بعيدًا عن الحماسة.. ما الذي سيقدمه وسطاء الذكاء الاصطناعي؟

بارمي أولسون

يُفترض أن جديد الذكاء الاصطناعي لهذا العام سيكون “الوسطاء”. وإن كنت تصدق الأخبار المتحمسة التي تتناول ذلك، فقد تظن أن وظيفتك على المحك، لكن الأمر ليس كذلك “على الأقل حاليًا”، مع أن ذلك قد يطال بعض الوظائف الإدارية.

أعلنت شركة “OpenAI” الأسبوع الماضي عن أول أداة تشبه الوسيط، وهي تُسمى المشغل، وتنفذ مهامًا عبر الإنترنت مثل الانتقال إلى موقع، ونقر روابط أوامر، وفق ما أعلنته الشركة.

لكن الفكرة ليست فريدةً، إذ أعلنت “جوجل” تابعة “ألفابيت”، و”أنثروبيك” و”سيلز فورس” عن منصات وسطاء، أو أنظمة ذكاء اصطناعي يمكنها أن تعمل بشكل مستقل.

تخيلوا على سبيل المثال روبوت خدمة عملاء لا يقتصر دوره على توليد المعلومات، بل يمكنه حجز موعد أو تسجيل شكوى.

قال مارك زوكربيرج إن الوسطاء سيحلون مكان مهندسي البرمجيات من المستوى المتوسط ​​هذا العام، ونقلت “أكسيوس” هذا الشهر أن شركة تقنية تستعد لإصدار برنامج يمكنه التعامل بشكل مستقل مع مهام معقدة عادةً ما يتولاها “حملة درجة الدكتوراه”. أي أن الضجيج حول وسطاء الذكاء الاصطناعي قد بلغ ذروته.

تجربة واقعية

لكن، بينما يستمر اتساع أحلام وادي السيليكون، تقدم شركة ناشئة صغيرة في لندن تسمى “ريكي REKKI” عينةً أكثر واقعية لكيفية تغيير الوسطاء لعمل الشركات. تتيح هذه الشركة الوصول إلى روبوت يُدعى “كلير Claire”، وهو يعالج الطلبات من موردي المطاعم.

تستخدم الشركة نماذج لغوية كبيرة من شركات مثل “OpenAI” و”أنثروبيك”، ويمكن للبرنامج تحويل رسائل البريد الصوتي التي تصل من الطهاة في منتصف الليل، إلى بيانات موحدة لأنظمة تخطيط موارد المؤسسة “ERP” لدى بائع الطعام.

كانت نتيجة ذلك أن أحد موردي النبيذ ألغى خططه لتوظيف ستة عمال موسميين خلال ذروة عيد الميلاد في 2024، حسبما قالت أورات بنياميني، المؤسسة المشاركة ومديرة العمليات التنفيذية لدى “ريكي”، بينما خفضت شركات أخرى فرق معالجة الطلبات من 15 شخصًا إلى ثلاثة أو أربعة فقط.

قالت بنياميني: “نشاهد مزيدًا من الموردين يتمكنون من إعادة توزيع الموظفين، أو يحجمون عن التوظيف”. إن إعطاء أسماء للوسطاء يسهل على الموردين تصور عائد الاستثمار، إذ بينت بنياميني أنه “يمكن مقارنته بتكلفة راتب إنسان”.

لدى الشركة الناشئة وسيط ثانٍ يسمى “إيلين Aileen”، مصمم لدعم عملية تقديم العطاءات لدى المطعم، ومسح جدول بيانات يضم 800 مكون ضروري، ومطابقة هذه البيانات مع جدول. وسيساعد روبوت ثالث الموردين على زيادة مبيعاتهم، ومسح قوائم العملاء المحتملين، وتقديم المشورة بشأن المكونات التي يمكن بيعها للمطعم.

مخاطر حقيقية

لا يتعين على الشركات انتظار وسطاء من مستوى حملة الدكتوراه، أو حتى الإنجاز الكبير التالي من “OpenAI”. قال رضا حبيب، الرئيس التنفيذي لشركة “هيومان لووب Humanloop” الناشئة للذكاء الاصطناعي ومقرها في سان فرانسيسكو: “الآن يتعلق الأمر بالهندسة البرمجية التقليدية والتقييم والتكرار”.

كما أن إبقاء المهام ضيقة النطاق أرجى من حيث الأمان، لأن نماذج اللغة الكبيرة عُرف عنها ارتكاب الأخطاء. إن جمع هذه التقنية بين وصولها إلى بيانات العملاء والقدرة على اتخاذ الإجراءات، يعني مزيدًا من المخاطر، وليس فقط ارتكاب الأخطاء.

كان أحد أقدم استخدامات وسطاء الذكاء الاصطناعي هو إرسال رسائل مبيعات إلكترونية معدة لتناسب المتلقي.

يكتظ وسط مدينة سان فرانسيسكو حاليًا بلوحات إعلانية تحث الشركات على توظيف “مندوب مبيعات الذكاء الاصطناعي”. لكن النتائج أتت مختلطة، قال حبيب: “أتلقى كثيرًا من هذه الرسائل “المبيعات” الآن لدرجة أنني لست متأكدًا إن كان المرسل من البشر أم لا”.

إن حقيقة الاتجاه الذي يبدو عليه وسطاء الذكاء الاصطناعي هي أنهم لن يكونوا عباقرة يمكنهم التعامل مع كثير من المهام، وأنهم سيكونون متخصصين بالأعمال المتكررة، خاصة في مجالات لا يؤدي ارتكابهم لخطأ إلى تقويض الشركة.

خيال المساعد الخارق

قال مات كالكنز، رئيس”أبيان Appian”، شركة برمجيات المؤسسات التي أمضت سنوات في أتمتة عمليات بنوك كبرى: “كثير مما يُطرح عن الذكاء الاصطناعي عمومًا، والوسيط على وجه الخصوص، هو خيال… لا ينبغي للذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات كبيرة. يجب أن يقوم بمهام منفصلة تناسبه، كجزء من فريق موجه نحو هدف أكبر”.

في بعض الأحيان، لا تكون التقنية الأقوى هي الأكثر تفاخراً، بل هي النوع الذي ينجز المهام بصمت. هل هناك من يرغب بـ”عملاء سريين”؟ قد تفوّت الشركات التي تنتظر أدوات الذكاء الاصطناعي فائقة الذكاء التي وعدت بها “OpenAI” فرصة أكثر إلحاحًا تتمحور حول الأتمتة الأكثر تركيزًا.

لستم بحاجة إلى وسطاء بمستوى حملة درجة الدكتوراه لمعالجة الطلبات والتعامل مع المستندات الروتينية، لكن حاليًا، يُرجح أن يساعد تسليم مثل هذه المهام إلى البرامج في دعم الربحية.

المصدر: بلومبرج

اترك رد

Your email address will not be published.