هل ستكون تقنيات أولمبياد باريس نموذجًا للمدن الذكية مستقبلًا؟

6

AI بالعربي – متابعات

لطالما كانت الألعاب الأولمبية مسرحًا لعرض قمة الإنجاز البشري الرياضي. لكن في السنوات الأخيرة، أصبحت أيضًا منصة لإظهار كيف يمكن للتكنولوجيا إحداث ثورة في الرياضة. لم تكن أولمبياد باريس 2024 التي انتهت في الحادي عشر من الشهر الحالي استثناءً، بل استفادت شركة “إنتل” من هذا الحدث العالمي لتسليط الضوء على استراتيجيتها “الذكاء الاصطناعي في كل مكان”. وأكدت سارة فيكرز، رئيسة برنامج “إنتل” الأوليمبي والبارالمبي، أن الأهداف الرئيسية لدمج الذكاء الاصطناعي في الألعاب الأولمبية كانت متعددة الأوجه، مع التركيز على تعزيز التجربة الشاملة لجميع أصحاب المصلحة.

خلال أيام الأولمبياد، لم يكن تكامل الحلول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي يتعلق بالكفاءة التشغيلية فحسب؛ بل كان يتعلق بإنشاء بيئة غامرة يمكن الوصول إليها. وأضافت فيكرز أنه من خلال العمل كنقطة انطلاق للابتكارات، أظهرت «إنتل» كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الخدمات اللوجيستية وتحسين إمكانية الوصول وتعزيز مشاركة المشجعين خلال أحد أهم الأحداث الرياضية في العالم.

تعزيز إمكانية الوصول للجميع

كان أحد الإنجازات البارزة لحلول الذكاء الاصطناعي من «إنتل» في أولمبياد باريس 2024 تعزيز إمكانية الوصول للحاضرين من ذوي الإعاقة البصرية. وأشارت فيكرز إلى تطوير تطبيق هاتف ذكي قائم على الكاميرا يوفر الملاحة الداخلية والصوتية، والمصمم خصيصاً لمنشأة تدريب فريق الولايات المتحدة خارج باريس. وأوضحت أنه من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي المبني على معالجات «Intel Xeon» تم تسهيل تطوير تطبيق توجيه يساعد الحاضرين من ذوي الإعاقة البصرية على التنقل في المساحة، ودعم المزيد من السهولة والاستقلال.

استخدم هذا التطبيق أجهزة “ليدار LiDAR” لإنشاء توأم رقمي للمساحة المادية، تمت معالجته باستخدام تقنية «Intel OpenVINO» لضمان زمن انتقال منخفض ودقة عالية. كانت النتيجة خطوة مهمة إلى الأمام في وضع معيار جديد لإمكانية الوصول في الأحداث واسعة النطاق. واقترحت فيكرز أنه يمكن تطبيق تقنيات مماثلة في الأماكن العامة، مثل المطارات ومحطات القطارات، وبالتالي تحسين التنقل للجميع.

تحسين الخدمات اللوجيستية وتعزيز الكفاءة

من خلال الاستفادة من التحليلات المعالجة على خوادم «Intel Xeon» و«Intel OpenVINO»، قدمت حلول الذكاء الاصطناعي مراقبة في الوقت الفعلي لمستويات الإشغال في أماكن مختلفة، مثل مراكز الوسائط والصالات. سمح هذا للمنظمين بتحسين التوظيف وخدمات الطعام والشراب والنقل؛ ما يضمن تخصيص الموارد بكفاءة وتقديم الخدمات على الفور. وأشارت فيكرز إلى أن «حلول الذكاء الاصطناعي رصدت طوابير الانتظار في مراكز النقل لتحديد الاختناقات وتنفيذ التدابير اللازمة للحد من أوقات الانتظار؛ ما عزز بشكل كبير التجربة الإجمالية للمشاركين المعتمدين».

