الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي!!

21

بكري عساس

باختراع المحرك البخاري عام 1784م، انطلقت ثورة اقتصادية مثلت نقطة تحول تاريخية في أوروبا وبريطانيا على وجه الخصوص كان من نتيجتها التحول من عملية الإنتاج اليدوي إلى الإنتاج الصناعي باستخدام الفحم الحجري كمصدر لتوليد الطاقة البخارية، فتحركت المصانع وتم مد خطوط السكك الحديدية وبدأ العالم بالتصدير وبذلك أصبحت بريطانيا من أغنى دول العالم في تلك الفترة التي عرفت بالثورة الصناعية الأولى.

بعدها بمئة عام، بدأت الثورة الصناعية الثانية، رافقها الكثير من الاختراعات والاكتشافات، كالكهرباء والنقل والكيماويات والحديد، وبسببها زاد حجم الإنتاج الصناعي وتوسعت خطوط النقل والتلغراف والسكك الحديدية.

الثورة الصناعية الثالثة بدأت عام 1969م، وارتبطت بانتشار وتصنيع أجهزة الحاسوب المركزية والإنتاج الشامل بالكميات الضخمة وتقنية المعلومات والانترنت ودخول الحواسيب في مجالات التصنيع والاتصالات والتعليم والطب.

الثورة الصناعية الرابعة بدأت نتيجةً للتقدم الذي أحرزه الإنسان في تصنيع الذكاء الاصطناعي والإنسان الآلي وربط الأشياء ببعضها البعض عن طريق الإنترنت، وهو ما يسمى بإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة وتقنية الهاتف النقال والطباعة ثلاثية الأبعاد وتقنية النانو والعلاج بالخلايا الجذعية.

إن التنبؤ بفقدان الكثير لوظائفهم نتيجةً للثورة الصناعية الرابعة، أمر محتمل وجدي! فمن المؤكد أن بعض الوظائف ستختفي نهائياً خلال العقد الثالث من الألفية الثانية، وسيحل مكانها ما يعرف بـ”وظائف المستقبل”، وبحسب آخر الأبحاث فإن التكنولوجيا التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ستساهم باندثار ما نسبته 50% من الوظائف الحالية.

السؤال هو كيف سنُعّرِف العمل في ظل التقدم التقني؟ مخرجات الجامعات يجب أن تكون ذات تأهيل مختلف، نحن بحاجة لطبيب يعرِف الكثير عن البيانات!! اختصاصي في الأحياء يعرف الكثير عن الطب، ومهندس يعرف الأساليب التقنية الحديثة، يجب أن يكون لدينا خريج يحمل مهارات متعددة بجانب تخصصه، علينا أن نخلق مساحة تتيح للطلاب من استخدام التفكير بدلاً من التلقين.. نحن بحاجة لتعليم جديد، لمعلم جديد، وتدريب جديد، نحتاج بشدة أكثر إلى مناهج جديدة فيها الكثير من الرياضيات والتكنولوجيا الرقمية التي لها القدرة على تمكين الطلاب من خلق مناخ يساعد علي الابتكار.. فقيمة التعليم الجامعي كما قال العالم ألبرت اينشتاين ليست في معرفة أكبر قدر من المعلومات والحقائق بل تدريب العقل علي التفكير! علينا الاستعداد للمرحلة المقبلة التي من المتوقع أن تحل تقنيات الذكاء الاصطناعي مكان الإنسان في أكثر من 75% من الوظائف الحالية بحلول 2050م، علينا أن نتحمل المسؤولية لخلق غد مشرق لأجيالنا القادمة.

اترك رد

Your email address will not be published.