أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

أمجد المنيف

ظهر مصطلح الذكاء الاصطناعي منذ عام 1955م، ومع ذلك لم يُتفق -حتى الآن- على تعريفه. أجمل تعريف قرأته، قبل أيام: الذكاء الاصطناعي هو الحدود الجديدة للإنسانية. بدأ الاهتمام عالميًا، أخيرًا، بالذكاء الاصطناعي؛ سواء على مستوى التعليم، أو تطوير التقنيات والتجييش، وانتهاء بالتقنين والتنظيم، وبناء الأطر التشريعية التي تحمي هذه التطورات من العبث، وتضمن عدم استخدامها بطرق غير مشروعة. في الأشهر القليلة الماضية، كان الحراك مكثفًا، الكثير من التقنيات المعلنة، من الشركات العريقة كـ”جوجل” و”مايكروسوفت” و”أمازون” وغيرها؛ بالإضافة إلى الشركات الطارئة، التي زاحمت على أمكنتها مبكرًا، جنبًا إلى جنب تصريحات المتخصصين والسياسيين، وعقد المؤتمرات والقمم، وطرح مسودات وأنظمة تحكم العلاقة بين جميع الأطراف، ومن ضمنها الآلة.

في أميركا، مثلاً، اتفق البيت الأبيض مع عدد من الشركات المتخصصة بالذكاء الاصطناعي على خمسة أشياء، أطلق عليها صفة “ضمانات”: أولها، اختبار تطبيق الذكاء الاصطناعي من قبل خبير أمني مستقل، مع مشاركة نتائج الاختبار مع جهات الدولة المعنية بأمن تقنية المعلومات وسلامتها. وثانيها، تمكين المستهلك من التعرُّف على المحتوى الذي تنشئه التطبيقات بعلامات فارقة على الصور والأفلام (علامة مائية). وثالثها، نشر الشركات تقارير دورية للعموم عن قدرات التطبيقات السلبية والإيجابية، وما تعرفه من انحيازات أو ثغرات أمنية. ورابعها، توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لمعالجة التحديات الكبرى مثل: علاج الأمراض، أو التغير المناخي. وخامسها، استثمار الشركات في أبحاث انحيازات الذكاء الاصطناعي وانتهاك الخصوصية الشخصية، والتي أظن أنها ستتطور، وربَّما تتغير سريعًا.

ومن أهم الأرقام المتعلقة بتسارع الاهتمام بهذه التقنيات، هو التوقُّع بأن يتضاعف الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي؛ إذ سينمو من 50.1 بليون دولار في 2020م إلى أكثر من 110 بلايين دولار في 2024م. اهتمت السعودية مبكرًا بالبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي. وامتدادًا لذلك، حصلت المملكة على المركز الأول عالميًا في “مؤشر الاستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي”، وهو أحد مؤشرات التصنيف العالمي للذكاء الاصطناعي الصادر عن “تورتويس إنتليجينس Tortoise Intelligence”، الذي يقيس أكثر من 60 دولة في العالم، في حين حلَّت ألمانيا ثانيًا، والصين ثالثًا في هذا المؤشر.

بالتوازي، وافق مجلس الوزراء السعودي على إنشاء مركز باسم “المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي” يكون مقره في مدينة (الرياض). يمكن وصف هذا القرار بأنه سبَّاق، ومن شأنه أن يعمل على تعزيز الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات، ويضمن تعزيز الجهود البحثية؛ استجابة للتسارع المتواصل في مستجدات الذكاء الاصطناعي. والأبرز، هو أن يعكس الرغبة الواضحة للسعودية لقيادة الأبحاث والابتكار في التقنيات الحديثة، بشكل مسؤول ووفق الأخلاقيات المتفق عليها. الرحلة طويلة، والعالم في تحدٍّ غير واضح المعالم، “لا أحد لديه كل الإجابات.. بالنسبة لي أن مستقبل الذكاء الاصطناعي ليس قاتمًا كما يعتقد البعض، أو ورديًّا كما يعتقد الآخرون. المخاطر حقيقية، لكني متفائل بإمكانية إدارتها”، تمامًا كما قال بيل غيتس. والسلام..

المصدر: الرياض

Related Posts

الشركات الصينية تتجه للتدريب الخارجي لنماذج الذكاء الاصطناعي لتفادي قيود “إنفيديا”

AI بالعربي – متابعات اتخذت كبرى شركات التكنولوجيا الصينية مسارًا جديدًا للتعامل مع القيود الأميركية المتصاعدة على رقاقات الذكاء الاصطناعي، عبر تدريب نماذجها اللغوية الكبيرة في مراكز بيانات خارج البلاد…

“واتساب” يحظر روبوتات الذكاء الاصطناعي مطلع 2026

AI بالعربي – متابعات اتخذت شركة ميتا خطوة مفصلية ستغيّر شكل سوق الذكاء الاصطناعي داخل تطبيقات المراسلة، بعد إعلانها رسميًا حظر استخدام روبوتات الدردشة العامة التابعة لأطراف ثالثة داخل تطبيق…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات

الذكاء الاصطناعي يؤجج حرب التضليل الإعلامي

  • نوفمبر 22, 2025
  • 83 views
الذكاء الاصطناعي يؤجج حرب التضليل الإعلامي

الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

  • نوفمبر 10, 2025
  • 170 views
الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

  • نوفمبر 8, 2025
  • 170 views
في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

  • أكتوبر 30, 2025
  • 194 views
“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

  • أكتوبر 12, 2025
  • 343 views
الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

  • أكتوبر 1, 2025
  • 421 views
حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law