نظام دمغ الصور المعدلة عبر الذكاء الاصطناعي يزعج المصورين
ديف لي
من السهل الإجابة على بعض الأسئلة على الإنترنت. فإذا سألت هل هذه كعكة؟ قد يكون الجواب: قم بتقطيعها بسكين وسترى. أما إذا سألت هل يمكن مزج هذه المكونات؟ فالجواب قد يكون: ضعها في الآلة واكتشف ذلك.
لكن إذا كان السؤال: “هل قام الذكاء الاصطناعي بهذا؟” فالأمر أصعب.
قد لا تعتقد ذلك. من الواضح أن صورة تم إنشاؤها باستخدام أداة مثل “ميدجورني” “Midjourney” أو “دال-إي” “DALL-E” من “أوبن إيه آي” “OpenAI” يجب أن توصف بأنها “مصنوعة باستخدام الذكاء الاصطناعي”. وفي هذه الحالات، فإن الجهد البشري الوحيد المطلوب هو تخيلها وكتابة الأمر عبر نص لخدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
“مصنوع بواسطة الذكاء الاصطناعي”
لكن هناك مثالا أكثر دقة فكرت فيه. انطلق المصور المخضرم مات سوس في الساعة 3:30 صباحا في أحد الأيام القليلة الماضية، واتخذ موقعه أمام حشد من السياح، لالتقاط صورة تظهر شروق الشمس فوق متنزه كانيون لاندز الوطني في ولاية يوتا.
في مرحلة ما بعد الإنتاج، مزج عدة صور لتحقيق المستوى المثالي من التعرض الضوئي. وبعد ذلك، استخدم وظيفة “التعبئة التوليدية” الخاصة ببرنامج “أدوبي فوتوشوب” “Adobe Photoshop” لإزالة بقعة غبار صغيرة، ولكن غير ملائمة.
وكانت النتيجة النهائية رائعة، كما يشهد بذلك المتابعون. ولكن بعد وقت قصير من نشرها على كل من “إنستجرام” و”ثريدز”، حصلت الصورة على تصنيف تلقائي “مصنوعة بواسطة الذكاء الاصطناعي” بسبب استخدامه للتعبئة التوليدية.
وصف سوس ذلك بأنه محبط. قال لي: “أعتقد أن هذا يعطي المستخدم العادي، أي الشخص العادي، انطباعا بأن الأمر برمته تم بلمحة بصر”عبر استخدام ذكاء اصطناعي توليدي لإنشاء الصورة”.
وضعت “ميتا بلاتفورمز” سياسة تصنيف الذكاء الاصطناعي الخاصة بها بعد أن نصح مجلسها للرقابة بضرورة إعلام المستخدمين بشكل أفضل بالمحتوى الذي قد يكون خضع للتعديل، حتى لو لم يكن الهدف بالضرورة الخداع.
كتبت رئيسة سياسة المحتوى في “ميتا”، مونيكا بيكرت، أن الشركة تشاورت مع “أكثر من 120 من الجهات المعنية في 34 دولة في كل منطقة رئيسة في العالم”. لا يزال النظام بدائي، فهو يعتمد على التقارير الذاتية أو البيانات الوصفية المرفقة بواسطة برامج تحرير الصور عند استخدام الذكاء الاصطناعي.
تصنيف ثقيل الوطأة
الآن، وبعد طرح النظام، يشعر البعض في مجال التصوير الفوتوغرافي الاحترافي بأنه ثقيل الوطأة. كتب مات غروكوت من “بيتا بيكسل” “PetaPixel”، وهو موقع إخباري مستقل رائد في مجال التصوير الفوتوغرافي: “حقيقة أن إنستجرام، الذي يمكن القول إنه أهم منصة للتصوير الفوتوغرافي، يضعف أصالة المصورين من خلال ربط تصنيف الذكاء الاصطناعي طوعا أو كرها، يعد أمرا مهينا وشائنا”.
