AI بالعربي – متابعات
شهدت أوروبا موجة ازدهار غير مسبوقة بفعل طفرة الذكاء الاصطناعي، رغم بعدها التقليدي عن مراكز التقنية العالمية في الولايات المتحدة.
فقد حققت شركات صناعية عريقة مثل “ليغراند” الفرنسية و”شنايدر إلكتريك” نمواً لافتًا، مستفيدةً من التحول العالمي نحو مراكز البيانات وتقنيات البنية التحتية.
أدوات الصناعة القديمة في خدمة الثورة الرقمية
تعمل هذه الشركات على إنتاج معدات حيوية مثل أنظمة تبريد الخوادم وأدوات إدارة الطاقة، وهي منتجات أساسية لمراكز البيانات التي تُشكّل العمود الفقري لسباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
وتُقدّر استثمارات هذا القطاع بنحو 7 تريليونات دولار بحلول عام 2030، وفق تقديرات حديثة.
أوروبا تبني مراكز بياناتها العملاقة
تشارك شركات “سيمنز” الألمانية و”إيه بي بي” السويسرية في هذا الازدهار، إذ تمتلك أوروبا الآن ما يُعرف بـ”مركز البيانات الرابع” الذي يغذي توسع الشركات السبع العملاقة في المجال.
حتى التحديات مثل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لم تُوقف صعود أسهم “ليغراند”، التي تجاوز أداؤها أسهم “إنفيديا” خلال عام 2025.
من الكهرباء إلى الذكاء الاصطناعي
بعد قرن من تحوّل “ليغراند” إلى الكهرباء وإنتاج مفاتيح الإضاءة من الخزف، أصبحت اليوم تحصل على خُمس إيراداتها من معدات تبريد الخوادم.
وتبيع الشركة معظم منتجاتها إلى “أمازون” و”ألفابت” وشركات التقنية الكبرى التي تعتمد عليها في تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة.
الطاقة.. التحدي الأكبر في سباق الذكاء الاصطناعي
تستهلك النماذج اللغوية الكبيرة طاقة تفوق عشرة أضعاف مراكز البيانات التقليدية، ما جعل الطاقة عائقًا رئيسيًا أمام نمو القطاع.
ويرى محللون أن هذا التحول يمثل ما تسميه شركة “إير ستريت كابيتال” بـ”العصر الصناعي” الجديد للذكاء الاصطناعي، مع تصاعد الطلب على الطاقة والبنية التحتية.
طفرة في سوق مراكز البيانات
ارتفع سوق البنية التحتية لمراكز البيانات بنسبة 18% في الربع الثاني من العام الجاري، ليصل إلى 8.9 مليارات دولار، بحسب تقرير لشركة “ديل أورو”.
ويُتوقع استمرار النمو حتى عام 2026 بفضل توسع الشركات الأوروبية في هذا المجال.
مخاوف من المبالغة في التفاؤل
يحذّر المستثمر بيل فورد من شركة “جنرال أتلانتيك” من التفاؤل المفرط بشأن أرباح الشركات التقنية، إذ قد يواجه السوق تصحيحًا طويل الأمد.
وتُتداول أسهم “ليغراند” و”إيه بي بي” عند قيم مرتفعة تُعادل 20 ضعف الأرباح الأساسية، وهي مستويات عالية في سوق كان يوماً مكانًا هادئًا للمستثمرين.
مخاطر محتملة على البنية التحتية
رغم التفاؤل، يرى خبراء أن تراجع العوائد قد يُقلّص الإنفاق على الذكاء الاصطناعي، وقد تواجه مراكز البيانات الأوروبية معارضة محلية بسبب استهلاكها الكبير للطاقة.
وتبقى القيمة الاقتصادية لهذه المنشآت غير مؤكدة، في ظل مخاوف من ارتفاع فواتير الكهرباء وتأثيرها على البيئة.
أوروبا تمتلك البيانات لا النفط
تُشير الأرقام إلى أن 13.5% فقط من الشركات الأوروبية استخدمت أدوات الذكاء الاصطناعي العام الماضي.
لكن رفع هذه النسبة قد يُحدث تحولًا جوهريًا في اقتصاد القارة، خصوصًا مع تباطؤ معدلات المواليد والإنتاجية.
استثمار جديد في عصر ما بعد الصناعة
رغم أن أوروبا لا تشهد ازدهارًا اقتصاديًا قويًا، فإن الاستثمار في البنية التحتية ومراكز البيانات قد يمنحها دفعةً جديدة للنمو.
وكما قيل في السبعينيات: “فرنسا لا تملك نفطًا، لكنها تملك أفكارًا”، واليوم تمتلك أوروبا البيانات، وقد يكون مستقبلها مرهونًا باستغلالها الذكي.








