AI بالعربي – متابعات
حذّر تقرير متخصص في الأمن السيبراني من اتساع رقعة الهجمات الإلكترونية بالتوازي مع التطور المتسارع لقدرات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن هذه التقنيات باتت قادرة على كشف البيانات غير المنظمة التي كانت تُعد سابقًا جانبًا مظلمًا وخفيًا داخل المؤسسات.
وأوضح التقرير أن نحو 69 في المائة من المؤسسات حول العالم تعرّضت لهجوم واحد على الأقل من هجمات برامج الفدية خلال العام الماضي، في مؤشر يعكس حجم التهديد المتصاعد الذي تواجهه الشركات في العصر الرقمي.

الاحتيال السيبراني يستغل نقاط الضعف البشرية
وفي تصريحات نقلتها صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أيّدت الباحثة البارزة في كلية سلون للإدارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كيري بيرلسون، هذه التحذيرات، مؤكدة أن مخططات الاحتيال المعقّدة والشخصية أصبحت أكثر تطورًا، وتعتمد بشكل أساسي على استغلال نقاط الضعف البشرية، مثل الرغبة في مساعدة الآخرين أو إنجاز المهام بسرعة.
وأشارت بيرلسون إلى أنه مع تزايد تعقيد أنظمة تكنولوجيا المعلومات داخل الشركات، لم يعد السؤال المطروح هو ما إذا كانت المؤسسة ستتعرض لاختراق، بل إلى أي مدى سيكون هذا الاختراق خطيرًا.
البيانات غير المنظمة في مرمى الهجمات
من جهتها، أكدت شركة “فيم” المتخصصة في البرمجيات والأمن السيبراني أن البيانات غير المنظمة، التي تمثل ما بين 70 إلى 90 في المائة من معلومات المؤسسات، أصبحت هدفًا رئيسيًا للهجمات الإلكترونية مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وبيّن تقرير الشركة أن نحو 70 في المائة من المؤسسات تعرضت لهجوم واحد على الأقل من برامج الفدية خلال العام الماضي، فيما لم تتمكن 57 في المائة من المؤسسات المتضررة من استعادة سوى أقل من نصف بياناتها.
الأمن السيبراني ليس مشكلة تقنية فقط
ويرى خبراء “فيم” أن المؤسسات اعتادت التعامل مع الحوادث الإلكترونية بوصفها مشكلات تقنية بحتة، تُحال بالكامل إلى فرق تكنولوجيا المعلومات، مع التركيز أحيانًا على الامتثال والمطابقة فقط، وهو ما يتجاهل حقيقة أن الأمن السيبراني في عصر الذكاء الاصطناعي يجب أن يركّز على حماية البيانات بشكل مستمر، لا الاكتفاء بحماية المحيط الخارجي بشكل دوري.
وأكدوا أن لحظة وقوع الخلل تُبرز الدور المحوري للإدارة والعنصر البشري، وليس فرق التقنية وحدها، إذ يتعيّن التعامل مع تبعات الحوادث بشفافية، وتحليل أسبابها بمصداقية.
“ذهنية المرونة” في مواجهة المجهول
وتدعم الباحثة كيري بيرلسون هذا التوجّه، معتبرة أن الأمن السيبراني قضية ثقافية بالدرجة الأولى، وداعية إلى تبني ما وصفته بـ”ذهنية المرونة” أو “العقلية المرنة”، وهي القدرة على إدارة المجهول إلى جانب التعامل مع المخاطر المعروفة.
وقالت بيرلسون: “يمكننا استخدام خطط حماية الأمن السيبراني المتاحة لما نعرفه، لكننا بحاجة إلى طريقة أخرى لإدارة ما لا نعرفه، وهذا ما نطلق عليه التفكير المرن”.
الجاهزية البشرية قبل الحلول التقنية
بدوره، شدّد كبير مسؤولي أمن المعلومات في شركة “فيم”، جيل فيجا، على ضرورة أن يركّز قادة المؤسسات على بناء جاهزية مرنة ومتكاملة، يكون العنصر البشري في صميمها، مؤكدًا أن الاعتماد على الحلول التقنية وحدها غالبًا ما يؤدي إلى الفشل.
وقال فيجا: “إذا تُركت الحلول التقنية دون تدخل بشري، فإنها تفشل في معظم الحالات. المسألة اليوم تتعلق بالجاهزية البشرية والثقافية للمؤسسة”.
وأضاف أن القيادة مطالبة بتهيئة بيئة تشجّع على التعلم المفتوح من الحوادث، حيث تُعد الإخفاقات نقاط انطلاق للتحليل والتحسين، لا نهايات مغلقة.
مزايا واضحة للمؤسسات المرنة
وأوضح فيجا أن تبني المنهجية المرنة في بيئة تهيمن عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي يمنح المؤسسات مزايا كبيرة، أبرزها سرعة التعافي التي تفوق نظيراتها بسبع مرات، وتقليل وقت التوقف بثلاث مرات، والحد من فقدان البيانات بأربع مرات، إضافة إلى تحقيق نمو أعلى في الإيرادات يصل إلى 10 في المائة.
الخطأ البشري لا يزال الخطر الأكبر
وسلّط تقرير “فيم” الضوء على أن الخطأ البشري لا يزال أحد أكبر التحديات التي تواجه حتى المؤسسات المتقدمة تقنيًا، داعيًا القادة إلى تنمية ما وصفه بـ”عنصر الثبات”، وتعزيز الممارسات المرنة مثل المراجعات الدورية والاجتماعات الاستراتيجية، مع التركيز على القدرة على التكيف مع التهديدات المتغيرة.
التدريب والمحاكاة أساس بناء المرونة
وأشار التقرير إلى الدور الحاسم للتدريب والمحاكاة في بناء مرونة المؤسسات، إذ يساعدان الفرق على تطوير الصلابة الذهنية والاستعداد لسيناريوهات متعددة، بما في ذلك التحديات المرتبطة بأنظمة الذكاء الاصطناعي.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن القادة الذين يحافظون على هدوئهم في المواقف الضاغطة يعزّزون الثقة داخل فرقهم، ويسهمون في ترسيخ ثقافة مرنة قادرة على فهم البيانات وإدارتها بشكل آمن، والاستفادة من قيمتها بمسؤولية في بيئة ذكاء اصطناعي تتسم بتعقيد متزايد.








