علاقة الذكاء الاصطناعي بالسرقة
أروى المزاحم
يتسلل الذكاء الاصطناعي مع التقدم التكنولوجي لحياتنا بشكلٍ مُرعب وسريع، وتباعاً لسرعته وتفوقه في إتقان العديد من المهام بشكلٍ أسرع وأفضل، يواصل الأفراد والشركات الاستفادة منه في ظلِ هذا التوسع والتعب.
في مقالٍ سابق لي، كان بعنوان (تشعب الرقمنة في حياتنا)، تساءلت فيما إن كانت الرقمنة والتكنولوجيا حقا أمراً ساراً وجيداً أم العكس؟؟ بعد أن تفضلتُ بِذكرِ أهمِ الأمور الجيدة التي حدثت معي من خلالِها دُون أن أتطرق لِذكرِ سلبياتها أو الوجه الآخر منها في ظل ما نشهدهُ من انتشارٍ هائل لأنظمة الذكاء الاصطناعي، فبالنظر إلى المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي التي تمت مناقشتها في الماضي وحتى الوقت الحالي، فإن جميعها كانت مُجردَ مخاوف وتكهنات غير مؤكدة، وغالبها احتمالاتٌ مشكوكٌ في حدوثها، إلا أن بعضَ هذهِ المخاوف بدأت تتجسَّد على أرضِ الواقع بشكلٍ تدريجي شيئاً فشيئاً، بعدَ ان أزاحَ الذكاء الاصطناعي الغطاء عن مخاطرهِ المخفية والمتوارية عن الأنظارِ ، والتي قد يترأسُ قمتها أهم خطرٍ على مستوى مستخدميها من الأفراد والشركات ألا وهو تسرب البيانات والمعلومات الشخصية وسهولة انتهاك الخصوصية، كذلك خداع نظام الذكاء الاصطناعي من خلال استغلال الثغرات التي يرى الذكاء الاصطناعي من خلالها العالم، وفي الواقع مشكلتنا الحقيقية ليست في الذكاء الاصطناعي، بل في إساءة استخدامه، والدليل على هذا هو استقالة عرَّاب الذكاء الاصطناعي من عمله، بسبب أن هذهِ التقنية، كما قال إنها تمثل خطراً على الإنسانية والمجتمع في حال إساءة استخدامها.
في الأيام القليلة الماضية، طالتنا رسائل التحذير من كل حدبٍ وصوب حول صورة جديدة من صور الاحتيال المتطورة وأسميها متطورة، إذ إنَ المحتال يستعين في تنفيذها بأنظمة الذكاء الاصطناعي، بعدَ أن كانت عمليات النصب والاحتيال في الماضي تحتاج لمجهودات كبيرة ومخططات خطيرة، أما الآن فباتت أسهل بكثير وأكثرَ نجاحاً، إذ إن المُحتال يقوم بتسجيل نبرة أصوات الأشخاص واستخدامها في التواصل مع أقربائه ومعارفه لطلب تحويل المال له موهماً إياهم بأن المُتحدث هو ذات الشخص الذي يعرفونه من خلالِ نبرة صوته وليسَ المُحتال الذي يودُ سرقة أموالهم بطريقة مُلتوية، والحقيقة أن البعض قد يستجيب لهُ فعلاً بالخصوص، وأنهُ نفس صوت الشخص الذي يعرفونه دون إدراك منهم بالفخ الذي أسقطهم المحتال به.
إن عمليات الاحتيال الإلكتروني عديدة لا يُمكن حصرها وقد تتضاعف في ظل التسهيلات الحالية من أنظمة الذكاء الاصطناعي، ودون أدنى لحظة شك بأن الجهود التي تبذلها دولتنا لمكافحة الاحتيال المالي، تُعد شيئا عظيماً ومجهوداً كبيراً ومقدراً، ولكن رغم ذلك علينا أن نكون مُتيقظين لمثل هذهِ العمليات، واعين بمدى خطورتها، وحذرين فيما يخصُّ التواصل عبرَ منصات التواصل الاجتماعي مع ضرورة احتفاظنا بمعلوماتنا وأرقامنا السرية الخاصة بنا في مكانٍ آمن بعيداً عن متناول العابثين.
* ومضة:
يقول دوستويفسكي: “كُن سنداً لنفسك، اتكئ على بعضك وانهض”.
حين تفتقد السند الذي تتكئ عليه في لحظات ضعفك وانكسارك، كن سنداً لنفسك، فالنفس لا تغدر ولا تهجر، ولا تخون.
المصدر: اليوم