ميرا موراتي.. المرأة المكلفة بضم الذكاء الاصطناعي إلى عالمنا
AI بالعربي – متابعات
لم يكن مساء 29 تشرين الثاني (نوفمبر) مختلفا عن أي يوم آخر لميرا موراتي، كبيرة مسؤولي التكنولوجيا في شركة أوبن أيه آي. عادت إلى المنزل من مكاتب الشركة الناشئة في سان فرانسيسكو ذلك المساء، بعد أن انتهى فريقها من إصدار منتج تجريبي، شات جي بي تي، وفقًا لموقع الاقتصادية.
تم تصنيف شات جي بي تي كمنصة بحثية. تغيرت تلك الخطة بشكل كبير عندما وصل برنامج الدردشة الآلي إلى مليون مستخدم في غضون خمسة أيام من إطلاقه. أدركت موراتي، التي لم تصب توقعاتها بتاتا، أن الشركة كانت في طليعة سباق لتسويق أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية، وهي أنظمة ذكاء اصطناعي يمكنها إنتاج نصوص وصور ومحتوى شبيهة بما ينتجه البشر بسرعة.
قالت موراتي، التي ترأس الفريق التكنولوجي للشركة المؤلفة من 375 شخصا بقيادة سام ألتمان الرئيس التنفيذي “كان هذا الإدراك بالواقع مهما للغاية لمعرفة ما يجب إيلاء الأولوية إليه، وإلى أين نتجه مستقبلا. لقد شهدنا بالتأكيد تحولا مهما عندما قررنا بناء منتج ونشر التكنولوجيا”.
الآن، تقود موراتي جهود “أوبن أيه آي” لتسويق شات جي بي تي بصفته منتجا مستقلا، وتبحث عن طرائق للاستفادة من شعبيته بين عشرات الملايين من المستهلكين، بعد الصعود الاستثنائي لبرامج الدردشة الآلية. لكنها تصر على أنه رغم المفروضات المالية الجديدة، لم يتغير طموح الشركة الرئيس.
قالت “تكمن مهمتنا في الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام ومعرفة كيفية نشره بأمان”، في إشارة إلى برنامج مستقبلي يمكنه أداء مجموعة من المهام المعرفية على المستوى البشري. “ولذلك نحرص دائما وبشدة على ألا نفقد التركيز على ذلك”.
من ناحية أخرى، تعيد الشركة تشكيل صناعة التكنولوجيا. فقد أدى إطلاق شات جي بي تي، الذي يضم نحو 100 مليون مستخدم شهريا وفقا لموقع سيملار ويب، إلى شروع عمالقة التكنولوجيا مثل “جوجل” في إعادة رسم استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي وإطلاق روبوتات دردشة منافسة على عجل. بدأت الشركات حول العالم بتجربة التكنولوجيا اعتقادا منها أنه يمكنها تحويل صناعات من الإعلام والتمويل والقانون والخدمات المهنية.
بعد فترة وجيزة من إصدار شات جي بي تي، وافقت شركة مايكروسوفت على استثمار “لأعوام عدة، بمليارات الدولارات” في “أوبن أيه آي” تقدر قيمته بنحو عشرة مليارات دولار. وتعمل المجموعة التي تتخذ من سياتل مقرا لها أيضا على تضمين التكنولوجيا الأساسية في مجموعة تطبيقات أوفيس للإنتاجية، وهي قاعدة مربحة تتكون من مئات الملايين من عملاء المؤسسات الكبيرة.
ساعد برنامج الدردشة الآلي على توضيح القيمة التجارية الواضحة للذكاء الاصطناعي التوليدي لموراتي والقيادة العليا في “أوبن أيه آي”. قالت “لقد توسعت استراتيجيتنا للنشر الآن (…) منصة شات جي بي تي التي تربطنا بعلاقة مباشرة مع المستخدم. يمكننا أن نسألهم عن ملاحظاتهم وتفضيلاتهم واستخدام تلك الملاحظات (…) لتحسين البرمجية”.
بعد أن عملت في السابق مهندسة ميكانيكية في شركة الواقع المعزز ماجيك ليب الناشئة، وشركة تصنيع السيارات الكهربائية تسلا، انضمت موراتي إلى الشركة عام 2018 حين كانت لا تزال معمل أبحاث غير ربحي. تشرف الآن على التوزيع الشامل لمجموعة منتجات “أوبن أيه آي”، بما فيها الذكاء الاصطناعي لتوليد الصور دال-إي والذكاء الاصطناعي لتوليد كود برمجي كوديكس وشات جي بي تي.
