناعي تحوّلًا جذريًا، مشكّلًا ملامح عالم جديد، يعيد تعريف العمل والحياة اليومية.
تطوير اللقاحات
أظهرت تجربة العالم مع لقاحات “كوفيد-19” أن ما كان يحتاج عقودًا لإتمامه، بات إنجازه ممكنًا في وقت قياسي. وصحيح أن السرعة في تطوير لقاحات كوفيد-19 لم تكن نتيجة عمل أدوات الذكاء الاصطناعي فقط، بل أيضًا سنوات من الأبحاث المتعلقة بالـ mRNA، والدعم السياسي والمالي غير المسبوق، إلا أن هذا الواقع تغيّر في 2025 مع تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
فبفضل ترسانة جديدة من الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن حاليًا تفسير الشيفرة الجينية للأوبئة، وجدولة بيانات التجارب السريرية بسرعة فائقة، ما يُمهّد الطريق لتطوير لقاحات بشكل سريع جدًا في المستقبل.
ويؤكد تيموثي إندي من “تحالف ابتكارات التأهب للأوبئة” CEPI، أن العالم بات قادرًا على تصميم لقاح جديد خلال أيام قليلة عند ظهور مرض وبائي، مع هدف طموح هو تطوير ونشر لقاح كامل خلال 100 يوم فقط من ظهور الوباء، مشيرًا إلى أن العالم أصبح قريبًا جدًا من تحقيق ذلك.
العلاقات بين الإنسان والآلة
أصبحت العلاقات بين الإنسان والآلة جزءًا من حياتنا اليومية، فالملايين من الأشخاص يلجأون حاليًا إلى روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للعب دور يمزج بين زميل العمل والمساعد الشخصي الذي يوفّر استشارات تساعد في اتخاذ القرارات اليومية.
ومن المتوقع أن تتطور هذه الروبوتات بشكل أكبر في المستقبل، لتصبح أكثر قدرة على تقديم الدعم في الأعمال، والمشورة الشخصية، والمساعدة التعليمية، وربما حتى لعب أدوار اجتماعية أكثر تعقيدًا مثل المشاركة في العلاج النفسي الموجّه، مما يجعلها جزءًا فاعلًا من حياتنا اليومية وعلاقاتنا الإنسانية.
وتقول كيت ديفلين، الأستاذة في كلية كينجز كوليدج لندن، إن هناك فائدة من إقامة صداقة مع الذكاء الاصطناعي طالما أن الناس يدركون أنه ليس واعيًا، محذّرة من أن الأشخاص الأكثر ضعفًا مثل الأطفال قد يتم استغلالهم عند مشاركة مشاعرهم العميقة مع أدوات ذكاء اصطناعي غير مخصصة للعلاج النفسي.
تتبّع الحياة البرية
لمراقبة الحياة البرية، يستخدم دعاة حماية البيئة شبكة من الكاميرات التي تعمل بالحركة في بعض من أكثر مناطق العالم عزلة. وكان فرز الصور يدويًا يستغرق أسابيع، إلا أن أدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت قادرة على مسح ملايين الصور بسرعة وتحديد الحيوانات بدقة تصل إلى 99.4%، مما يتيح رصد التهديدات للتنوع البيولوجي والتعامل معها بسرعة غير مسبوقة.
التعليم
بينما تسعى المؤسسات التعليمية جاهدة للسيطرة على الذكاء الاصطناعي، أصبح استخدامه واسع الانتشار. ففي يوليو الماضي، تعاونت نقابات المعلمين الأميركية مع شركات “OpenAI” و”Microsoft” و”Anthropic” لتدريب 400000 معلم خلال خمس سنوات. وفي أغسطس، أعلنت “OpenAI” عن شراكة مع الحكومة الهندية لتوزيع أدواتها على المدارس.
ويتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا متناميًا في تخصيص المناهج وفقًا لقدرات واهتمامات الطلاب، وتقديم دعم فوري للمتعلمين، ومساعدة المعلمين في التقييم بكفاءة أعلى، وتمكين الطلاب من اكتساب مهارات جديدة بطريقة أكثر تفاعلية وواقعية.
إعادة التدوير الدائري
يتم إنتاج أكثر من 350 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنويًا. ولكن الإنزيمات المصممة بالذكاء الاصطناعي باتت قادرة على إعادة تدوير البلاستيك إلى مركبات كيميائية تُستخدم في التصنيع، مما يفتح آفاقًا جديدة لإدارة النفايات.
التشخيص الطبي
أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي التي تساعد في تشخيص السكتات الدماغية والسرطان وغيرها جزءًا لا يتجزأ من الرعاية الصحية. وأظهرت دراسة لشركة “Penda Health” أن النظام المدعوم بالذكاء الاصطناعي قلل أخطاء التشخيص بنسبة 16%.
ألعاب الأطفال
ظهرت ألعاب تعتمد على الذكاء الاصطناعي قادرة على التفاعل مع الأطفال بلغة تناسب أعمارهم. ومع تطورها، ستتحول إلى أدوات تعليمية وتربوية ذكية، لكن خبراء يحذّرون من مخاطرها إذا لم تُضبط بمعايير حماية دقيقة.
