ماذا يريد العالم تحديدا من الذكاء الاصطناعي؟

121

إلين مور

مشاهدة عبارات نثرية تظهر على الشاشة كما لو كانت بفعل السحر لم تعد آسرة تماما كما كانت من قبل. انخفضت الزيارات إلى برنامج الدردشة الآلي شات جي بي تي التابع لشركة أوبن إيه آي منذ أن وصلت إلى أعلى مستوياتها في مايو، وفقا لبيانات من شركة سيميلار ويب. ينبغي للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إيجاد طرق جديدة لإقناع المستخدمين بأن أدواتها ضرورية.

أثارت الشركة الناشئة في سان فرانسيسكو حمى الذكاء الاصطناعي عندما أطلقت شات جي بي تي في نوفمبر من العام الماضي. وتفسر قوة هذه الإثارة سبب تدفق مليارات الدولارات على هذا القطاع هذا العام ولماذا أصبحت شركة إنفيديا لصناعة شرائح الذكاء الاصطناعي الآن شركة تبلغ قيمتها تريليون دولار. هذا أيضا هو السبب وراء بقاء الإنفاق الرأسمالي عبر قطاع التكنولوجيا مرتفعا للغاية، رغم وعد الشركات بكبح جماح الإنفاق.

إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتيح للمستخدمين التفاعل مع البرامج باستخدام لغة حوارية طبيعية. تصل توقعات توليد الإيرادات في المستقبل إلى التريليونات. لكن “أوبن إيه آي” اعترفت منذ فترة طويلة بأنها لم تكن متأكدة في البداية مما كان في حوزتها. اعتقدت الشركة في وقت من الأوقات أن توليد الصور سيكون أهم للجمهور من النص. يبدو أن فهم ما يريده العالم بالضبط من الذكاء الاصطناعي يمثل مشكلة.

أطلقت “أوبن إيه آي” الأسبوع الماضي شات جي بي تي إنتربرايز، وهو إصدار من شات جي بي تي مصمم خصيصا للشركات. وباستخدام شات جي بي تي 4، أحدث إصدار من النموذج اللغوي الكبير الذي يدرب الذكاء الاصطناعي، فإنها تفرض رسوما مقابل الإجابات والتخصيصات الأسرع. كما تدعي أنها توفر خصوصية أكبر دون حدود عليا للاستخدام.

لكن العملاء من الشركات لا يريدون نسخة أسرع قليلا من شات جي بي تي، بل يريدون نسخة مصممة بشكل مثالي لا تنتج إجابات مراوغة. لن يصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي ضروريا للشركات إلا عندما يتم تدريب النماذج اللغوية الكبيرة على بيانات الشركات نفسها، وهي المعلومات التي يتم عزلها عن المستخدمين الآخرين. تقول “أوبن إيه آي”، إنها ستسمح للمستخدمين بإضافة بيانات خاصة حتى يتمكنوا من إنشاء إجابات تدمج معلومات أعمالهم. لكن ليس بعد.

إن الضجيج حول قدرات الذكاء الاصطناعي على تغيير العالم لم يتم تبريره بعد من خلال قدراته على توليد الإيرادات. اجتذبت “أوبن إيه آي” بالفعل عملاء من الشركات، من ضمنها شركة سناب وسجلت 100 مليون مستخدم في غضون أشهر. لكن لا يبدو أنها تعتقد أن إيراداتها ستعادل مصروفاتها قريبا.

حتى الآن، جمعت الشركة الناشئة 11.3 مليار دولار من المستثمرين بمن فيهم صندوق ثرايف كابيتال. وهذا أكثر من أي شركة ذكاء اصطناعي أخرى. مع ذلك، يقال إن سام ألتمان الرئيس التنفيذي قال إن “أوبن إيه آي” قد تسعى إلى جمع ما يصل إلى 100 مليار دولار.

