تقييم تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق الأصول الحالي
AI بالعربي – متابعات
يتصدر الحديث عن الذكاء الاصطناعي عناوين الأخبار خلال الفترة الأخيرة، مع ما تقدمه هذه التكنولوجيا من وعود بتغيير الحياة اليومية لمليارات الأشخاص حول العالم.
لكن الارتفاعات القياسية المستمرة للأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تثير مخاوف متزايدة بشأن فقاعة مالية تستعد للانفجار.
إنفيديا.. نموذج للهوس المتصاعد
– تعتبر شركة “إنفيديا” من أشهر الأسماء المستفيدة من سباق شركات التكنولوجيا لتضمين الذكاء الاصطناعي في منتجاتها وخدماتها.
– تسيطر “إنفيديا” على حوالي 80% من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، ما يمنحها سيطرة كبيرة على السوق المتنامي، وسط طلبات لشراء الرقائق تتجاوز المعروض.
– قبل طفرة الذكاء الاصطناعي، كانت “إنفيديا” تشتهر بتصنيع معالجات الرسوم الاستهلاكية، والتي تقوم ببيعها إلى مصنعي أجهزة الحاسب الآلي لتصميم ألعاب الحاسب، وهي سوق أقل ربحية.
– حقق سهم “إنفيديا” قفزات سعرية كبيرة دفعته لتسجيل مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث ارتفع بأكثر من 230% في آخر 12 شهرًا بفضل الطلب القوي على رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، مع حاجة شركات التكنولوجيا للآلاف من هذه الشرائح الضرورية لعمل تطبيقات التقنية الجديدة.
– نجحت القيمة السوقية لشركة “إنفيديا” في تجاوز “ألفابت” المالكة لمحرك البحث “جوجل”، لتصبح ثالث أكبر شركة أمريكية بنحو 1.8 تريليون دولار، قبل أن تتراجع قليلاً عن هذا المستوى.
– تجاوز “إنفيديا” لقيمة “ألفابت” جاء بعد يوم واحد من التفوق على القيمة السوقية لشركة “أمازون”.
– يترقب المستثمرون صدور نتائج أعمال “إنفيديا” بعد نهاية جلسة الحادي والعشرين من فبراير الجاري، وسط توقعات بنمو الإيرادات بنحو 3 أمثال إلى 20.37 مليار دولار، مع قفزة صافي الربح المعدل 400% إلى 11.38 مليار دولار.
– لكن مستثمرين حذروا من أنه في حال جاءت نتائج أعمال “إنفيديا” بشكل مخيب لآمال المحللين، فإن ذلك قد ينعكس سلبًا على الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي في وول ستريت.
– قال “جيك دولارهايد” رئيس شركة “لونج بو أسيت مانجمينت” إنه إذا لم تتفوق “إنفيديا” على توقعات المحللين بهامش ملحوظ، فإن السهم قد يشهد تراجعًا بين 20% أو 30% في جلسة واحدة.
– رفع “كريستوفر رولاند” المحلل في “سسكويهانا” السعر المستهدف لسهم “إنفيديا” إلى 850 دولارًا من 625 دولارًا، مع توقع نتائج أعمال فصلية وتوقعات قوية.
– يتداول سهم “إنفيديا” بحوالي 34 مِثل الأرباح المتوقعة، من 24 مِثلًا في بداية شهر يناير الماضي، لكن انخفاضًا من 50 مِثلا قبل عام واحد، بحسب بيانات “إل إس إي جي”.
الطفرة تتوسع وتتصاعد
– لم تكن “إنفيديا” وحدها المستفيدة من الهوس بالذكاء الاصطناعي مؤخرًا، حيث حققت العديد من الكيانات المرتبطة بهذه التقنية مكاسب ملحوظة.
– في الشهر الماضي، تفوقت “مايكروسوفت” على “آبل” لتحتل صدارة قائمة أكبر الشركات العالمية، بفضل اهتمام الأولى بسباق الذكاء الاصطناعي.
