AI بالعربي – متابعات
أحدث “ChatGPT” منذ إطلاقه في أواخر عام 2022 طفرة واسعة في طريقة البحث عن المعلومات، إذ دفع ملايين المستخدمين حول العالم إلى الاعتماد عليه بوصفه أداة تختصر الوقت والجهد، وتوفر إجابات سريعة ومباشرة. غير أن هذا الانتشار السريع قابله تحذير متزايد من خبراء التقنية والباحثين، بشأن دقة النتائج وتأثير الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في القدرات الذهنية.
دراسة حديثة تكشف الجانب الخفي للاعتماد على الذكاء الاصطناعي
كشفت ورقة بحثية جديدة عن نتائج لافتة تتعلق بتأثير استخدام “ChatGPT” ونماذج “LLM” على الذاكرة البشرية ومستويات الفهم. وأظهرت الدراسة أن بعض المستخدمين الذين يعتمدون على هذه الأدوات في البحث، يكتسبون معرفة سطحية دون التعمق في المحتوى أو التحقق منه، ما قد يؤدي مع الوقت إلى ضعف في الذاكرة والقدرة على التحليل.
تجربة موسعة على 10 آلاف مشارك
استعان الباحثون في الدراسة بعينة تضم أكثر من 10 آلاف مشارك، بهدف قياس أثر أدوات الذكاء الاصطناعي على التعلم. وطلب الفريق البحثي من المشاركين التعرف على موضوع محدد، ثم قسّمهم عشوائيًا إلى مجموعتين، استخدمت الأولى نموذج “ChatGPT”، بينما اعتمدت الثانية على “الطريقة التقليدية” في البحث عبر الإنترنت.
وجاءت النتائج بعيدة عن التوقعات؛ إذ لم يُظهر مستخدمو الذكاء الاصطناعي تفوقًا في الفهم أو التحليل مقارنة بالمجموعة الأخرى.
نتائج غير متوقعة: تعلم أقل وجهد أضعف
وبحسب ما أورده موقع “sciencealert”، شعر المشاركون الذين استخدموا نماذج “LLM” بأنهم تعلموا قدرًا أقل من المعلومات، كما بذلوا جهدًا أضعف عند كتابة ملخصاتهم. واتسمت النصائح التي كتبوها بأنها أقصر، وأكثر عمومية، وأقل واقعية مقارنة بتلك التي كتبها المشاركون الذين اعتمدوا على البحث التقليدي.
تقييم مستقل يؤكد ضعف الفائدة
عند عرض هذه النصائح على عينة مستقلة من القراء، دون إخبارهم بالأداة المستخدمة في إعدادها، وجد القراء أن النصوص المكتوبة باستخدام الذكاء الاصطناعي كانت أقل إفادة وأضعف من حيث القيمة التطبيقية، كما أبدى عدد أقل منهم رغبة في تبنيها أو الاعتماد عليها.
البحث التقليدي يعزز الفهم والذاكرة
عند مقارنة نتائج المجموعتين، توصل الباحثون إلى أن الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي أدى إلى معرفة أكثر سطحية، مقارنة بجمع المعلومات وتحليلها وتفسيرها ذاتيًا عبر محركات البحث مثل “Google”. وأشارت النتائج إلى أن نماذج “LLM” لم تُظهر قدرة واضحة على دعم التعلم العميق أو تغذية العقل بالمعلومات على نحو فعّال.
التفاعل مع المعلومات ينشط الذاكرة
أكد العلماء أن التعرض المستمر للمعلومات، والتفاعل معها، وقراءة مصادر متعددة، وتفسيرها ذاتيًا، يسهم في تنشيط الذاكرة وتطوير التمثيل الذهني لدى الإنسان. وأوضحوا أن البحث النشط يعزز الفهم طويل المدى، على عكس تلقي المعلومة الجاهزة دون جهد معرفي.
متى يكون الذكاء الاصطناعي مفيدًا؟
يرى الباحثون أن أدوات البحث المعتمدة على “الذكاء الاصطناعي” قد تكون مفيدة في الحصول على معلومات سريعة أو تمهيدية، لكنهم يشددون على ضرورة عدم الاكتفاء بها، ويدعون إلى التحقق من أي معلومة عبر أكثر من مصدر، وضمان فهمها وتحليلها بشكل نقدي.
في ظل هذا التحول الرقمي المتسارع، يظل التحدي الحقيقي متمثلًا في كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة مساعدة، لا بديلًا عن التفكير البشري، حتى لا تتحول السرعة والسهولة إلى خصم مباشر للذاكرة والمعرفة العميقة.








