هل تدق “الميتافيرس” المسمار الأخير في نعش غرفة الأخبار؟

8

AI بالعربي – متابعات

هل ستحل تقنيات الميتافيرس الحديثة وعالم الذكاء الاصطناعي بديلا عن غرفة الأخبار والمطبخ الصحافي؟ قد يكون هذا السؤال أحد أهم الأسئلة المرهقة التي تراود الإعلاميين وتهدد مستقبلهم، ويحمل في طياته مساحات شاسعة من النقاشات المستفيضة.
بكل تأكيد لا، تلك كانت إجابة واثقة وحازمة لإعلاميين ومتخصصين في الإعلام الرقمي، طرحوها عبر لقاء إثراء الإعلامي، الذي جمع رؤساء تحرير وقادة إعلاميين بلغ عددهم 140 إعلاميا من مختلف مناطق المملكة، في قاعة أنيقة احتضنتها التحفة المعمارية التي تسابق الزمن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”.

«الميتافيرس» إلى الواجهة
في الظهران، وبمشاركة “الاقتصادية”، احتشد نحو 140 إعلاميا مساء الجمعة في لقاء إثراء الإعلامي 2022، ضمن جلسة حوارية حملت عنوان “مستقبل الإعلام في عصر الميتافيرس”، قدمها أربعة متحدثون مختصون، وحظيت بتفاعل كبير من الحضور.
فمنذ اللحظة التي أعلنت فيها “فيسبوك” – أو “ميتا” بحسب الاسم الجديد – إنشاء عالم الميتافيرس، خليفة الإنترنت، وهو مفهوم مستقبلي يسعى إلى بناء بيئات افتراضية، حيث يمكن للمستخدمين العمل والتواصل الاجتماعي واللعب، وممارسة حياة افتراضية تعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي.
تحولات إعلامية متسارعة
كشفت مينا العريبي رئيسة تحرير صحيفة “ذا ناشيونال” أن الاستثمار وضخ رؤوس الأموال في الإعلام يعد أحد المؤثرات الجذرية في صعوده نحو “الميتافيرس”، مستشهدة بما يتجه إليه تطبيق “فيسبوك” حيث سينفق نحو عشرة مليارات دولار على عالم “الميتافيرس” لوكالات إعلامية ومنصات رقمية، في الوقت الذي بدأت فيه المؤسسات الإعلامية تفكر في طريقة العمل عبر الذكاء الاصطناعي نتيجة التحولات المتسارعة.
وأشارت، في الجلسة التي أدارتها فاطمة فهد المذيعة السعودية، إلى أنه تبين أخيرا خلال الإحصائيات الحديثة أن 300 ألف تغريدة عبر منصة تويتر تصدر من العالم بأسره خلال الدقيقة الواحدة، فيما أوضحت الإحصائيات أن عدد متابعي تطبيق “تيك توك” وصل إلى أكثر من مليار متابع، موجهة بضرورة التركيز على التقنيات المسموعة، كالمقالات المترجمة والمسموعة، التي ستشهد حضورا لافتا خلال الأعوام المقبلة، في ظل صعوبات مواكبة المقاطع المرئية واتساع رقعة المتابعين.
تقنيات أسهمت في نشر الأخبار الزائفة
بين هاني الغفيلي المختص في الإعلام الرقمي أن المحتوى القيم يشهد تغييرات متسارعة تواكب المتغيرات التقنية، مطالبا بضرورة إعداد المحتوى بطرق متجددة وعصرية، مستعرضا ما يواجه المجتمع في الوقت الحالي من طفرة كبيرة في حجم المعلومات المتدفقة، ما يراه يستوجب فلترة وفرزا للمحتوى والتصدي للأخبار الزائفة، مؤكدا أن التقنيات الحديثة أسهمت في نشر الشائعات وانتقالها بصورة سريعة.
أضاف الغفيلي قائلاً: “إننا نعيش في فضاء إعلامي تجميعي ومتغير، نتيجة ظروف المرحلة وسلوك الناس”، ويرى أنه لا بد من إعداد محتوى متجدد وعصري، والتركيز الإعلامي على المحتوى الجذاب، وصناعة المحتوى بأدوات جديدة وتحليل سلوك المستهلك ومعرفة أرقام الظهور وفلترة المحتوى، إذ إن الإعلام مبني على المصداقية والمهنية والسرعة، وهي عناصر مكملة للإعلام وليست هدفا أوليا، وستظل غرف الأخبار والعالم يحتاجان إلى إعلاميين يميزون بين الأخبار الحقيقية والزائفة، وانتقاء القصة الخبرية المميزة، وما يمكن أن يكون خبرا ذا قيمة.
العمل الميداني
من ناحيته، حدد الدكتور أحمد الزهراني رئيس قسم الصحافة والإعلام الرقمي في جامعة الملك عبدالعزيز ملامح الصورة الأكاديمية لخريجي كليات الإعلام، موضحا أن كليات الإعلام تقدم محتوى أكاديميا، إلا أن الصحافي المتمرس يتخطى مرحلة التعليم في الجامعات إلى الشغف عبر تقديم ذاته إلى وسائل الإعلام المختلفة.
