تنمية القدرات البشرية بالتكامل مع الموارد التقنية! هل يتحقق الحلم؟

19

علي محمد الحازمي

في مقال لي سابقًا في صحيفة (مال) عن ” العالم ينتقل من الثورة إلى الثروة ” وذكرت في جزء من المقال أن الخدمات الذاتية ” تعتبر من صور ثروة المعلومات، والتي أجد أنها لم تستغل بالشكل المطلوب كما ينبغي لها وكما يجب أن يكون، وذكرت بأن الآلات أمامها مهام عديدة مستقبلا وعلينا صناعتها بذكاء وبرمجتها بالذكاء البشري وتكييفها لسد احتياجات ورغبات البشرية المتجددة وجعل مُدننا ومنازلنا وجامعاتنا وبنوكنا وغيرها. ذكية بالذكاء البشري الذي أوجد ما يسمى بالذكاء الاصطناعي، ولولا احتياجات الإنسان أنها تتسم بالمستجدات والمتغيرات لما حدثت الاستكشافات والاختراعات البشرية المتسارعة في جميع العصور التي مضت وعلى مر عقود من الأزمان عبر التاريخ”. واجد بأن الثروة المعلوماتية لا تقاس بحجم المعلومات بل تقاس بجودتها وأثرها في تحقيق المستهدفات، بل من الممكن أن تتوفر لدينا حجم معلومات كبير ولكن مخرجاتها ليست بجودة عالية يستفاد منها، ولهذا يمكنني أن أقول بأن المعلومات صناعة يحب أن تتقن في كل جوانبها العلمية والثقافية ولا زلنا في عصر ” المعلوماتية” ويكمن الفرق في عملية استغلالها بصورة مثلى تخدم مستهدفاتنا، وأن متطمئن بأننا نملك مخزون ثري جدا مقارنة بالعالم ويحب استغلاله بصورة مثلى.

في الحقيقة نحن في السعودية نمتلك (قدرات بشرية مميزة عالميًا + بيئة مشجعة على الابتكار + مقومات وبنية تحتية مرنة مع اي مستجدات معاصرة + رؤية مرنة تتعامل مع أي متغيرات بذكاء بشري وذكاء اصطناعي بشكل مرن وبشكل فائق السرعة يواكب عصرنا الحالي عصر السرعة والذي ابهر العالم شرقا وغربا، وهذا التكامل المتجانس والمتناغم بذكاء يجب علينا قطف ثماره واستغلاله بصورة مثلى لكي نكون ” نموذجًا رائدًا يحتذى به عالميًا، وقيادتنا الحكيمة والرشيدة داعمة لنا في تحقيق ذلك” وهذا من مقوماتنا القوية ومن الفرص الواجب علينا استغلاها في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 المتكاملة..

لندخل في صلب الموضوع، أنا في الحقيقة أتمنى أن يكون لدينا مركز وطني سعودي للتدريب الإلكتروني (خدمة ذاتية) تحت إشراف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتعاون المشترك مع وزارة التعليم، ومعهد الإدارة، وشركة ارامكو السعودية، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي. ويكمن التعاون المشترك في تأسيس: المركز الوطني السعودي للتدريب الإلكتروني (Saudi National for Electronic Training Centre-SNETC) وما المطلوب أو ما الهدف والفائدة المرجوة من ذلك، وما الية العمل المقترحة للمركز:

– تقديم دورات تدريبية الكترونيًا وبشكل آلي وذاتي في أي وقت وزمن ومن أي مكان كان.

– استغلال التقنية وثورة المعلومات بصورة مثلى من أجل الرفع من الوعي الفكري والمساهمة في تنمية القدرات البشرية بصورة مثلى واندماجها وتكيفها في المجتمع المحلي والاقليمي والعالمي.

– المساهمة في رفع الوعي الفكري لدى المجتمع في بعض القضايا الاجتماعية المستجدة والتي يتطلب منا الإرشاد وتوعية المواطن بها دون أي تكلفة تذكر وكل التكاليف هي برمجة فقط ولا تحتاج وقت طويل.

– الموطن أو المواطنة يكون له سيرة ذاتية (CV)، في حالة الانتهاء من التدريب الإلكتروني تسجل الدورة في سيرته الذاتية بشكل الي وذاتي.

– في حالة حصول المواطن والمواطنة على عدد معين من الدورات يكرم بشهادة تصدر بشكل الي.