لكن ربما يدور في خلدك أن سوس استخدم بالفعل الذكاء الاصطناعي لتعديل صورته، لذا فإن التصنيف يعد أمرا عادلا، وإذا لم يكن سوس يريد هذا التصنيف، فما كان ينبغي له أن يستخدم الذكاء الاصطناعي من الأساس.
أهون الشرين
تسير الأمور على ما يرام مع سياسة “ميتا” الخاصة بالتصنيف، على الأقل في الوقت الحالي. وأشار منشور في مدونة لرئيس الشؤون العالمية في
الشركة نيك كليغ هذا العام إلى أن النهج الحالي سيكون ساريا “خلال العام المقبل، حيث ستجرى انتخابات مهمة عديدة حول العالم”.
وبعبارة أخرى، فإن الإفراط في وضع التصنيفات على صور المصورين وإثارة غضبهم، هو أهون الشرين، نظرا لأن الشر الآخر يتمثل في السماح للصور المزيفة بالتأثير في الانتخابات في جميع أنحاء العالم. ولا تزال الأخطاء التي ارتكبت في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، تلحق الضرر بالشركة حتى يومنا هذا.
من المتوقع أن تعاود “ميتا” النظر في سياستها وإجراء تغييرات عليها عام 2025، ولكن لا يجب على المستخدمين تعليق الآمال على التوصل لحل يرضي الجميع أو حتى يكلل بالنجاح. ومن السهل للغاية اليوم على من يتطلعون إلى الخداع التحايل على أساليب الكشف هذه، ولكن لا تزال هناك قيمة في إيجاد طريقة أفضل للفنانين الجدد ليكونوا شفافين مع جمهورهم.
أحد الحلول لشكوى سوس هو وضع مقياس متدرج، حيث تضاف بعض تعديلات الذكاء الاصطناعي “مثل إزالة خلل بسيط” إلى البيانات الوصفية للمهتمين بالتحقيق، ولكن من دون إطلاق وصمة العار “صنع باستخدام الذكاء الاصطناعي”.
لعبة “القط والفأر”
هناك أمل في إيجاد طريقة أفضل، لا تعتمد على صدق الأشخاص على الإنترنت “ها!”. تبحث “ميتا” وشركات أخرى عن طرق متطورة بما يكفي لاكتشاف متى استخدم الذكاء الاصطناعي، من خلال تحليل الصورة نفسها فقط. ويمكن لمثل هذا النظام اكتشاف ما إذا كان هناك شيء ما قد أنشئ بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، أو خضع لتغيير جزئي فقط، مثل شروق الشمس في صورة سوس.
وكتب كليغ أن “ميتا تعمل بجد” على هذا النهج، على الرغم من أنها لعبة “قط وفأر”. ونظرا لأن الذكاء الاصطناعي أصبح أكثر ذكاء في إنشاء الصور، فإن اكتشاف متى استخدمت هذه التقنية سيصبح أكثر صعوبة. ولن تكون الإجابة على الأسئلة الأخلاقية سريعة التطور أسهل كثيرا.
ولكن لماذا لا يكون هناك تصنيف لأنواع التحرير باستخدام تقنية “فوتوشوب”، خاصة أن تقنيات تحسين الصور الفوتوغرافية أو تحريرها أو إصلاحها تستخدم منذ نحو قرنين، كما أن التعديلات الأسلوبية مقبولة على نطاق واسع، باستثناء الصور المستخدمة في معظم التصوير الصحفي.
وفي ظل الذكاء الاصطناعي، يظهر حوار جديد بخصوص الحد الفاصل بين ما هو إبداع حقيقي وما هو مصطنع. يشعر سوس أن تصنيف “صنع باستخدام الذكاء الاصطناعي” عدواني ومضلل. وأنا أتفق معه. فرغم كل شيء، لا يوجد ذكاء اصطناعي حتى الآن يمكنه المشي لمسافات طويلة عبر متنزه وطني عند بزوغ الفجر نيابة عن سوس.
المصدر: الاقتصادية