حب اليابان للروبوتات يؤتي ثماره

7

ليو لويس – طوكيو

تتمتع الروبوتات عموما بوضع مريح في اليابان. قال لي ذات مرة أستاذ محترم مختص بالروبوتات في جامعة طوكيو: إن معظم الناس يحبونها، والبقية لا يكرهونها بشكل نشط.

مع تزايد عدد كبار السن وتقلص عدد السكان، أصبح هذا الأمر مفيدا. على نحو متزايد، الصناعة والأوساط الأكاديمية والحكومة تقدم التطور في مجال الروبوتات باعتباره الدواء الشافي للتحديات التي تأتي مع كون المجتمع الياباني هو الأسرع شيخوخة في العالم.

عدد سكان اليابان ينكمش كل عام منذ عام 2010 وتشير توقعات سابقة للوباء إلى أنه دون هجرة كبيرة ستكون قوتها العاملة عام 2040 أصغر 20 في المائة عما كانت عليه عام 2017. تقول الحجة إن الآلات لا تسرق الوظائف اليابانية وتدمر سبل العيش، إذا كان هناك عدد أقل من البشر في سوق العمل هذه.

عملت هذه الفكرة بشكل جيد بما فيه الكفاية إلى أن جاء كوفيد – 19 الكارثة التي ضربت الاقتصاد وبدأت تشعل القلق من جديد بشأن التوظيف. قبل الأزمة كان هناك 1.49 وظيفة لكل متقدم، ما يعني أنه قد تكون هناك حاجة إلى الروبوتات لسد الفجوة. في كانون الأول “ديسمبر” انخفض ذلك إلى نسبة أقل راحة، 1.06 وظيفة. لم يعمل هذا على إسكات جاذبية صانعي الروبوتات المرغوبة للتركيبة السكانية، لكنه أدى إلى حد ما إلى تخفيض صوتهم.

كذلك سلط الضوء بقوة على بحث نشره الشهر الماضي المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية الذي يوجد مقره في الولايات المتحدة حول تأثير الروبوتات في سوق العمل في دور رعاية المسنين في اليابان. الدراسة رائدة من عدة نواح، لكن ربما يكون أبرز جوانبها أنها لا تركز على التصنيع بل على قطاع الخدمات، حيث بدأت الروبوتات للتو في ترك بصماتها.

يقول المؤلفون إن التمييز حيوي نظرا لتنوع الأدوار التي يمكن أن تلعبها الروبوتات هناك ومدى سرعة تبنيها في المجالات التي تكون فيها أسواق العمل شحيحة.

اختيار دور رعاية المسنين اليابانية -يستند البحث إلى استبيان لنحو 860 منشأة من هذا القبيل- هو أمر أساسي. إلى حد مذهل، كانت تلك الدور في وقت مبكر بؤر تجارب مدعومة من الحكومة لأنواع جديدة من الروبوتات، من أجهزة مراقبة الصحة إلى الآلات التي تساعد على رفع الأشخاص ووضعهم في أسرتهم.
توصلت اليابان بشكل أوضح من الدول الأخرى إلى استنتاج مفاده أن الدور المستقبلي للروبوتات يتعلق بالتركيبة السكانية أكثر من ارتباطه بالتكنولوجيا.

من المحتمل أن يصبح هذا معيارا حول العالم. يقول البحث مع تزايد عدد الدول التي تواجه شيخوخة السكان، ستساعد حالة اليابان على تسليط الضوء على كيفية تفاعل التركيبة السكانية مع التكنولوجيات الجديدة.

لكن الاستنتاج الذي يلفت النظر أكثر ما يمكن، هو استنتاج يقدم تنبؤا موازنا للتنبؤات الأكثر بؤسا التي تتحدث عن سرقة الروبوت للوظائف: اعتماد الروبوت، بحسب استبيان المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، يعمل في الواقع على زيادة عدد العاملين والممرضات غير المنتظمين في مجال الرعاية، ويعزز عملا أكثر مرونة، ويقلل احتمال إبلاغ دور رعاية المسنين عن صعوبة الاحتفاظ بالموظفين. العيب الرئيس كما يلاحظ التقرير، هو أن تبني الروبوت يغلب عليه أن يخفض الأجور الشهرية للممرضات المنتظمات.

هذا، بالطبع، سيكون له أثر جيد في اليابان. حتى دون هذا البحث، الشعور بأن الروبوتات رائعة، وحميدة، بل حتى لطيفة على عكس أنها تسرق الوظائف، وشريرة وجامدة بلا روح كان عميقا. في ظل ظروف الوباء، مثلا، أعاد بعض المتاجر استخدام روبوتات الترحيب الموجودة لديها لتخفيف التذكيرات المزعجة حول التباعد الاجتماعي ـ تتوقع الروبوتات الطاعة من البشر، وتتلقاها.

لكن الخوف من الروبوتات على مستوى اليابان يضرب بجذوره إلى ما هو أعمق من واجهات المحال. عندما تعمل الروبوتات ببراعة، كما تفعل جيوش كبيرة من الأجهزة الأوتوماتيكية الجادة بالفعل في التصنيع والخدمات اللوجستية، ترحب اليابان بها كضامن للكفاءة والإنتاجية. عندما يتم منحها ميزات تشبه البشر وبالكاد تتمكن من طي قميصهم أو قلب فطيرة أو لعب كرة الطاولة، تتم مسامحتها.

عندما قامت الشركة اليابانية Alsok أخيرا بتحديث روبوت الدوريات الأمنية Reborg-Z، أشارت بطبيعة الحال إلى انكماش القوى العاملة كمبرر لوجود الآلة. فعلت المنظمة الوطنية للبحوث الزراعية والغذائية في اليابان الشيء نفسه مع روبوت يقطف الفاكهة.

تكمن القيمة العظيمة لبحث المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية رغم محدودية نطاقه ومهما كان مقدار الدعم الذي يمكن أن يتلقاه من قبل الأبحاث المستقبلية في وضعه الأساس الآن لنقاش حول موضوع مثير للمشاعر الإنسانية في وقت تواصل فيه الروبوتات مسيرتها في قطاع الخدمات.

اترك رد

Your email address will not be published.