– من الممكن استغلال هذا المورد بطرح دورات تكون متطلب للموظفين الحكوميين من أجل الترقيات وبالية محكمة.

– من الممكن ربط المركز بنظام ابشر من باب التحفيز والتشجيع والرفع من الوعي الفكري خصوصا في بعض المواضيع المهمة التي تورق المجتمع ويوجب توعية المجتمع بها، وسوف يكون المركز وسيلة ذات أهمية بتوصيل أي رسالة للمواطن والمواطنة ويكون المركز حلقة وصل بين الحكومة والمواطن بوسيلة ذات كفاءة وفاعلية وبمدخلات أقل تكلفة ومخرجات أكبر، ومن الممكن طرح دورات ثقافية توعوية لبعض المشاكل الاجتماعية مثل الهدر الغذائي، وشهدنا هذا الشهر تحذرين من رئاسة أمن الدولة ووزارة المالية بعدم التعامل بالعملات الافتراضية بما فيها العملات المشفرة التي تدعى علاقتها بالمملكة، ورئاسة أمن الدولة حذرت “التعامل بالعملات الرقمية والمشفرة قد تكون أحد طرق تمويل الارهاب” وفي هذه الحالة من الممكن تقديم دورة تدريبية تثقيفية توعوية بعدم الوقع في براثين الجرائم التي تعد من أخطر الجرائم المعلوماتية! حكومتنا صارمة في هذا الامر ولا تهاون

وهذا لاشك سوف يساهم في الرفع من جودة الحياة والتي تعتبر جل اهتمام رؤية 2030 الذي يقودها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ومن يعمل معه من معالي الوزراء – حفظ الله الجميع – وحماية الموطنين الذين يقعون في هذه الجرائم بسبب عدم الوعي والطمع والجشاع ، أيضا والسذاجة بعض من الأحيان، وقد يتوسع المركز المقترح على مستوى إقليمي ودولي، وبالتالي يكون عالميا كفء وفعال وذو منفعة وفائدة كبيرة في تبادل العلم والمعرفة والثقافات بين الشعوب، ومن الممكن تقدم خدمة التدريب برسوم رمزية على مستوى عالمي، وايضا من الممكن يتم منح عضوية في المركز بتصنيفاتها الأربعة (منتسب، عامل، زميل، عضو شرف)؛ ويكون مصدر دخل يساهم في تطوير المركز وتطوير برامجه التدريبية … وأن كان هناك براءات اختراع يجب أن تسجل، وكل ذلك يتضح بعد دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع من ناحية قانونية وفنية ومالية وتسويقية ومردودها الثقافي والتوعوي العائد على اوطن والعلم باسره والذي يعتبر الأهم..

– أيضا يجب تكون هناك مميزات لجذب عددا كبيرا من المواطنين وأعطى اي شخص يتجاوز عدد معين من الدورات أفضلية في التوظيف من خلال وضع شروط محكمة وذات جودة عالية وهناك العديد من افكار التحفيز والتشجيع التي تهدف تنمية القدرات البشرية والتوعية ومواجهة التحديات التي تورق المجتمع المحلي والعالمي، ومنها جائزة سنوية تمنح لأفضل متدرب في “المركز الوطني السعودي للتدريب الإلكتروني” والذي في الحقيقة احلم بأن أشاهده على أرض الواقع قريبا يحقق أهدافه المرجوة منه، وأن يكون نموذجًا رائدًا يحتذى به على مستوى عالمي. والأفكار كثيرة في هذا الموضوعة الذي اجده في غاية الأهمية.

* بالنسبة للنظام هو موجود وجاهز لدى شركة ارامكو السعودية ولا يحتاج الا نقله وتطبيقه في مدة وجيزة لا تتجاوز ثلاثة اشهر، أيضا المركز لن يكون مكلف ولا يحتاج موظفين لأنه يعمل بشكل الي وإلكتروني وذاتي ويمكن لنا استغلال الذكاء الاصطناعي في ذلك.. وشركة أرامكو السعودية أحدة الشركات العالمية التي تهتم بالابتكارات على مستوى عالميا.. اتمنى الموضوع يدرس بشكل مستفيض وبشكل واسع وبمكانيات أكبر من امكانياتي البحثية المتواضعة..

