حري بأميركا توقع الأسوأ من الذكاء الاصطناعي
ماتان تشوريف
نادراً ما تتاح لقادة الأمن القومي فرصة اختيار القضايا التي يهتمون بها أو مدى اهتمامهم بها، فهم غالبًا ما يكونون خاضعين لظروف خارجة عن إرادتهم، وقد أدت هجمات الـ 11 من سبتمبر 2001 إلى قلب مسار خطة وضعتها إدارة الرئيس جورج دبليو بوش “الابن”، تضمنت خفض التزامات ومسؤوليات الولايات المتحدة على الصعيد الدولي، وكذلك دفعت ثورات في العالم العربي بالرئيس باراك أوباما إلى العودة لمنطقة الشرق الأوسط إبان محاولته إخراج الولايات المتحدة منها، وقلبت حرب روسيا على أوكرانيا مسار الأمور لدى إدارة بايدن في شأن تحقيق هدف مفاده إرساء علاقات “ثابتة وقابلة للتوقع” مع موسكو كي تنصرف إلى التركيز على المنافسة الإستراتيجية مع الصين.
وربما يتمكن صناع السياسة من توقع المسارات والقوى التي تتولد عنها تلك الحوادث التي تفرض نفسها على أجنداتهم إلا أنهم يفشلون في الغالب في التخطيط لأصعب تجليات هذه القوى، وبالتالي فإنهم يسارعون إلى إعادة صوغ المفاهيم وتعديل الإستراتيجيات في سياق الاستجابة لتداعيات ذلك النوع من الحوادث.
ويحمل التقدم السريع للذكاء الاصطناعي الذي يتضمن إمكان ظهور “الذكاء الاصطناعي العام”، واختصاراً “إي جي أي” نذراً تنبئ بأنه قد يتسبب في اضطرابات أشد قوة من سابقاتها، فمؤشرات التغيير الجذري المقبل موجودة في كل مكان، وقد جعلت بكين وواشنطن من القيادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي أولوية إستراتيجية، فيما تتسابق الشركات الأميركية والصينية على الوصول إلى تحقيق الذكاء الاصطناعي العام، وتتناول التغطيات الإعلامية إعلانات شبه يومية عن تحقيق اختراقات تكنولوجية ونقاشات عن فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، ومخاوف من أخطار عالمية كوارثية على غرار انفلات جائحة يسببها عنصر مرضي فتاك يركّب بواسطة الذكاء الاصطناعي.