الذكاء الاصطناعي في القانون والاستشارات والخدمات المهنية
AI بالعربي – متابعات
إنها الحكاية التحذيرية التي تم تداولها في أرجاء السلك وخارجه. عندما استخدم محام في نيويورك “شات جي بي تي” لمساعدته في كتابة موجز لقضيته ضد شركة الطيران الكولومبية أفيانكا، زوده بسوابق قضائية وهمية تماما وتم استدعاؤه على الفور من محامي الدفاع والقاضي. بعد صدور مئات العناوين المهينة، تم تغريم المحامي وبرزت أخطار الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وفقًا لموقع الاقتصادية.
ربما تفسر مثل هذه المخاطر السبب وراء ما أظهرته دراسة استقصائية أجرتها أخيرا شركة مور جلوبال، وهي شبكة من شركات المحاسبة، أن شركات المحاماة كانت أقل حماسا من مجموعات المحاسبة والمالية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي بشكل ملحوظ، ومالت إلى أن تقول إنه يشكل تهديدا لأعمالها.
الإشراف البشري على الذكاء الاصطناعي
في الخدمات المهنية – التي يتقاضى فيها المحامون والمستشارون والمحاسبون رسوما سخية مقابل خبراتهم البشرية – تتبنى الشركات عموما أحدث جيل من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لكنها تصر في الوقت نفسه على أن استخدامها سيبقى مقيدا بقوانين صارمة وتحت إشراف بشري.
يوضح جو أتكينسون، رئيس المنتجات والتكنولوجيا في شركة برايس ووترهاوس كوبرز في الولايات المتحدة: ” نشجع موظفينا على تجربة شات جي بي تي لكننا لا نشجعهم على العمل باستخدام شات جي بي تي”. أما للعمل، تعمل الشركة على طرح إصدار “مايكروسوفت” الخاص بالشركة، والذي تطلق عليه اسم شات بي دبليو سي.
“برايس ووترهاوس كوبرز” من بين شركات استشارية عديدة تتنافس الآن على قدر استثمارها في الذكاء الاصطناعي، حيث تحاول إقناع شركات كي تستعين بها من أجل تقديم المشورة بشأن تطبيق التكنولوجيا التي غيرت مسار اللعبة. قالت “برايس ووترهاوس كوبرز” أخيرا إنها ستنفق مليار دولار على مدى ثلاثة أعوام، وتملك شركة كيه بي إم جي عقد بملياري دولار لخمسة أعوام مع “مايكروسوفت”، وأعلنت شركة أكسنتشر أنها ستنفق ثلاثة مليارات دولار حتى 2026.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الخدمات المهنية
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي شائعا بازدياد في شركات الخدمات المهنية على مدار العقد الماضي، في نواح كبيرة وصغيرة.
ساعد الاستثمار في التعلم الآلي شركات الاستشارات العملاقة على إيجاد حلول لمشكلات الشركات المتغيرة بسرعة أكبر – مثل اختناقات سلسلة التوريد أو تأثير تغير المناخ.
تمكن مدققون من إضافة تحليلات لمجموعات بيانات كاملة إلى عينات لتاريخ معاملات مالية لعميل ما تتيح لهم التركيز على الحالات الشاذة.
في القانون، توجد مجموعة كبيرة من الأدوات لتسريع العمل الشاق المتمثل في مراجعة العقود، أو تحليل السوابق القضائية، أو البحث عن أحكام تغيير الملكية في إجراءات الدمج والاستحواذ.
وهناك أوجه للكفاءة للعمليات اليومية يمكن تحقيقها من أتمتة مهام العمليات المساندة – مثل دعم تكنولوجيا المعلومات، كما فعلت شركة جرانت ثورنتون للمحاسبة مع روبوت محادثة سمي على اسم مؤسسها ألكساندر جرانت.