تأمل في تكلفة الذكاء الاصطناعي التوليدي. في وقت سابق من هذا العام، قدرت شركة سيمي أناليسيس للأبحاث أن كل استعلام يكلف “أوبن إيه آي” نحو 36 سنتا، أو ما يقارب 700 ألف دولار في اليوم.

يجب على الشركة أن تأخذ في الحسبان تكلفة تدريب النماذج اللغوية الكبيرة، والوصول إلى مجموعات البيانات، والقدرات الحاسوبية. وللحفاظ على الأداء، قدرت شركة تريند فورس لأبحاث السوق أن “أوبن إيه آي” ستحتاج إلى شراء 30 ألف وحدة معالجة رسومات أخرى هذا العام. تبلغ تكلفة وحدات H100GPU الخاصة بالذكاء الاصطناعي من “إنفيديا” نحو 30 ألف دولار للقطعة الواحدة. هذا يعني أن “أوبن إيه آي” تواجه فاتورة تقترب من مليار دولار فقط للحفاظ على سير الأمور.

إن “أوبن إيه آي” شركة خاصة، ما يعني أنه ليس عليها أن تنشر معلوماتها المالية. لكن التكلفة العالية للقدرة الحاسوبية اللازمة لتشغيل برمجيات النماذج اللغوية الكبيرة تشير إلى أن الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تنفق أموالها بسرعة. تم الإبلاغ عن خسائر العام الماضي قيمتها 540 مليون دولار. انظر أيضا إلى السرعة التي تجمع بها الشركات النظيرة الأموال. في هذا الشهر، جمعت “أنثروبك” 100 مليون دولار، بعد ثلاثة أشهر فقط من جمع 450 مليون دولار. في يونيو، جمعت شركة إنفليكشن إيه آي مبلغ 1.3 مليار دولار.

صفقة “أوبن إيه آي” الضخمة البالغة قيمتها عشرة مليارات دولار في يناير مع مايكروسوفت تضعها في مقدمة المنافسين. تعني الصفقة أن أدوات” أوبن إيه آي” مدمجة في خدمات مايكروسوفت التي تركز على المؤسسات. في المقابل، تحصل على أموال نقدية وإمكانية الوصول إلى خدمات الحوسبة السحابية.

لماذا إذن تطلق خدمة موجهة للمؤسسات يبدو أنها تتنافس بشكل مباشر مع خدمات مايكروسوفت؟ هل يعكس هذا الرغبة في إضافة مزيد من المستخدمين من الشركات أم الرغبة في تحسين الإيرادات؟

قد يكون كلاهما مفيدا للإصدار التالي من النموذج اللغوي الكبير. المنافسة من الخصوم، من ضمنهم “جوجل” و”أنثروبيك” و”كوهير”، تعني أن “أوبن إيه آي” تتعرض لضغوط لمواصلة الإنفاق. إن شات جي بي تي 4 أكبر من إصدار النموذج اللغوي الكبير السابق شات جي بي تي 3. يحتوي الأخير على 175 مليار بارامتر “طريقة لقياس الحجم”. لا نعرف حجم شات جي بي تي 4، لكن التقديرات تشير إلى أنه يبلغ 1.8 تريليون بارامتر. وسيكون الإصدار التالي أكبر. والبارامترات الموسعة تعني تكاليف أعلى.

لم يتم الإعلان عن رسوم شات جي بي تي إنتربرايز بعد. تبلغ تكلفة فئة شات جي بي تي بلس المدفوعة الحالية 20 دولارا في الشهر، بينما تبلغ تكلفة فئة بينج إنتربرايز من مايكروسوفت خمسة دولارات شهريا. يبدو أن معدل 25 دولارا شهريا معقول. رغم ذلك، حتى لو سجل عشر المستخدمين التقديريين في الخدمة، فإن “أوبن إيه آي” لن تكون قريبة من تحقيق تعادل إيراداتها مع مصروفاتها.

المصدر: الاقتصادية.

اترك رد

Your email address will not be published.