AI بالعربي – متابعات
تشهد مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي توسعًا غير مسبوق، مدفوعًا باستثمارات ضخمة وديون متسارعة، ما أعاد إلى الواجهة مخاوف تشكل فقاعة مالية قد تنفجر عند أول تباطؤ اقتصادي.
تشير تقارير بلومبرغ إلى مؤشرات مقلقة، من بينها جمع ثروات هائلة قبل تشغيل منشآت فعلية، وطلبات تمويل تفوق تكاليف البناء، إضافة إلى استخدام هياكل مالية معقدة لإخفاء الالتزامات، وهي ممارسات تعكس تفاؤلًا قد يكون مفرطًا.
سباق البنية التحتية وتكلفة غير مسبوقة
تتطلب ثورة الذكاء الاصطناعي بنية تحتية هائلة، ما أطلق سباقًا عالميًا لبناء مراكز البيانات، بالتوازي مع طلب قوي على التمويل. يقدّر محللون أن التكلفة الإجمالية قد تصل إلى عشرة تريليونات دولار، وهو رقم يضع الأسواق أمام اختبار قاسٍ.
هذا السباق جذب المقرضين بقوة، لكنه زاد في الوقت نفسه من احتمالات فائض المعروض، خاصة إذا تباطأ الطلب أو تراجعت العوائد المتوقعة.
تحذيرات المستثمرين من فائض المعروض
حذّر هوارد ماركس، الشريك المؤسس لشركة أوكتري كابيتال مانجمنت، من أن طفرة البناء قد تقود إلى فائض في مراكز البيانات، ما يجعل بعض المشاريع غير مجدية اقتصاديًا ويدفع ملاكها نحو الإفلاس.
يرى ماركس أن المخاطر لا تتعلق بحجم الاستثمار فقط، بل بتوقيت العوائد وقدرة السوق على استيعاب هذا التوسع السريع.
شح الائتمان وإعادة التمويل
تواجه المشاريع خطرًا إضافيًا عند اقتراب مواعيد إعادة التمويل بعد ثلاث إلى خمس سنوات. ارتفاع الرافعة المالية يزيد القلق، خصوصًا إذا أخفقت التكنولوجيا في تحقيق التوقعات العالية.
في هذا السيناريو، قد يتردد المقرضون في إعادة التمويل، ما يفرض على الشركات زيادة رأس المال أو تحمل تكاليف اقتراض أعلى.
التفاؤل المفرط تحت المجهر
قال صادق وهبة، رئيس مجلس الإدارة في آي سكويرد كابيتال، إن الزخم قوي، لكنه حذّر من أن التفاؤل غير العقلاني قد يؤدي إلى خسائر كبيرة عندما يتوقف تدفق السيولة.
في المقابل، يرى بروس فلات، الرئيس التنفيذي لشركة بروكفيلد، أن الإنفاق على الذكاء الاصطناعي، من مراكز البيانات إلى الطاقة، قد يتراوح بين خمسة وعشرة تريليونات دولار خلال السنوات المقبلة.
تقديرات متباينة وحذر متزايد
تقدّر ماكينزي أن مراكز البيانات وحدها ستحتاج إلى نحو سبعة تريليونات دولار بحلول عام 2030. لكن القلق لا يقتصر على حجم الإنفاق، بل يشمل آليات التمويل.
بحسب فيناي ناير، الرئيس التنفيذي لمنصة تيفن للتقنيات المالية، يلجأ المقرضون إلى تجزئة الديون وبيعها لمستثمرين آخرين، ما يزيد تعقيد المخاطر ويقلل شفافيتها.
التوريق ونقل المخاطر
اتجه بعض المطورين إلى أسواق التوريق لنقل المخاطر خارج ميزانياتهم، عبر تقسيم الديون إلى شرائح مختلفة تشتريها شركات تأمين وصناديق تقاعد.
كما يطلب بعضهم قروضًا تفوق تكاليف البناء، استنادًا إلى توقعات تقييم مرتفعة مستقبلًا، وهو ما يعمّق المخاوف من المبالغة في تقدير العوائد.
تأجيل مشاريع يثير القلق
تراجعت أسهم أوراكل بعدما أفادت بلومبرغ بتأجيل مواعيد إكمال بعض مراكز البيانات التي تطورها لصالح OpenAI، في ظل قلق المستثمرين من وتيرة الإنفاق الضخمة.
هذا التطور عزز الشكوك حول قدرة الشركات الكبرى على الاستمرار في التوسع بنفس الإيقاع دون ضغوط مالية.
ائتمان ضخم وأسئلة بلا إجابة
بلغت صفقات الائتمان المرتبطة بمراكز البيانات في الولايات المتحدة هذا العام نحو 175 مليار دولار، وفقًا لبلومبرغ، وهو رقم يعكس حجم الرهان القائم.
يتساءل ماركس عن جدوى العوائد التي لا تتجاوز أحيانًا مئة نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، مقارنة بحجم المخاطر وعدم اليقين.
رقابة تنظيمية متصاعدة
بدأت الجهات التنظيمية التحرك، إذ شرع بنك إنجلترا في مراجعة الإقراض الموجه لمراكز البيانات، قلقًا من مستويات التمويل والإنفاق.
يبقى السؤال مفتوحًا أمام الأسواق، هل تمثل هذه الطفرة أساس الاقتصاد الرقمي المقبل، أم فقاعة تنتظر لحظة الانفجار.
