صناعة الرأي بالصمت.. خوارزميات الترتيب تُحدّد ما نراه
AI بالعربي – متابعات
مقدمة
حين تفتح هاتفك صباحًا، وتتنقّل بين تطبيقات الأخبار أو وسائل التواصل، قد تظن أن ما تراه هو انعكاس لما يحدث في العالم. لكن الحقيقة مختلفة: ما يظهر أمامك ليس مجرد صدفة، بل نتيجة خوارزميات ترتيب تعمل في الخلفية لتحدد أولوياتك، بل وتشكل رأيك من خلال ما تخفيه أكثر مما تُظهره.
هنا تكمن المفارقة: الرأي يُصنع بالصمت، ليس بما يُقال فقط، بل بما يُحجب عنك عمدًا أو بآلية برمجية صامتة.
من الترتيب إلى السيطرة
-
خوارزميات جوجل تحدد أي المواقع تتصدر نتائج البحث.
-
فيسبوك وتويتر (إكس) يقرران ما يظهر أولًا في خطك الزمني.
-
نتفليكس ويوتيوب يعيدان ترتيب المحتوى وفق “الأولوية” التي يظنانها مناسبة لك.
هذا الترتيب ليس بريئًا، بل هو أداة سلطة ناعمة، تشكل وعي الجمهور ببطء ودون ضجيج.
آلية صناعة الرأي بالصمت
-
الاختيار المسبق: ما لا يُعرض عليك كأنه غير موجود أصلًا.
-
التكرار: ما يُعرض بشكل متكرر يترسخ كحقيقة في ذهنك.
-
الإقصاء الصامت: إخفاء أصوات أو اتجاهات فكرية بعيدة عن “المعايير”.
-
الانحياز المضمّن: الخوارزمية تحمل قيمًا خفية ينعكس أثرها في ترتيب النتائج.
أمثلة واقعية
-
الانتخابات الأمريكية: جدل واسع حول دور فيسبوك وتويتر في إبراز محتوى سياسي على حساب آخر.
-
كوفيد-19: منصات كبرى رتبت الأخبار بما يخدم سياسات معينة، وأخفت محتويات أخرى.
-
البحث العلمي: جوجل سكولار يُبرز أبحاثًا محددة ويخفي آلاف الدراسات الأقل انتشارًا.
-
الترفيه: منصات الفيديو تدفع الجمهور لمحتوى متشابه، فيتآكل التنوع الثقافي.
أثرها على الوعي الجمعي
-
تضييق الأفق: الجمهور يرى ما تسمح به الخوارزمية فقط.
-
إعادة تشكيل الأولويات: تتحول قضايا ثانوية إلى رئيسية بسبب الترتيب.
-
إلغاء الصدفة: اختفى عنصر الاكتشاف الحر للمعلومة أو الفكرة.
-
تسييس الثقافة: حتى الأغاني والأفلام قد تُرتب بما يخدم مصالح اقتصادية أو سياسية.
هل يمكن كسر الصمت؟
-
بالوعي أولًا: إدراك أن ما نراه ليس كل شيء.
-
عبر التشريعات: فرض شفافية على خوارزميات الترتيب.
-
عبر البدائل: منصات مفتوحة المصدر تسمح بمشاركة عادلة للمحتوى.
-
عبر التربية الإعلامية: تدريب المستخدمين على قراءة ما بين السطور، وما وراء الترتيب.
شاشة نتائج بحث تتحكم فيها الخوارزميات

رمزية للجمهور وهو يتلقى محتوى محدد مسبقًا

خوارزمية ترتيب تخفي محتويات خلف واجهة لامعة

س: كيف تُصنع الآراء عبر الخوارزميات؟
ج: عبر ترتيب ما يظهر أمام المستخدم، وإخفاء محتويات أخرى، ما يشكل الوعي الجمعي دون وعي مباشر.
س: هل الترتيب بريء دائمًا؟
ج: لا، فهو قد يحمل تحيزات تجارية أو سياسية أو ثقافية.
س: ما أثر ذلك على حرية الرأي؟
ج: يُقيدها ضمن نطاق ضيق تحدده المنصات، حتى لو لم يكن ذلك معلنًا.
س: كيف يمكن مواجهة هذه السيطرة؟
ج: بالوعي، الشفافية، تطوير بدائل مفتوحة، وتعزيز التربية الإعلامية.
الخلاصة
خوارزميات الترتيب لا تُخبرنا فقط بما هو مهم، بل تُقرر ما هو غير موجود. إنها سلطة الصمت، التي تُعيد تشكيل وعي الجمهور عبر ما تخفيه أكثر مما تُظهره. والتحدي اليوم ليس أن نقرأ ما يُعرض أمامنا، بل أن نسأل: ماذا لم نُسمح بأن نراه؟
اقرأ أيضًا: شبكات لا تنام.. عين اصطناعية تراقب الواقع بلا انقطاعٍ
Beta feature
Beta feature
Beta feature