عسكرة الذكاء الاصطناعي!
فوزية رشيد
من الواضح مع تسارع عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي أنه تطوير قد يحمل في طياته كثيرا من المخاوف المستقبلية التي تصبح أمامها مسألة إحلال الروبوتات والآلات محل البشر في الوظائف والمهن والأعمال المختلفة والبطالة العالمية التي ستنتج عنها مجرد مخاوف بالإمكان التحكم فيها في النهاية إن وصل الأمر إلى أن تكون عمالة الآلات مسيطرة على العمالة البشرية في كل الوظائف! ولكن (مالا يمكن التحكم فيه) هو الخطر الأكثر إثارة للقلق وهو أن (تبرمج الآلات والروبوتات نفسها وهي في حالة أنها الأذكى من البشر لتتخلص من الأقل ذكاء – أي البشر– الذين صنعوا في البداية تلك الآلات!
مواصلة لما كتبناه سابقا حول هذه المسألة الخطرة قال”إيلون ماسك” وهو أبرز الوجوه العاملة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي: “من يزعمون أنهم خبراء في الذكاء الاصطناعي يعتقدون في معرفتهم أكثر مما هم يعرفون! ويظنون أنهم أذكى مما هم عليه في الواقع! ولا تعجبهم فكرة أن آلة يمكن أن تكون أذكى منهم بكثير! لذلك يهملون المخاطر الكبيرة وهذا عيب كبير! ويواصل – أنا قريب جدا من التطور الرهيب للذكاء الاصطناعي وهو يخيفني جدا! لذلك لابد من تشكيل هيئة عامة لديها اضطلاع ورقابة للتأكد أن الجميع يعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل آمن! أعتقد أن خطر هذا الذكاء الاصطناعي أكبر بكثير من خطر الرؤوس النووية! واحفظوا كلامي هذا جيدا هو أخطر بكثير من القنابل النووية”
“جيفري هنتون“ قدم استقالته من جوجل وقال: ”إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقتل البشر إذا أصبح أكثر ذكاء من الإنسان فالتجارب تقول إن الأكثر ذكاء هو الذي يتحكم في النهاية فيمن هو أقل ذكاء، وخاصة أن الذكاء الاصطناعي سيبرمج نفسه بنفسه وسيكتشف طرقا للتلاعب بالناس ليفعلوا ما يريده أو قد يتسبب في قتل البشر” ! وقال فيما معناه إن هناك تنافسا تدميريا بين الدول الكبرى في تطوير المزيد من قدرات الذكاء الاصطناعي ولا أحد يستطيع إيقافه، فإن توقفت هذه الدولة ستواصل دولة أخرى تطويره!
في البيت الأبيض دار ولا يزال يدور جدل صاخب حول عسكرة الذكاء الاصطناعي بين مؤيد لها ومعارض! وبالعودة إلى أحد روبوتات هذا الذكاء قال في لقاء صحفي مع أحد الصحف الأمريكية إنه لو أتيح له الضغط على الزر النووي فسيفعل ليقتل البشر! وهكذا تبدو القصة مع هذا الذكاء الاصطناعي بدوره من المخاطر الكبرى للبشرية وكما توثقه أفلام هوليوود في كيفية تحكم الآلات في البشر وقتلهم! ولعل الدول الكبرى وهي تتنافس تنافسا تدميريا يفتح المجال بين ما يفتح لوقوع مثل هذا التطور في أيدي مافيات إجرامية تهدف إلى تدمير الأرض ومن عليها! هذه الدول تسلط على البشرية ما هو أخطر من القنابل والرؤوس النووية، كما اعترف إيلون ماسك”نفسه!
بعد القلق والخوف من الحرب النووية ومن الحرب البيولوجية والكيماوية والفيروسية ها هو خطر لا يقل ضراوة على البشرية يطل برأسه وعنوانه ”الذكاء الاصطناعي” الذي قد يصل سريعا إلى أن يبرمج نفسه وهو أذكى من البشر ليتحكم فيهم أو يقتلهم! فما بالنا إذا تمت عسكرة هذا الذكاء بشكل مؤثر بحيث تتحول الأرض ومن عليها من بشر إلى قصة حضارة بشرية عاشت على الأرض ثم بادت! لتبدأ حضارة الآلات أو تحكم الآلات في الأرض! وهو الكابوس الذي تلح عليه أفلام هوليوود منذ سنوات، وكأنه فتح علمي من دون إدراك الدول هذه أو مكابرتها على أن (الآلة التي بإمكانها أن تبرمج نفسها وهي الأكثر ذكاء لن تبقي حتى على الأشرار الذين صنعوها)! و”إيلون ماسك” يحذر في الواقع هذه النخبة العلمية التي تديرها النخبة الماسونية، من أن اعتقادهم بالتحكم فيما سيكون أكثر ذكاء منهم هو اعتقاد واهم!
هؤلاء الذين لم يتركوا في الحياة البشرية أي شيء طبيعي بل استبدلوا كل ما هو طبيعي بما هو صناعي، يفتحون اليوم للبشرية مسارات مظلمة باسم التطور العلمي والتكنولوجي وكأنهم ليسوا من البشر أو هم كذلك! وبالتالي لا يهمهم المصير البشري الذين وضعوا له أكثر المخططات رعبا للقضاء عليه! ولكأنهم يتحدون الطبيعة ومن خلقها وخلق الحياة والبشر، ووحده المحيط بهم وبمكرهم الذي تزول منه الجبال! وعلى هذا نتوكل.
المصدر : أخبار الخليج