– بشكل عام، حققت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى التي تركز معظمها على الذكاء الاصطناعي والتي تُعرف بـ”العظماء السبعة” مكاسب قوية في الأشهر الماضية جعلتها تمتلك قوة مالية أكبر من باقي الشركات مجتمعة في أي دولة رئيسية أخرى حول العالم.
– بحسب بحث لـ”دويتشه بنك”، فإن الارتفاع الكبير في أرباح شركات آبل وأمازون وألفابت وميتا ومايكروسوفت وإنفيديا وتسلا يفوق تلك الخاصة بجميع الشركات المدرجة في كل دول مجموعة العشرين باستثناء اليابان والصين فقط.
– فيما يتعلق بالقيمة السوقية، ستشكل شركات “العظماء السبعة” ثاني أكبر بورصة في العالم في حال فصلها في سوق منفصل.
– المكاسب لم تقتصر على شركات التكنولوجيا الكبرى، لكنها امتدت لتشمل شركات صغيرة تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي.
– سجل سهم “سوبر مايكرو كومبيوتر Super Micro Computer” ارتفاعًا بنحو 900% على مدى الاثني عشر شهرًا الماضية، مع التفاؤل حيال أعمال إنشاء تكنولوجيا الخادم والتخزين والتي قد تستفيد من الطلب على الذكاء الاصطناعي.
– كما ارتفعت أسهم شركات “ساوند هاوند إيه إي” و”نانو إكس” و”توسامبل” بعد إعلان “إنفيديا” امتلاكها حصصاً في هذه الكيانات التكنولوجية.
– تستخدم “ساوند هاوند” الذكاء الاصطناعي لمعالجة الكلام والتعرف على الصوت، كما تستخدم “نانو إكس” التقنية في التصوير الطبي.
صعود السوق وارتفاع التقييمات
– على الجانب الأوسع، حقق سوق الأسهم الأمريكي مستويات قياسية متواصلة مؤخرًا، بفضل ارتفاع أسهم شركات “العمالقة السبعة”.
– ارتفعت أسهم الشركات السبع الكبرى بما يتراوح بين 50% و240% في العام الماضي، لتشكل معاً أكثر من 60% من إجمالي عوائد مؤشر “إس آند بي 500”.
– ومع الصعود القياسي للسوق، سجل معدل السعر إلى الأرباح المستقبلية لمؤشر “إس آند بي 500” نحو 20.4 مرة، وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2022، وما يتجاوز المتوسط التاريخي عند 15.7 مرة.
– يعتبر معدل السعر إلى الأرباح المستقبلية من المؤشرات التي تقيس قيمة الأسهم وما إذا كانت مبالغا في تقييمها.
– قال “جوليان إيمانويل” المدير الإداري في “إيفركور إي إس إس” إن الخبر السار يتمثل في أن التقييمات – رغم ارتفاعها – لا تقترب من الذروة البالغة 28 مرة خلال ذروة فقاعة عام 2022.
– يأتي الصعود الحاد في تقييم “إس آند بي 500” بسبب الوزن النسبي الكبير لأسهم التكنولوجيا الكبرى.
– تمتلك أسهم “العمالقة السبع” وزنًا نسبياً يبلغ 29% في مؤشر “إس آند بي 500″، كما تتداول بمتوسط مكرر ربحية عند 34 مرة.
– منذ بداية العام الجاري، سجلت أسهم التكنولوجيا السبع الكبرى عوائد 7.9% مقابل 2.6% لباقي الأسهم الـ493 في مؤشر “إس آند ب 500”.
– قال “جولدمان ساكس” إن علاوة السعر إلى الربحية لشركات “العمالقة السبعة” والبالغة 63% مقارنة بمؤشر “إس آند بي 500” تعتبر أقل بكثير من ذروة العلاوة البالغة 103% المسجلة في عام 2021.
فقاعة تتشكل؟
– مع الارتفاع الحاد والسريع لأسهم الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، تتباين وجهات النظر حول ما إذا كانت هذه الأسهم تشهد فقاعة مالية.