ما الذي دفعني لكتابة هذه التوصية والاقتراح: –

في الحقيقة أنا من المهتمين كثيرا بالأقوال الخالدة لقادتنا من ملوك وامراء وأدباء ومفكرين ومثقفين والتي دائما مستمدة من ديننا الحنيف وسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، واجتهاد العلماء الافاضل، وما فيها من حكم وعبر والهام، والقيادة الملهمة تعتبر من أعلى أنواع القيادة، وهي نعمة كبيرة ومتوفرة في قيادتنا الحكيمة والرشيدة، حيث الأمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود كان قائدًا ملهمًا وتوارثها الابناء والاحفاد، والأجمل عندما تستفيد من جوامع الكلم وزبدة التجارب الإنسانية التي مر بها ملوكنا وقادتنا والعلماء والمشايخ الافاضل والمثقفين وعلى مستوى عالمي، ونحن بشر نهتم بالفكر المقرون بالأفعال قبل الكلم.. والذي يجعل كثير من الاحلام على أرض الواقع تصبح حقيق ولدينا كثير من التجارب ” نحلم ونحقق”، وعندما تجد كثيرا من الكلمات الخالدة اليوم نشاهدها على ارض الواقع بحذافيرها! على سبيل المثال وجه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم حين ذاك كلمة للطلاب والطالبات في التعليم العام في المملكة العربية السعودية، بمناسبة العام الدراسي الجديد 1435/1436هـ ، ” عبر فيها عن سعادته ببدء العام الدراسي الجديد، وكان مستشار خادم الحرمين يجد في أبناؤه الطلاب والطالبات تعليماً راقياً، يجعلهم ملتزمين بصحيح دينهم، وقيم مجتمعهم، أوفياء لوطنهم، مسلحين بأسباب المعرفة، وبالمهارات والخبرات التي تؤهلهم للنجاح في كل مناشط الحياة، وختم حديثه ” ولنهرع ـــ جميعاً ـــ إلى ميدان العطاء للوطن، والوفاء للقيادة، سائلين المولى ـــ عز وجل ـــ أن يمنحنا القدرة والصبر، على تحقيق الغاية النبيلة لهذه الوزارة، ومهمتها الجليلة في (صياغة الشخصية السعودية)” .

والحمد لله اليوم نشاهد أبناءنا وبناتنا يحققون ما جاء في كلمة سيدي مستشار خادم الحرمين صاخب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ، حيث اصبحنا نجد في أبناؤنا الطلاب والطالبات تعليماً راقياً، ملتزمين بصحيح دينهم، وقيم مجتمعهم، أوفياء لوطنهم حبًا وولاء في ظل روية عظيمة بقيادة عظيمة فطنة متجاوبة بمرونة عالية مع جميع الأحداث والمستجدات العالمية المتسارعة، مسلحين بأسباب المعرفة، وبالمهارات والخبرات التي تؤهلهم للنجاح في كل مناشط الحياة، بروح العطاء للوطن والحيوية، مع أجمل انواع لوفاء للقيادة والولاء، من خلال تحقيق الغاية النبيلة لهذه الوزارة، ومهمتها الجليلة في (صياغة الشخصية السعودية) التي نفتخر بها بما فيها من ولاء يترجم على أرض الواقع وفيه المواطن والمواطنة محققين كل ما يتمنون في حضن الوطن الحنون، وأصبحت اغلب الاحلام حقيقة بدعم من قيادتنا التي جعلتنا بعد توفيق الله نموذجًا رائدًا يحتذى به على مستوي عالمي في جميع الميادين…

” نحلم ونحقق، ثم نحق، ثم نحقق”

وأخيرا نختم المقال بكلمة خالدة لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الأمين: ” أعظم شيء تملكه المملكة هو المواطن السعودي” سائلين الله العلي القدير أن نكون عند حسن الظن بالله، مستمرين ومساهمين ومشاركين بعضنا البعض النجاح، ونحن سعوديين شركاء نجاح، وليس على مستوى محلي فقط بل على مستوى عالمي في كافة المجالات التي ابهرت وسوف تبهر الجميع شرقا وغربا، ونحن من وطن عظيم والوطن منا وفي قلوبنا حب وولاء لا ينضب، وسوف نورثه الى اجيالنا القادمة مثلما تورثانه من اجدادنا بأصلة وقيم سمحة ونجتمع عليها بقلوب وايدي واحده معتصمة بحبل الله رب العزة والجلال..

المصدر: مال

اترك رد

Your email address will not be published.