الشيء الوحيد الذي لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبداله
AI بالعربي – متابعات
ندرة المواليد مشكلة سيكون على العالم مواجهتها قريبا، ليس فقط لآثارها الاجتماعية، بل أيضا لما سيترتب عليها من تبعات على النمو الاقتصادي وسوق العمل. وهنا تتجه الأنظار إلى الذكاء الاصطناعي ليكون المنقذ.
عدد السكان في سن العمل بلغ ذروته عام 2018، ليتباطأ بعدها عن النمو، مع انخفاض معدلات المواليد بدءا من عام 2008، وهي معدلات لا تزال تتجه في الاتجاه الخاطئ، وهناك اعتقاد أن النمو سيكون بطيئا لفترة طويلة قادمة.
لحسن الحظ، تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أصبحت حقيقة واقعة يمكن الرهان عليها لتقديم المساعدة في حل المشكلة.
كيف تعاملت الدول الصناعية الكبرى مع انخفاض معدلات المواليد حتى هذه اللحظة؟ ببساطة، لجأت إلى سد النقص في العمالة باستقبال المهاجرين. ولكن اليوم، يتحاشى السياسيون الحديث عن الهجرة.
في الواقع، حتى لو غامرت هذه الدول وفتحت الأبواب على مصراعيها وسمحت بالهجرة بمستويات قياسية، لن يكون ذلك كافيا للحفاظ على نمو قوي للقوى العاملة.
على مدار العشرين عاما الماضية، استقبلت الولايات المتحدة حوالي مليون مهاجر سنويا. وبالمقابل انخفض عدد المواليد بنحو 700 ألف سنويا عن أعلى مستوياتها قبل عام 2008 (ولا تزال تنخفض).
بافتراض أن كل مهاجر قادم إلى الولايات المتحدة كان في سن العمل، وهم بالتأكيد ليسوا كذلك، لأن هذه الأرقام تشمل الأطفال وكبار السن، أي أن نمو القوى العاملة “الصافي” لن يتجاوز مئات الآلاف من الأشخاص على الأكثر، وهذا بافتراض أن الأعداد المتوفرة من المهاجرين متاحة للمجيء بمعدلات تاريخية.
بالطبع هذا أمر مشكوك فيه، بالنظر إلى أن معدلات المواليد قد انخفضت هي الأخرى على مدى العقود العديدة الماضية في جميع البلدان التي كانت في الماضي مصدرة لأعداد كبيرة من المهاجرين.
يمكن تنمية الاقتصاد بثلاث طرق: زيادة العمالة، أو زيادة رأس المال، أو زيادة الكفاءة (إنتاجية العامل الكلي). زيادة العمالة غير مطروحة على الطاولة. ويصعب تحديد “رأس المال” في اقتصاد قائم على الخدمات والمعرفة. هناك حد لعدد المصانع الجديدة التي تحتاج مثل تلك الدول لبنائها. هذا يترك فقط عامل الكفاءة.. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي.
بات واضحا أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تساعد الشركات في جميع القطاعات لتصبح أكثر كفاءة. إنها تخلق واحدة من أعظم فرص الاستثمار في حياتنا.
آدم أوديل محلل استثمار في الولايات المتحدة لا يتجاهل دور الذكاء الاصطناعي، فهو يرى أن الأمر لم يعد الآن مجرد مادة خيال علمي. “سوف يحول الذكاء الاصطناعي اقتصادنا وسيؤدي العبء الثقيل ويعوض العمال الذين لن يولدوا”. كل التوقعات تشير إلى أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستنمو خلال العقد المقبل، لتكون قادرة على تأدية جميع المهام التي تسند إليها.
“هناك شيء واحد لن يقوم به الذكاء الاصطناعي، لن يخرج من جيب معطفه بطاقة الائتمان ليستخدمها”. وهذه مشكلة، يقول أوديل، يجب البحث عن حل لها.
الاقتصاد قائم على مبدأ العرض والطلب. يمكن للأتمتة أن تساهم إلى حد كبير في الجانب الإنتاجي في الاقتصاد، أي العرض، وستعمل على ذلك، مما يسمح بإنتاج المزيد من السلع والخدمات بمدخلات أقل تكلفة. هذا خبر جيد. الخبر السيء هو أن هذا لا يفعل شيئا بالنسبة إلى جانب الطلب في الاقتصاد.
يمكن استبدال القوى البشرية العاملة. ولكن، لا يمكن استبدال المتسوقين البشر. إن زيادة العرض بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي، دون أن يرافقها وجود زيادة مقابلة في الطلب من متسوقين جدد، هي وصفة لانكماش طويل الأمد.
بات واضحا أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تساعد الشركات في جميع القطاعات لتصبح أكثر كفاءة. إنها تخلق واحدة من أعظم فرص الاستثمار في حياتنا
إذا ما علمنا أن أسعار المستهلك آخذة في الارتفاع بمعدل 8 في المئة هذا العام، فقد يبدو ذلك أمرا رائعا! من منا لا يريد أسعارا أقل؟ ولكن، كما أظهرت تجربة اليابان خلال الثلاثين عاما الماضية، فإن الانكماش يتسبب في مجموعة جديدة تماما من المشكلات.
استقر عدد السكان في سن العمل في اليابان في أوائل التسعينات. وقد بدأ في السقوط من منحدر في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. حيث أجبرت خسارة العمالة اليابان على أن تصبح رائدة في الأتمتة والروبوتات، لكنها ساهمت أيضا في ثلاثة عقود من الانكماش المتكرر والمتقطع.
والسبب الحقيقي أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليابان لم ينم بشكل ملموس منذ عام 2008. على مدار الـ14 عاما الماضية، ارتفع 2 في المئة. وهذا ليس كل عام. الاستثمارات في البيئة الانكماشية ليست هي نفسها تلك في بيئة تضخمية. لذلك، عندما تنحسر أخيرا موجة التضخم التي أعقبت فايروس كورونا، سنرغب في التأكد من وجود خطة لمواجهة الانكماش.. نأمل ألا تكون الحروب من ضمنها.
بالتأكيد، هناك الآن ما يدعونا للتفكير بالأسباب الحقيقية التي دفعت إلى الغزو الروسي لأوكرانيا.