لم يعمل هذا التطبيق الناجح للذكاء الاصطناعي على تحسين الكفاءة التشغيلية في الحدث فحسب، بل قدم أيضاً رؤى قيّمة لمشاريع المدن الذكية المستقبلية. أظهرت التكنولوجيا التي تم عرضها في باريس 2024 كيف يمكن توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي لتعزيز البنية التحتية الحضرية؛ مما يمهد الطريق لبيئات حضرية أكثر ذكاءً وكفاءة.

نموذج للمدن الذكية المستقبلية

إن التقنيات التي تم تطويرها ونشرها في «باريس 2024» لها آثار بعيدة المدى تتجاوز الألعاب الأولمبية. وأكدت فيكرز أن الحلول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتي تم عرضها خلال الحدث يمكن أن تكون بمثابة نموذج لمشاريع المدن الذكية المستقبلية. وأوضحت أنه من خلال تحليل البيانات التي تم جمعها من مجموعة سكانية معينة، يمكن لمخططي المدن تحديد أفضل الممارسات لإدارة المرور وتخصيص الموارد وإمكانية الوصول العام. يمكن أن يؤدي هذا النهج إلى تطوير المناطق الحضرية التي ليست أكثر كفاءة فحسب، بل وأيضاً أكثر شمولاً.

إن حلول إمكانية الوصول التي تم تنفيذها في الألعاب الأولمبية مهمة بشكل خاص للبنية التحتية الحضرية المستقبلية. وأشارت فيكرز إلى أن هذه الابتكارات تعزز التصميم الشامل والتنقل؛ مما قد يعزز إمكانية الوصول إلى الأماكن العامة في جميع المدن. ومع تبني المزيد من المدن هذه التقنيات، يمكنها إنشاء بيئات تستوعب الأفراد ذوي الإعاقة؛ مما يؤدي إلى بيئات حضرية أكثر عدالة، حيث يمكن للجميع التنقل بحرية وثقة.

التغلب على التحديات

على الرغم من النجاحات التي تحققت في «باريس 2024»، فإن توسيع نطاق حلول الذكاء الاصطناعي من الألعاب الأولمبية إلى البيئات الحضرية الدائمة يطرح الكثير من التحديات. أقرّت فيكرز بأن دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي مع البنية التحتية الحالية للمدينة، وضمان خصوصية البيانات وأمنها، والحفاظ على نماذج الذكاء الاصطناعي مع تطور المدن هي اعتبارات بالغة الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تأمين الموارد المالية والبشرية لمشاريع الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق واكتساب ثقة الجمهور في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الحضرية الحرجة أمر ضروري للتبني الأوسع.

ومع ذلك، فإن الخبرة المكتسبة من تنفيذ الذكاء الاصطناعي في أولمبياد باريس 2024 توفر خريطة طريق قيّمة للتغلب على هذه التحديات. من خلال معالجة هذه القضايا بشكل استباقي، يمكن للمدن أن تضع نفسها بشكل أفضل لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعزز الحياة الحضرية؛ مما يجعلها أكثر استدامة وكفاءة.

الذكاء الاصطناعي في الأحداث الكبيرة

بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن ينمو دور الذكاء الاصطناعي في الألعاب الأولمبية المستقبلية وغيرها من الأحداث الكبرى بشكل أكثر أهمية. وتتوقع فيكرز أن يكون الذكاء الاصطناعي محورياً لتعزيز مشاركة المشجعين وتحسين الكفاءة التشغيلية وضمان إمكانية الوصول لجميع الحاضرين. وتضيف: «إن التنفيذ الناجح لتقنيات الذكاء الاصطناعي في (باريس 2024) يشكّل سابقة للأحداث المستقبلية، ويبرز الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي في الرياضة وخارجها».

مع استمرار تطور تقنية الذكاء الاصطناعي، ستتوسع تطبيقاتها في الأحداث واسعة النطاق؛ مما يؤدي إلى حلول أكثر ابتكاراً تعزز التجربة الشاملة للمشاركين والمتفرجين على حد سواء. لن يفيد هذا التطور الألعاب الأولمبية فحسب، بل سيحفز أيضاً تبنياً أوسع للذكاء الاصطناعي عبر مختلف الصناعات والقطاعات.

اترك رد

Your email address will not be published.