منذ انضمامها، تطور منصبها إلى تجربة تكنولوجيا “أوبن أيه آي” في العالم الحقيقي، بحيث يمكن لشركاء الصناعة إنشاء إصدارات من منتجات الذكاء الاصطناعي في كل شيء من التعليم، إلى الخدمات المالية والقانون والرعاية الصحية.
بدأ فريق موراتي العمل على تقديم اشتراك في شات جي بي تي للشركات، الذي يسمح للعملاء بتخصيص إصدارات شات جي بي تي لأغراض محددة. أطلقوا أيضا ما يسمى البرامج الملحقة، التي تتيح للمستخدمين البقاء داخل شات جي بي تي أثناء أداء مهام مثل تصفح الويب وشراء البقالة وحجز طاولات في المطاعم عبر التطبيقات مثل إنستا كارت وأوبن تيبل.
“أوبن أيه آي” اليوم، مثل كثير من شركات البرمجيات في وادي السيليكون، تروج لنفسها على أنها شركة “منصة”، مع عرضها نوعين من الخدمات: أحدهما واجهة برمجة التطبيقات، التي تسمح للأطراف الثالثة بدمج برامج “أوبن أيه آي” في منتجاتها مقابل رسوم، والآخر شات جي بي تي. ستكون “مايكروسوفت”، وهي أكبر مساهميها، مصدر إيرادات ثالثا ومستقلا.
قالت موراتي “يتيح لنا شات جي بي تي الوصول إلى الأشخاص مباشرة وجمع ملاحظات وجعل نماذجنا أكثر توافقا وإفادة. وواجهة برمجة التطبيقات منصة تسمح لآخرين بالبناء على نماذجنا”.
من بين عملاء واجهة برمجة تطبيقات “أوبن أيه آي” مجموعة من الشركات مثل الشركة التعليمية الناشئة خان أكاديمي، وشركة وسائل التواصل الاجتماعي سناب، وشركات إدارة الأصول مثل مورجان ستانلي ويلث مانجمنت. تدفع كل منها لتصميم الأداة وفقا لاحتياجاتها الفردية. توقعت “أوبن أيه آي”، التي قيل إنها حققت 28 مليون دولار عام 2022، أن تجني 200 مليون دولار عام 2023.
تحتاج الشركة إلى زيادة الإيرادات من أجل تمويل التكاليف المذهلة لقوة الحوسبة المطلوبة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة وتشغيلها، حيث وصف ألتمان الشركة أخيرا بأنها على الطريق لتصبح “الشركة الناشئة التي تستهلك أعلى رأسمال في تاريخ وادي السيليكون”.
تشير التقديرات إلى أن تكاليف تشغيل شات جي بي تي، بافتراض عشرة ملايين مستخدم شهريا، تبلغ مليون دولار في اليوم. وادعى ساتيا ناديلا رئيس “مايكروسوفت”، أن مايكروسوفت بنت حاسوبا عملاقا لإدارة أعمال “أوبن أيه آي”، وأنه يمكنها الآن معالجة بعض حسابات الذكاء الاصطناعي بنصف تكلفة منافسيها.
تعد المخاطر المحتملة لبرمجيات الذكاء الاصطناعي، ولا سيما عندما تصبح أكثر قوة، الشاغل الأكبر لواضعي السياسات ومجتمعات الأعمال والبحث.
من بين هذه المخاطر تحديات مثل انتشار التلاعب والمعلومات المضللة التي يولدها الذكاء الاصطناعي. وعلى المدى الطويل، هناك مخاوف بشأن المخاطر الوجودية من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي قد تتصرف بطرائق غير أخلاقية، دون حس أخلاقي بشري.
في الشهر الماضي، قال 350 شخصا من المطلعين في الصناعة، بمن فيهم ألتمان، “إن تخفيف خطر الفناء بسبب الذكاء الاصطناعي ينبغي أن يكون أولوية عالمية إلى جانب المخاطر المجتمعية الأخرى مثل الجوائح والحرب النووية”.
قالت موراتي “إنها تؤيد استخدام إجراءات حماية فنية لتقليل، أو محو، أو حتى منع بعض هذه المخاطر”.
وأضافت “من الواضح أن التقدم يحدث بسرعة كبيرة. لكننا اليوم نستخدم هذه الأنظمة مثل الأدوات المساعدة. ولا نعتمد عليها بشكل أعمى أو كلي. إنها أشبه بأدوات تعزز إنتاجيتنا وإبداعنا”.