الذكاء الاصطناعي يحدد العمر البيولوجي بدقّة من صورة واحدة
AI بالعربي – متابعات
كشفت مجلة “لانسيت ديجيتال هيلث” العلميّة الشهيرة، أن الذكاء الاصطناعي يوفّر، من خلال صورة بسيطة، إمكانية عرض العمر البيولوجي للجسم والذي لا يشكّل تاريخ الميلاد بالضرورة مؤشّرًا له.
وقال تقرير علميّ على موقع إذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله”، إنّه اكتشافٌ ثوريّ سيغيّر مفاهيمنا عن الشيخوخة! بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن لصورة سيلفي أن تكشف عن عمرك البيولوجي، وتساعد الأطباء على اتخاذ قرارات حاسمة في علاج السرطان.
وبحسب التقرير، تمّ إخضاع تطبيق “فيس إيدج” “FaceAge” للتدريب باستخدام عشرات الآلاف من الصور. وقد تمكّن التطبيق من التوصّل إلى أنّ مرضى السرطان يكونون أكبر سنًّا بخمس سنوات عن عمرهم الفعليّ في المتوسّط، من وجهة نظر بيولوجيّة، من الأشخاص الأصحّاء. يتزايد اعتقاد العلماء بأنّ العمر البيولوجي، أي عمر خلايا الجسم، يختلف عن العمر الفعليّ للشخص.
العمر الفعليّ والعمر البيولوجي
العمر الزمنيّ الفعليّ هو عدد السنوات التي عاشها الشخص منذ ولادته، بينما العمر البيولوجي يمثّل مدى صحّة وحيويّة الجسم بناءً على عوامل مختلفة مثل الصحّة، ونمط الحياة، والعوامل الوراثيّة. ويمكن أن يختلف العمر الزمنيّ والبيولوجيّ للشخص، وقد يكون العمر البيولوجي أصغر لمن هم أكثر صحّة أو أكبر من العمر الزمنيّ لمن يعانون أمراضًا.
قدرة المريض الفعليّة
وفي دراستهم المنشورة في مجلة “لانسيت ديجيتال هيلث”، يشير الباحثون إلى أن تطبيق “فيس إيدج” يساعد الأطباء على تحديد قدرة المريض الفعليّة على تحمّل العلاجات القويّة بشكلٍ آمن، أو اختيار بدائل أقل حدّة إذا لزم الأمر.
“فيس إيدج” مؤشّر حيويّ في علاج السرطان
يقول ريموند ماك، أحد المشاركين في الدراسة والمتخصّص في الأورام في مستشفى “ماساتشوستس جنرال بريغهام” التابع لجامعة هارفارد: “فرضيتنا هي أن “فيس إيدج” يمكن استخدامه كمؤشّر حيويّ في علاج السرطان لقياس العمر البيولوجي للمريض ومساعدة الطبيب في اتخاذ القرارات الصعبة”.
وأضاف، إذا كان رجل يبلغ من العمر 75 عامًا وعمره البيولوجي 65 عامًا، وشخص آخر يبلغ 60 عامًا وعمره البيولوجي 70 عامًا، قد يكون العلاج الإشعاعيّ الجراحيّ مناسبًا للأوّل وغير مناسب للثاني. ويمكن استخدام المنطق نفسه لاتخاذ قرارات متعلّقة بجراحة القلب، أو الأطراف الاصطناعيّة للورك، أو الرعاية في مرحلة الشيخوخة.
صورة سيلفي بسيطة
يتقدّم البشر في العمر بمعدّلات مختلفة بناءً على جيناتهم، والتوتّر الذي يختبرونه، ومدى ممارستهم الرياضة، وبعض العادات مثل التدخين أو شرب الكحول. ورغم أنّ اختبارات جينيّة مكلّفة يمكنها رصد تآكل الحمض النووي مع مرور الوقت، فإنّ “فيس إيدج” يوفّر بيانات استنادًا إلى صورة سيلفي بسيطة. تمّ تدريب هذه الأداة على 58851 صورة لأشخاص بالغين تزيد أعمارهم على 60 عامًا ويتمتّعون بصحّة جيّدة، تمّ اختيارهم من بيانات عامة. ثم تمّ اختبار الأداة على 6196 مريضًا بالسرطان في الولايات المتحدة وهولندا، من خلال صور تمّ التقاطها قبل العلاج الإشعاعي مباشرة. وكانت النتيجة أن المرضى الذين يعانون أورامًا خبيثة كانوا أكبر سنًّا بنحو 4.79 سنة مقارنة بأعمارهم الزمنيّة.
لا يهمّ الشعر الأبيض أو الصلع
وفيما يتعلّق بمرضى السرطان، كلّما ارتفع هذا الرقم، انخفضت فرص البقاء على قيد الحياة، حتى بعد الأخذ في الحسبان العمر الفعليّ والجنس ونوع الورم. ويزداد الخطر بشكل كبير لدى أيّ شخص يتجاوز عمره البيولوجي 85. أمّا بالنسبة لـ “فيس إيدج”، فإنّ العلامات المرتبطة عادة بالشيخوخة مثل الشعر الأبيض أو الصلع تُعدّ أقلّ أهميّة من التغيّرات الدقيقة في عضلات الوجه، ممّا يساعد الأداة على تحسين دقّة الأطباء في تقييم الحالات.
وقد دُعي ثمانية أطباء لمعاينة صور لمرضى سرطان في مرحلة متقدّمة، وتخمين مَن سيموت خلال ستة أشهر. وكان معدّل نجاحهم أعلى بقليل من تقييم تقريبيّ، لكن مع بيانات “فيس إيدج”، تحسّنت توقّعاتهم بشكل كبير. وعلى هامش ذلك، قدّر “فيس إيدج” العمر البيولوجي للممثّل بول رود بـ 43 عامًا استنادًا إلى صورة التُقطت له عندما كان عمره 50 عامًا.
مخاوف وانتقادات للذكاء الاصطناعي
ورغم التقدّم التكنولوجي الكبير، إلا أن أدوات الذكاء الاصطناعي تتعرّض أحيانًا لانتقادات بسبب اهتمامها الأكبر بالأشخاص البيض. لكن ريموند ماك، المشارك في الدراسة، أكّد أنّه لم يجد أيّ تحيّزٍ عنصريّ كبير فيما توقّعته “فيس إيدج”.
وتواصل المجموعة أيضًا عملية التدريب على 20 ألف مريض لنموذج من جيلٍ ثانٍ.
لكن، كما هي الحال مع عديد من التقنيات، قد يُثير هذا التقدّم التكنولوجي مخاوف تتعلّق باستخدامه من قِبل شركات التأمين أو أصحاب العمل الذين يسعون إلى تقييم المخاطر بشكلٍ أفضل. ولذا، يدعو هوغو أيرتس، المشارك في إعداد الدراسة ورئيس قسم “ماساتشوستس جنرال بريغهام”، إلى “ضمان استخدام هذه التقنيات فقط بما يخدم مصلحة المريض”.