– يرى “بنك أوف أمريكا” أن هناك “فقاعة صغيرة” تتشكل في سوق الأسهم الأمريكية، تغذيها ما سمَّاه “التكنولوجيا الاحتكارية” وحماس المستثمرين تجاه الذكاء الاصطناعي.
– قال البنك إن فقاعة الذكاء الاصطناعي تمثل استباقاً للخفض المتوقع لمعدلات الفائدة الأمريكية، لكنه شدد على أن انفجار الفقاعة يتطلب ارتفاع العائد الحقيقي لسندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 2.5% مجددًا من 1.75% حالياً.
– كما يعتقد “جيرمي جرانثام” مؤسس شركة “جي إم أو” أن الأسهم الأمريكية مقومة بأعلى من قيمتها بشكل كبير، معتبرًا أن جنون الذكاء الاصطناعي بمثابة “فقاعة تنتظر الانفجار”.
– قال “جرانثام” إن ارتفاع مكرر الربحية للسوق الأمريكي بشكل قوي مؤخرًا سيجعل أداء الأسهم في الفترة المقبلة أقل من المتوقع.
– يعتقد المستثمر المخضرم أن الذكاء الاصطناعي سيحقق تحولاً حقيقياً، لكنه حذر من أن ذلك سيستغرق بعض الوقت، معتبرًا أن الضجة الحالية مبالغ فيها وقد تنتهي بشكل مؤلم، ما سيهبط بسوق الأسهم بأكمله.
– على النقيص، يعتقد محللون أن الذكاء الاصطناعي لا يمثل فقاعة حالياً، مستشهدين بمستقبل التكنولوجيا التي تعادل الهاتف والإنترنت.
– يرى محللو “جولدمان ساكس” أن ارتفاع أسهم “العمالقة السبعة” يعتبر مبررًا، بالنظر إلى أنه من المتوقع نمو إيرادات هذه الشركات بمتوسط سنوي يبلغ 12% حتى عام 2026 مقابل 3% لباقي شركات مؤشر “إس آند بي 500”.
– يعتقد محللو البنك الاستثماري أن تفوق مجموعة “العمالقة السبع” في بيئة عوائد السندات المرتفعة خلال العامين الماضيين جاء بسبب ميزانيتها العمومية القوية والهوامش المرتفعة.
– كما قال “توم لي” مؤسس شركة “فاندستار” إن الذكاء الاصطناعي لا يعتبر فقاعة، مشددًا على وجود طلب حقيقي على هذه التقنيات مع حقيقة أن هناك نقصًا في القوى العاملة.
– يعتقد “لي” أن ارتفاع القيمة السوقية لشركات “العمالقة السبع” يوضح قوة الطلب على التقنيات التي توفرها هذه الشركات، ويشير إلى أهمية الذكاء الاصطناعي والأتمتة للعالم حالياً.
– كان “سام ألتمان” رئيس شركة “أوبن إيه إي” قد دعا في وقت سابق إلى استثمارات عالمية تصل إلى 7 تريليونات دولار لإنتاج رقائق أكثر قوة للجيل القادم من منصات الذكاء الاصطناعي.
– من جانبه، قال “بيدرو دومينغوس” أستاذ علوم وهندسة الحاسب الآلي في جامعة واشطن إن الهوس الحالي للمستثمرين حيال الذكاء الاصطناعي يمثل “البالون الذي ينتفخ بسرعة حتى الانفجار”.
– لكن “بيدرو” شدد على أنه رغم احتمالية خسارة الكثير من الأشخاص والشركات والدول للأموال حال انفجار الفقاعة، فإنه على المدى الطويل، سيكون الذكاء الاصطناعي مثل الإنترنت الذي أصبح حقيقة واقعة وأساس التقدم التكنولوجي المقبل رغم انفجار فقاعة “الدوت كوم” في تسعينيات القرن الماضي.
المصادر: أرقام – سي إن بي سي – رويترز – بيزنس إنسايدر – ماركت وتش – دويتشه فيله