رسم خرائط الأرض
أعلنت “غوغل” عن نظام ذكاء اصطناعي يعمل كقمر صناعي افتراضي يدمج بيانات بصرية ورادارية ومناخية لتقديم صورة متكاملة عن الكوكب، ما يُساعد في التنبؤ بالكوارث الطبيعية والتخطيط الحضري المستدام.
أتمتة المصانع
أطلقت شركات مثل “شاومي” مصانع مؤتمتة بالكامل قادرة على إنتاج هاتف ذكي كل ست ثوانٍ. وفي الوقت ذاته، تطور “سيمنز” مساعدين صناعيين قادرين على توجيه الروبوتات وتشخيص الأعطال ذاتيًا، مما يرفع الكفاءة بنسبة تصل إلى 30%.
الطائرات العسكرية الذاتية
لم تعد الطائرات المسيّرة العسكرية خاضعة كليًا للتحكم البشري، إذ تتجه نحو الاستقلالية الكاملة. هذه الطائرات ستكون قادرة على اتخاذ قرارات تكتيكية في لحظات، ما يغيّر موازين القوى في الحروب.
أنظمة تتحسّن باستمرار
تقول هيلدا معلوف ملكي، مستشارة الذكاء الاصطناعي المعتمدة من أوكسفورد، إن الذكاء الاصطناعي انتقل من مرحلة الأدوات المساعدة إلى مرحلة الأنظمة المستقلة القادرة على “التعلّم الذاتي”، مما يرفع الدقة والكفاءة في كل المجالات، من الصحة إلى التعليم والصناعة.
وترى أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تعريف الحياة البشرية، لكنه يمثل في الوقت نفسه تحديًا وفرصة معًا، ما يتطلب تطوير مهارات جديدة وتعزيز الثقافة الرقمية، ووضع أطر أخلاقية واضحة خصوصًا في المجال العسكري، لضمان أن تصبح هذه الثورة التقنية أداة تمكين للبشرية لا تهديدًا لها.
قوة الذكاء الاصطناعي في العمل
وتكشف هيلدا معلوف ملكي، أنه في مجال التصنيع، أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة، تعتمد على نماذج تنبؤية Predictive Models لفحص خطوط الإنتاج لحظة بلحظة، وهذه النماذج تستطيع التنبؤ بالأعطال قبل وقوعها، وضبط أداء الروبوتات الصناعية وفقاً للظروف المتغيرة، مما يقلل الهدر ويزيد الإنتاجية، مشيرةً إلى أن التقنية الأساسية هنا، تعتمد على تحليل البيانات في الوقت الحقيقي، وربطها بخوارزميات التحسين المستمر، وهذا ما سيجعل المصانع المستقبلية شبه مستقلة ذاتياً.
تشخيص أسرع وعلاج أدق
وبحسب هيلدا معلوف ملكي، فإنه في المجال الطبي، باتت الخوارزميات القائمة على تحليل الصور الطبية والمعالجة الطبيعية للغة (NLP) تسمح لأنظمة الذكاء الاصطناعي بفحص الأشعة والتقارير الطبية بسرعة ودقة تتفوقان على الإنسان، مع القدرة على دمج التاريخ الطبي لكل مريض، لتقديم توصيات علاجية مخصصة، وهذا يعني أن الأنظمة لا تكتفي بتكرار المعرفة البشرية، بل تتجاوزها من خلال التعلم من ملايين الحالات الطبية، وتحليل الأنماط الدقيقة التي قد يغفلها البشر، في حين أن الذكاء الاصطناعي في التعليم سيستخدم نماذج تعلم فردية لتصميم محتوى تعليمي مخصص لكل طالب، ما سيجعل العملية التعليمية أكثر فعالية من أي وقت مضى.
فرصة وتحدٍ
وترى هيلدا معلوف ملكي، أن الجانب المستقبلي الأكثر إثارة، يكمن في ظهور بيئات رقمية فائقة الذكاء، سواء في المدن أو المصانع أو حتى المنازل، حيث سيكون الذكاء الاصطناعي حينها قادر على توقع الاحتياجات والتكيف مع المتغيرات بشكل لحظي، وتقديم حلول استباقية قبل وقوع المشكلات، مشيرةً إلى أنه من منظور عام، فإن الذكاء الاصطناعي سيعيد تعريف الحياة البشرية بكاملها، من العمل إلى التعليم والصحة والبيئة، ولكن يجب على العالم أن ينظر إلى هذا التحول كتحدٍ وفرصة معاً، حيث يتطلب التأقلم مع التكنولوجيا الحديثة، تطوير مهارات جديدة وتعزيز الثقافة الرقمية، ووضع أطر أخلاقية واضحة خصوصاً في الأمور العسكرية، لضمان أن تصبح هذه الثورة التقنية أداة تمكين للإنسان، لا تهديداً له أو لحياته.