ما هي الوظائف التي لا تزال آمنة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

AI بالعربي – خاص

رغم الانتشار السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات العمل، لا تزال هناك وظائف خارج نطاق سيطرته، على الأقل في المستقبل القريب. فبينما يُجيد الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة، وإنجاز المهام الروتينية بدقة متناهية، تظل بعض المهن تتطلب مهارات بشرية يصعب محاكاتها إلكترونيًّا. ومع استمرار تطور هذه التقنيات، يبقى الرهان على المهارات الإنسانية الجوهرية، مثل الإبداع، والعاطفة، والبراعة، وحل المشكلات في المواقف الطارئة.

تشير تقارير عدّة، من بينها تقرير لمؤسسة «جولدمان ساكس»، إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يعيد تشكيل سوق العمل بالكامل، مع احتمال أتمتة 300 مليون وظيفة عالميًّا. إلا أن هذه التحوّلات، كما يحذّر الخبراء، لا تعني بالضرورة زوال جميع فرص العمل البشرية، بل تحوّلها إلى أدوار جديدة تركز على المهارات التي لا يمكن تقليدها رقميًّا.

الوظائف الإبداعية

من أبرز المجالات التي يُرجَّح أن يحتفظ فيها الإنسان بالريادة، الوظائف الإبداعية الأصيلة، مثل كتابة الروايات، وتطوير المفاهيم الفنية، والابتكار العلمي. يقول مارتن فورد، مؤلف كتاب حكم الروبوتات: “الذكاء الاصطناعي يستطيع توليد محتوى بناءً على البيانات المتوفرة، لكنه لا يملك القدرة على ابتكار أفكار جديدة لم يُسبق التفكير فيها”. ورغم أن أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT وMidjourney، تُتقن تقليد أنماط اللغة أو الصورة، فإنها تفتقر إلى النية، والحدس الإنساني، واللحظة الإبداعية، التي غالبًا ما تكون عشوائية وغير قابلة للتكرار.

الوظائف ذات البعد الإنساني

لا يزال الجانب العاطفي في التفاعل الإنساني خارج قدرة الآلات. فالمهن مثل التمريض، والإرشاد النفسي، والتدريس، تعتمد أساسًا على التفاهم، والحدس، وبناء العلاقات، وهي قدرات لا تزال حكرًا على البشر. وتقول الدكتورة جوان سونغ ماكلولين، أستاذة اقتصاد العمل: “حتى لو أتقن الذكاء الاصطناعي التشخيص أو تقديم المعلومة، يظل الناس بحاجة إلى شخص يُصغي إليهم ويشعر بهم”. وتضيف: “في زمن أصبحت فيه المهام التقنية مؤتمتة، باتت المهارات الاجتماعية أكثر أهمية من أي وقت مضى”.

المهن اليدوية والحِرفية

المهن التي تتطلب مهارات بدنية، أو القدرة على التفاعل مع بيئات غير متوقعة، مثل السباكة، والكهرباء، وصيانة الآلات، لا تزال بعيدة عن متناول الأتمتة. ويقول مارتن فورد، ساخرًا في كتابه أيضًا: “تعقيد البيئة الفيزيائية وتنوع المهام التي يصعب برمجتها مسبقًا يجعل من المستحيل تقريبًا أتمتة بعض الأعمال. ولكي تقوم آلة بعمل سبّاك، ستحتاج إلى روبوت أشبه بـ C-3PO من حرب النجوم”.

الوظائف العليا

من المفارقات أن الموظفين أصحاب التعليم العالي قد يواجهون تهديدًا أكبر من زملائهم في المهن اليدوية. فوظائف مثل كتابة التقارير، وتحرير الوثائق، وتحليل البيانات، أصبحت في متناول برامج الذكاء الاصطناعي بالفعل. وتشير بعض الدراسات إلى أن المحامين والمحللين الماليين قد يرون وظائفهم تتغير جذريًا خلال السنوات القليلة المقبلة. لكن مرة أخرى، لا يتعلق الأمر بزوال الوظائف، بل بتغير طبيعة المهام، كما تقول ماكلولين: “سيتحول التركيز إلى كيفية استخدام الإنسان لهذه الأدوات بذكاء، بدلًا من منافستها”.

المبرمجون وعلماء الأحياء

في ذات السياق، يؤكد مؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس أن التطور السريع للذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير خطير على سوق العمل، ولكن في أكثر المجالات تعقيدًا وإبداعًا، سيظل البشر محتفظين بتفوقهم. ووفقًا لجيتس، سيحتفظ المبرمجون وأخصائيو الطاقة وعلماء الأحياء بمكانتهم، وسيظل الطلب على المتخصصين في هذه المجالات مرتفعًا، وذلك للأسباب التالية:

المبرمجون هم من يصممون ويطورون أنظمة الذكاء الاصطناعي، وستكون هناك حاجة دائمة لعملهم. كما لا يمكن أن تحل الروبوتات محل أخصائيي الطاقة، لأن الأنظمة في هذا المجال معقدة للغاية، ومن المستحيل أن توكل مهامهم بالكامل للذكاء الاصطناعي. وأخيرًا، علماء الأحياء؛ فالاكتشافات العلمية والاختراعات الجديدة يصنعها البشر وحدهم.

ومع ذلك، هناك جوانب مثيرة للقلق، فقد تعلّم الذكاء الاصطناعي خداع الناس في وقت قصير، لذلك لا يُنظر إلى تطور التكنولوجيا كفرصة فحسب، بل كتهديد أيضًا، وفقًا لما ذكره موقع Zamin. وأوضح جيتس أن التقدم التكنولوجي سيقلل من الوظائف في العديد من المجالات. فعلى سبيل المثال، في مجالات مثل الصناعة والزراعة، بدأ الذكاء الاصطناعي يحل جزئيًّا محل العمل البشري. بالإضافة إلى ذلك، توقّع إمكانية تقليص أسبوع العمل إلى يومين أو ثلاثة أيام في المستقبل نتيجة لتطور هذه التقنيات.

الوظائف القانونية

من الصعب أن يتمتع الذكاء الاصطناعي بالعدل والرحمة، وكذلك الحيلة والقدرة على إصدار الحكم المناسب، كونه لا يملك مشاعر. فلن يكون قادرًا على رؤية الفروق الدقيقة بين الصدق والكذب وتحقيق العدالة، وقد يكون قاسيًا دون مراعاة للظروف الاجتماعية أو النفسية. لذلك، لن يكون محاميًا أو قاضيًا أو وسيطًا قانونيًّا، وفقًا لتقرير نشره موقعي Upwork وForbes حول الوظائف التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يحل محلها.

وظائف الخدمة والعناية الشخصية

وأوضح التقرير ذاته أن وظائف الخدمة والعناية الشخصية ستكون ضمن هذه المهن، مثل مصفف الشعر، ومنظّم الفعاليات والحفلات، وجليسة الأطفال، وخبيرة التجميل، وأيضًا مدرب الحيوانات. فهذه الوظائف بطبيعتها إنسانية، ولا يزال الذكاء الاصطناعي غير قادر على القيام بها.