أزمات من بوابة الذكاء الصناعي

أزمات من بوابة الذكاء الصناعي

ماجد الجريوي

أتسكع وكغيري من الكثيرين في جنبات التطبيق الأكثر جنونا وإثارة “تيك توك“، ولأني مهتم أكثر بالمحتوى الإعلامي ومظلته الكبيرة ومستقبل هذه الصناعة بشكل عام وعلاقتها بالذكاء الصناعي بشكل خاص، فإن التطبيق يبدع في تدليعي -إن صح التعبير- بإغراقي بالمحتوى المحبب لي من خلال الخوارزميات وكشف الاهتمامات الخاصة بي، ويقدمها لي بشكل مستمر وكأنه يعرفني أكثر مني. فيدمج لي محتوى إعلاميا بلمسات من الفنون المختلفة، ومجرد ما أستمر في المشاهدة أو أعجب بالفيديو يقترح لي محتوى مشابها وهكذا.

ومؤخرا انتشر محتوى مغاير ومختلف عن أي محتوى شاهدناه من قبل، وبفضل الذكاء الصناعي وأدواته المختلفة وتحديدا الصوتية منها، نستطيع اليوم أن نسمع أغنية لفنان تعودنا منه أن يشدو بها ولكن بصوت فنان آخر! فإذا كنت معتادا على سماع أغنية “لأطلال” -مثلا- بصوت أم كلثوم بإمكانك سماعها الآن بصوت فرقة ميامي ودون علمهم. وإذا كنت تتمايل طربا لأغنية “من بادي الوقت” الآن تستطيع سماعها بصوت بنت عجرم ودون علمها. فهذه الحالة الممتعة العجيبة تصيب المستمعين وجمهور الفنانين بالدهشة والإثارة.

المفارقة هنا أن بعض الأغاني تكون أجمل بالذكاء الصناعي من الأغنية الأصلية نفسها، وهنا يفتح باب الأمنيات والمقارنات على مصراعيه. فعند سماع الجمهور للأغنية بصوت فنان غير صاحب الأغنية تبدأ حرب الـ100 عام مصحوبة بالجدالات البيزنطية بين جماهير الفنانين في خانة التعليقات. فجمهور الفنان صاحب الأغنية ممتن أن الأغنية له ولم تذهب لآخر وجمهور الفنان الآخر يتمنى لو كانت الأغنية له. نقاشات لا نهائية تصل لحد الشتم بين الجماهير. والمستفيد هنا بلا شك هو صاحب الحساب الذي يجد كل هذا التفاعل والمتابعين النشطين.

بتعميم هذه الحالة على مستقبل حياتنا وحتى حاضرها كأشخاص – كيانات يجعلنا نترقب ونستعد. فما قبل هذه الخطوة تأثرت حياتنا بلا شك بسبب شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت. وكانت وما زالت بوابة للأزمات فكم من شخص انهارت حياته بسبب أزمة عبر شبكات التواصل وكم من مؤسسات وكيانات خسرت جمهورها وسمعتها للسبب نفسه. واليوم زاد الزيت النار نارا بوجود الذكاء الصناعي وأدواته المرعبة، فمقولة فوتوشوب كناية عن أن الصورة تم تعديلها بهذا البرنامج وبرامج تعديل الفيديو المختلفة التي نستطيع تمييزها، أصبحت أكثر تعقيدا. فأدوات الذكاء الصناعي تشمل اليوم الصوت والصورة والفيديو وبدقة وجودة عالية جدا. وبوابة الأزمات خلعت تماما.

وكما نقول دائما الوقاية خير من العلاج وهذه المقولة بالمناسبة قد تكون إعلاميا بالأهمية نفسها صحيا. الفضاء مفتوح والمتربصون كثر والمنتفعون أكثر. فيجب أن يضمن المخططون الإستراتيجيون في مختلف الجهات في خططهم الإعلامية سلبا وإيجابا أدوات هذا الغول القادم.

المصدر: الوطن

Related Posts

تقرير أميركي يحذر من خطورة نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية

تقرير أميركي يحذر من خطورة نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية AI بالعربي – متابعات دخل سباق الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين مرحلة أكثر سخونة، بعد أن أصدر مركز معايير الذكاء…

استثمارات رأس المال الجريء تتدفق نحو الذكاء الاصطناعي بقيمة تقارب 193 مليار دولار

استثمارات رأس المال الجريء تتدفق نحو الذكاء الاصطناعي بقيمة تقارب 193 مليار دولار AI بالعربي – متابعات سجّل قطاع الذكاء الاصطناعي طفرة غير مسبوقة في جذب استثمارات رأس المال الجريء،…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات

حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

  • أكتوبر 1, 2025
  • 142 views
حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

  • سبتمبر 29, 2025
  • 141 views
الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتساؤلات البشر

  • سبتمبر 26, 2025
  • 83 views
تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتساؤلات البشر

كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟

  • سبتمبر 24, 2025
  • 90 views
كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟

الذكاء الاصطناعي في قاعة التشريفات: ضيف لا مضيف

  • سبتمبر 18, 2025
  • 46 views
الذكاء الاصطناعي في قاعة التشريفات: ضيف لا مضيف

الإعلام والذكاء الاصطناعي.. ستة مصادر للقلق

  • سبتمبر 15, 2025
  • 56 views
الإعلام والذكاء الاصطناعي.. ستة مصادر للقلق