المكاسب من استخدام الذكاء الاصطناعي
شركة أكسنتشر، التي تدير خدمات تكنولوجيا المعلومات وتقدم الدعم لعملاء عالميين بتعاقدات خارجية، تنسب الفضل للذكاء الاصطناعي في تحقيق أهدافها لتحسين الكفاءة المتواصلة. حيث قالت جولي سويت، الرئيسة التنفيذية للشركة في مكالمة حديثة للأرباح: “مع اقترابنا من اكتمال برامج الأتمتة والإصدارات السابقة من الذكاء الاصطناعي (…) نرى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يعكس قدرتنا على الاستمرار في إعطاء ما لا يقل عن 10 في المائة من الإنتاجية عاما بعد عام”. وخصت بالذكر الأدوات الجديدة لتسريع كتابة شيفرة الحاسوب كونها ذات فائدة خاصة.
توقع إنزو سانتيلي، رئيس التحول في “جرانت ثورنتون”، أنه قد يكون من الممكن مضاعفة حجم الأعمال التي تؤديها الشركة على مدى الأعوام الخمسة أو الستة المقبلة، بزيادة الموظفين 20 أو 25 في المائة فقط.
يعتمد ما إذا كانت هذه الكفاءات ستتحقق على نتاج فترة تجارب مكثفة داخل هذه الشركات، التي بدأت هذا العام مع طرح أدوات “مايكروسوفت” المبنية على التكنولوجيا التي تقف وراء شات جي بي تي.
يقول براد براون، رئيس ممارسة التكنولوجيا الضريبية في “كيه بي إم جي”: “لقد ركزنا على اقتناء إصدار مخصص للمؤسسة في أيدي متخصصينا بسرعة كبيرة حتى يكون لدينا بديل آمن عن استخدام إصدار مفتوح المصدر”. تعمل الشركة على استكشاف استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي لمساعدة الموظفين في البحث عن القوانين الضريبية المعقدة وتلخيص بيانات الإقرارات الضريبية وتحليلها، في حين تكمن أكبر الفرص في استخدام الأدوات لربط أنظمة البيانات المتفاوتة معا بواجهة سهلة الاستخدام.
يقول براون: “يجب أن تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي ضمن نظام بيئي أوسع. هذا هو بيت القصيد، ليس فقط التركيز على الذكاء الاصطناعي، بل التركيز على الأدوات التي يتكامل معها”.
إن شركتي برايس ووترهاوس كوبرز وإرنست آند يونج من بين الشركات التي تستخدم أحدث جيل من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للتعامل مع أعمال جديدة، وملء بيانات طلبات العملاء للحصول على مقترحات بمعلومات من قاعدة بيانات لنجاحات حققتاها سابقا. فوائد تقليل الوقت الذي تقضيه في إعداد طلبات تقديم العروض ستتدفق مباشرة إلى أرباح الشركات. يقول أتكينسون من “برايس ووترهاوس كوبرز”: “هذه تكلفة المبيعات في مجال الخدمات الاحترافية”.
التدابير الاحترازية لاستخدام الذكاء الاصطناعي
يقول مسؤولون تنفيذيون إن قواعد السلوك الحالية تغطي معظم استخدامات الذكاء الاصطناعي، لكن يجب أن تبقى قيد المراجعة المستمرة.
يجب الاحتفاظ بمعلومات العميل بإحكام داخل خدمات الذكاء الاصطناعي التي تتبع المؤسسة ذاتها، لكن قد يحتاج الموظفون إلى تذكيرهم بعدم وضعها في نماذج عامة من أجل اختصار الوقت في وقت متأخر من الليل عند التحضير لعرض تقديمي على برنامج باور بوينت، مثلا.
هناك أيضا سباق لتوظيف الخبرات وتدريب الموظفين، حيث سيتم طرح الذكاء الاصطناعي ليس فقط في شركات الخدمات المهنية نفسها بل لعملائها أيضا، ما يضع أمامها تحديات في تدقيق النتائج المالية لشركة ما والعمليات بالنسبة للشركات التي لا يمكنها مواكبة ذلك، مثلا.
يقول أتكينسون من “برايس ووترهاوس كوبرز”: “هذا ليس بالشيء الذي يجب أن نخاف منه، بل هو شيء يجب الاعتماد إليه. سيتحرك الجميع بسرعة كبيرة، ولا تريد أن تتخلف كثيرا”.