واستنادا إلى خلفيته الأكاديمية والميدانية في عالم الإعلام والصحافة، أكد الدكتور الزهراني أن العمل الميداني هو ما يثبت قوة الأداء الصحافي، مردفا أن “الجمهور أصبح الملك وليس المحتوى، كما كان يقال سابقا”، فعدد المتابعين يراه بات مؤثرا رئيسا في حساب المحتوى، وهو ما اختلف معه بشدة فيه الإعلامي خالد السليمان، الذي شدد في مداخلة على أن المحتوى لا يزال هو الملك.
وذكر الدكتور أحمد الزهراني أن العالم يعيش في مرحلة استهلاكية للإعلام، والصحافي الشامل هو الذي يقوم بكل الوظائف الإعلامية التقنية.
التصدي لشائعات التقنية الرقمية
“دور الإعلام ثابت، هو تكوين الرأي العام، وتنمية الحس النقدي، وإمتاع القارئ والمتلقي، وتوسيع الآراء والمدارك، أما المتغير فهو الوسيلة، وكيف يمكن أن نصوغه بشكل جذاب”.. بهذه الكلمات تناولت الإعلامية لمى الشثري رئيسة تحرير مجلتي “سيدتي” و”الجميلة” دور الإعلام في ظل العالم الرقمي.
وشددت على تمكين الكفاءات الإعلامية لتكون نواة التحول الرقمي في الإعلام، عبر تأهيلهم لامتلاك المهارات الرقمية، محذرة من تداول ونشر الأخبار الزائفة عبر التقنيات الرقمية، أو نشر بعض الأخبار التي لا يكون لها مصدر، أو الأخبار القديمة التي يتم تداولها على أنها أخبار حديثة، وطالبت باستحداث آليات للتصدي للشائعات، مؤكدة أهمية التكامل الرقمي المطور.
وكشفت الشثري أن الإعلام لا بد أن يكون له دور سباق في نشر الأخبار الصحيحة، ويتم ذلك من خلال ربط الخبر بعقد لقاء مع مسؤول لتعزيز مصداقية الخبر، وبشكل سريع، لكي يصل الخبر الصحيح إلى الجمهور بطريقة أسرع عن طريق منصات التواصل الاجتماعي، وتحسين محركات البحث، بحيث يستطيع القارئ أن يجد النتائج الأولى للأخبار الصحيحة عندما يبحث عن الخبر أو الموضوع في “جوجل”.
“إلى أين يأخذنا الإعلام الجديد بكل منصاته ووسائله؟”.. كان هذا عنوان مداخلات جمهور اللقاء، إذ تناول الإعلامي محمد التونسي عشوائية تصنيف المحتوى، مشددا على ضرورة معرفة ماذا يريد الجمهور، وتطرق خالد المالك رئيس مجلس إدارة هيئة الصحافيين السعوديين إلى ممارسة غير المتخصصين للإعلام الرقمي.
وتوصل المتحدثون والحضور الإعلامي إلى أن المتغيرات الرقمية لا تعني الاستغناء عن القدرات البشرية، حيث ستبقى الوسائل الإعلامية مرتبطة بيد الإنسان وإدارته، مؤكدين أن هناك تحديات تقنية عديدة تواجه الإعلاميين، على المختصين مواجهتها، لمواكبة الحراك الإعلامي المتسارع.
رعاية الإبداع والتبادل الثقافي
كان لقاء “إثراء” الإعلامي 2022 قد انطلق بعرض أبرز محطات مركز إثراء خلال العام الماضي، والتعريف بالبرامج التي يعتزم المركز إطلاقها خلال العام الحالي.
وجاء على لسان عبدالله الراشد مدير مركز “إثراء” المكلف أن المركز حصل على خمس جوائز محلية وعالمية، مع استقطاب نحو 500 ألف زائر من داخل المملكة وخارجها، خلال العام الماضي.
وتحدث في كلمته التي ألقاها أمام نخبة من الإعلاميين عن الدور المحوري الذي تقوم به وسائل الإعلام كقوة مؤثرة تحدث حراكا مجتمعيا يقود نحو التغيير والتجديد، منوها بالدور الذي قدمته وسائل الإعلام إلى برامج وفعاليات المركز، إذ أبرزت الجهود التي تقف وراء تصميم أكثر من ثمانية آلاف برنامج سنوي.
وأكد الراشد رسالة “إثراء” المتمثلة في دفع عجلة التنمية المستدامة، عبر تقديم منتج سعودي بمعايير عالمية، من خلال ثلاث رسائل استراتيجية محددة، هي تطوير المواهب وتعزيز المهارات، ودعم المحتوى المحلي وتمكين إنتاجه، وجعل “إثراء” منصة رئيسة لرعاية الإبداع والتبادل الثقافي على الصعيدين المحلي والعالمي على حد سواء.

اترك رد

Your email address will not be published.