AI بالعربي – متابعات
بدأت مؤشرات أزمة جديدة تطفو على سطح صناعة الإلكترونيات العالمية، مع لجوء بعض متاجر الإلكترونيات في اليابان إلى تقييد عدد محركات الأقراص الصلبة المسموح بشرائها لكل عميل، في ظل تراجع المخزونات وارتفاع الطلب. وفي الوقت ذاته، حذّر مصنعو الهواتف الذكية والحواسيب وأجهزة الألعاب من موجة ارتفاع محتملة في الأسعار، ما فتح باب التساؤلات حول السبب الحقيقي وراء هذه التطورات.
الذكاء الاصطناعي يشعل الطلب العالمي
يقف الذكاء الاصطناعي في صدارة العوامل التي دفعت هذه الأزمة، بعدما أدى التسارع الكبير في استثمارات شركات التقنية ومراكز البيانات إلى سباق عالمي محموم على رقائق الذاكرة وأقراص التخزين الصلبة. وتحولت هذه المكونات، التي عُرفت لسنوات بأنها منخفضة التكلفة نسبيًا، إلى عناصر نادرة تهدد استقرار سلاسل الإمداد لصناعة الإلكترونيات حول العالم.
رقائق الذاكرة في قلب الأزمة
شهد الطلب على رقائق الذاكرة ارتفاعًا غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة، مدفوعًا بالتوسع السريع في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وتعتمد هذه البنية على معالجات متقدمة تحتاج إلى كميات ضخمة من الذاكرة، ما دفع شركات تصنيع الرقائق إلى توجيه معظم إنتاجها لخدمة قطاع الذكاء الاصطناعي، على حساب قطاعات أخرى مثل الجوالات والحواسيب والإلكترونيات الاستهلاكية.
صفقة مفصلية تعيد رسم السوق
شكّلت الصفقة الكبرى التي أبرمتها “أوبن إيه آي” مع شركتي “سامسونج” و“إس كيه هاينكس” نقطة تحول رئيسية في السوق، إذ اتفقت الأطراف على توريد نحو 900 ألف رقاقة ذاكرة بحلول عام 2029. وتمثل هذه الكمية وحدها قرابة 40% من الإنتاج العالمي لرقائق الذاكرة الديناميكية، ما خلق عنق زجاجة حادًا أمام العديد من الصناعات التقنية الأخرى.
ارتفاع حاد في الأسعار
ألقت هذه الصفقة بظلالها سريعًا على السوق. وذكر تقرير لوكالة “رويترز” أن شركة “سامسونج” رفعت أسعار رقائق الذاكرة بنسبة وصلت إلى 60% خلال شهرين فقط، نتيجة تفاقم نقص المعروض وازدياد الطلب من شركات الذكاء الاصطناعي.
زيادات قياسية في منتجات سامسونج
وأفادت مصادر مطلعة بأن “سامسونج” رفعت سعر رقائق الذاكرة “DDR5” بسعة 32 جيجابايت إلى 239 دولارًا في نوفمبر، مقارنة بـ149 دولارًا في سبتمبر. كما زادت أسعار رقائق 16 جيجابايت و128 جيجابايت بنحو 50%، لتصل إلى 135 دولارًا و1194 دولارًا على التوالي، ما يعكس حجم الضغط الذي يواجهه السوق حاليًا.
صناعة الإلكترونيات تدفع الثمن
في هذا السياق، حذرت شركة “شاومي” في أكتوبر من أن ارتفاع أسعار رقائق الذاكرة انعكس مباشرة على تكلفة تصنيع الهواتف الذكية، حيث سجلت بعض الإصدارات زيادة في التكلفة بنحو 15%. كما أشارت تقارير إلى احتمال تواجه أجهزة “إكس بوكس” نقصًا في الإمدادات، بينما تبدو صناعة الحواسيب الأكثر تضررًا في المرحلة المقبلة.
طلب حذر وضبابية مستقبلية
من جانبه، أوضح “تشاو هايجون”، الرئيس التنفيذي لشركة الرقائق الصينية “إس إم آي سي”، أن العديد من الشركات باتت مترددة في طلب أنواع أخرى من الرقائق، بسبب الضبابية التي تحيط بقدرتها على تصنيع الجوالات والسيارات والإلكترونيات المختلفة، في ظل النقص الحاد في رقائق الذاكرة.
ضغط متزايد على المستهلكين
وأكد تقرير صادر عن شركة الأبحاث “ترند فورس” أن سوق رقائق الذاكرة دخل فعليًا دورة صعودية في الأسعار، مع تراجع المخزونات العالمية، ما قد يدفع العلامات التجارية إلى رفع أسعار الأجهزة الإلكترونية، ويزيد من الضغط على المستهلكين خلال الفترة المقبلة.
موجة صعود مستمرة
وتوقعت شركة “كاونتربوينت ريسيرش” أن ترتفع أسعار رقائق الذاكرة بنحو 30% في الربع الأخير من العام الجاري، على أن تسجل زيادة إضافية تصل إلى 20% خلال عام 2026، بعد قفزة بلغت نحو 50% منذ بداية عام 2025.
سوق الجوالات أمام اختبار صعب
أشار تقرير صادر عن مؤسسة “آي دي سي” إلى احتمال تراجع شحنات الهواتف الذكية عالميًا بنسبة 0.9% خلال العام المقبل، نتيجة نقص رقائق الذاكرة. كما رجّح التقرير ارتفاع متوسط سعر بيع الجوال عالميًا ليصل إلى نحو 465 دولارًا.
فترة صعبة للإلكترونيات الاستهلاكية
مع استمرار توسع استثمارات الذكاء الاصطناعي واشتداد المنافسة على رقائق الذاكرة، يبدو أن سوق الإلكترونيات الاستهلاكية مقبل على مرحلة ضاغطة. فشركات الجوالات والحواسيب وأجهزة الألعاب ستجد نفسها مضطرة لإعادة تسعير منتجاتها، بينما يقف المستهلكون في مواجهة موجة جديدة من ارتفاع التكاليف، قد تطول آثارها خلال السنوات المقبلة.
