الذكاء الاصطناعي وتحولات تطبيقات الدردشة

32

د. زياد آل الشيخ

إذا استخدمت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي كما تستخدم محركات البحث فأنت تستفيد من الحد الأدنى من قدراتها، ورغم ذلك ستحصل على نتيجة أفضل من محركات البحث. أصبحت قائمة المواقع التي تعود بها محركات البحث مع الإعلانات التي تسابق على لفت انتباهك مرهقة للباحث، فلا غرابة إن تراجع استخدام محركات البحث من الآن فصاعداً.

إنما هنالك ما هو أكبر من استخدام تطبيقات الدردشة كمحرك بحث، ومع تعدد المجالات التي تخدمها هذه التطبيقات، سنجد في مجال البرمجة أمثلة حية لاستخدامات أوسع وأكثر تأثيراً. اعتاد المبرمجون على الاستعانة بالمنتديات والمدونات عند مواجهة مشكلات برمجية بحثاً عن حلول عاجلة، خصوصاً للمبتدئين منهم. يمكن للمبرمجين الآن طرح مشكلاتهم مباشرة إلى محرك الدردشة للإجابة بالحل المناسب في ثوانٍ دون الحاجة لانتظار الإجابة أياماً في منتديات البرمجة.

تخضع كل الاستخدامات السابقة للنموذج القديم، نموذج محرك البحث، إنما الاستخدامات الجديدة تذهب أبعد من ذلك مستفيدة من قدرات الذكاء الاصطناعي في نموذج جديد. فعوضاً عن الوقوع في مشكلة ثم البحث عن حل لها، يمكن بمجموعة من الأسئلة والطلبات الحصول على برنامج صغير ثم التوسع فيه شيئاً فشيئاً. خطوات التطوير التدريجية هذه ليست جديدة، إنما اعتدنا رؤيتها في المشاريع الكبيرة التي تتطلب تنسيقاً بين فرق العمل. حسب هذا النموذج، يؤدي التطبيق دور المبرمج الذي يتلقى المواصفات مكتوبة ويترجمها إلى أسطر برمجية، إنما الفرق أن التطبيق يفوق المبرمج سرعة وربما قدرة في تنفيذ المواصفات.

مع وجود قصور محتمل في مخرجات التطبيق البرمجية، يمكن معالجتها بالسرعة نفسها التي أنتجتها أول الأمر. وإذا لم يقع اللوم على التطبيق، فلابد أن مصدر الخطأ في المواصفات نفسها، كما هو الحال في المشاريع التي تبنى على أساس هش من المواصفات التي لا تعكس فهماً حقيقياً للمشروع. فكما يكتب التطبيق البرنامج كمطور، يمكن للتطبيق أن يساعد في صياغة المواصفات أيضاً. يبدأ التطبيق بمقترح أولي، ثم تعاد صياغته حتى يكتمل، ثم يطلب من التطبيق تحويله إلى برنامج.

حسب النموذج الجديد، فإن استخداماته فعالة ولها نتائج قوية، كما وصفت في أكثر من تجربة مؤخراً، لكن يظل السؤال عن إمكانية التوسع في حجم الاستخدام في التطبيقات الحالية. البرمجيات المؤسسية مثلاً، تصل إلى مئات الملايين من الأسطر البرمجية، ولا يوجد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي (حسب ما نعرف حتى الآن) ما يستوعب هذا الحجم من البرمجيات. من المتوقع أن تتحول الأعمال البرمجية إلى الأتمتة على جميع المستويات بناء على ما نراه اليوم. تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي حتى الآن قادرة على تلبية متطلبات المطورين الفردية على أقل تقدير، لكن يتبقى إيجاد حلول مؤسسية للتطبيقات الكبرى التي يمكن أن تستفيد من قدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة، هذه الحلول على الأرجح هي الأقدر على صنع الفارق.

المصدر: الرياض

اترك رد

Your email address will not be published.