نوڤاسين.. عصر الذكاء الفائق القادم

15

AI بالعربي – متابعات

في كتابه «نوڤاسين (عصر الذكاء الفائق القادم)»، يُقدم مبتكر نظرية غايا ‏جايمس لوڤلوك ومساعده براين آپليارد رؤية للزمن القادم حيث ستتكاتف جهود البشر ‏والذكاء الصناعي معاً من أجل بقاء الأرض.‏ لقد وضع جايمس لوڤلوك تلك النظرية لأول مرة خلال فترة الستينات كنتيجة لعمل ناسا للكشف عن الحياة على المريخ، وتقترح نظرية غايا أن الأجزاء الحية وغير الحية من الأرض تشكل نظاماً معقداً يمكن التفكير فيه باعتباره كائناً واحداً سميت على اسم الإلهة اليونانية غايا، كما تفترض النظرية أن المحيط الحيوي له تأثير تنظيمي على بيئة الأرض التي تعمل على الحفاظ على الحياة، في حين أن هذه النظرية قد تم قبولها بسهولة من قبل الكثيرين في المجتمع البيئي، إلا أنها لم تكن مقبولة على نطاق واسع داخل المجتمع العلمي ككل، كما يناقش فكرة أن عصر الأنثروبوسين الذي اكتسب فيه البشر تقنيات على مستوى الكواكب، كما‏‏ يمكن تفسيره على أنه عصر البشر، والمرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأرض وتطورها. وهذا يعني أنه لا يمكن فصل دراسة القياسات الجيولوجية للوقت عن دراسة القضايا البيئية مثل تغير المناخ. ونتيجة لذلك، يقول المؤلف بأنه يجب علينا دراسة الاثنين معا إذا أردنا غرس فهم دقيق للعالم ومكاننا داخله. ولذلك فإنه يكرس جزءًا كبيرًا من أبحاثه لتغير المناخ وتأثيره على الأرض. وعلى الرغم من أنك قد تكون على دراية بالآثار الحالية لتغير المناخ، إلا أنك قد لا تعرف الكثير عن كيفية تغير درجات الحرارة منذ ملايين السنين، وهذا العصر وصل إلى نهايته الآن بعد ‏ثلاث مئة سنة، وأن عصراً جديداً «النوڤاسين»، وهو ما يعني حرفياً «العصر الجديد» حيث ستظهر كائنات جديدة إلى الوجود من أنظمة الذكاء الصناعي ‏الموجودة، وستكون قادرة على التفكير بشكل أسرع بعشرة آلاف مرة منّا، وستنظر إلى ‏ذكائنا كما ننظر نحن اليوم إلى ذكاء النباتات، ولكنّها لن تكون عنيفة ‏وقاسية على الكوكب كما تُصورها أفلام الخيال العلمي. إن هذه الكائنات ذات ‏الذكاء الفائق ستكون مُعتمدة على الأرض وسلامتها لتبقى مثلنا، فهي ستحتاج إلى ‏نظام غايا للتبريد الكوكبي لتحمي نفسها من الحرارة المتزايدة للشمس بالقدر نفسه الذي ‏نحتاج إليه نحن، وستعتمد على الحياة العضوية. إن حقبة النوڤاسين هي حقبة الشراكة ‏بيننا وبين الذكاء الصناعي. ‏

في عام 1997م، ذهل العالم عندما تغلب جهاز كمبيوتر ديب بلو من شركة آي بي إم على أعظم لاعب شطرنج على الإطلاق، «جاري كاسباروف» على الرغم من أن جهاز ديب بلو كان مثيراً للإعجاب، إلا أنه لم يزد على كونه مجرد آلة حساب قوية جداً تستند على القواعد، «ساعة تنبيه بقيمة عشرة ملايين دولار»، على حد تعبير كاسباروف الغاضب، والتطورات الحديثة التي لا تعتمد على القواعد التي يضعها البشر، بل على تقنيات تعلم الآلة (أي إنها لن تحتاج إلينا بعد الآن من أجل الوجود) إضافة إلى انفجار البيانات من هواتفنا الذكية وأجهزة الكمبيوتر والزيادات الهائلة في قوة الحوسبة، مكنت برامج تعلم الآلة من أداء مجموعة متزايدة من المهام بشكل أفضل.

يؤكد المؤلف أن الأرض الآن أكثر هشاشة بكثير، وإذا تعرضت لموجة حر هائلة أخرى، فإن الحياة عليها ستمحى وستصبح غير صالحة للسكن بنفس الطريقة التي يصبح بها المريخ أو الزهرة. ولهذا السبب يعتقد المؤلف أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد. ولن تتأثر الروبوتات بالدوافع البشرية مثل القوة أو الجشع أو الاتجاهات السياسية. ولذلك فإن الذكاء الاصطناعي سيكون محايداً ومتحمساً لإصلاح الضرر الذي أحدثه البشر. وبدلا من ذلك فإنها سوف تكون قادرة على تقييم الحقائق الموضوعية والاعتراف بأننا ببساطة لا نستطيع أن نتجاهل المخاطر التي يشكلها تغير المناخ. ونتيجة لذلك، يعتقد المؤلف أنه حتى لو سيطرت الروبوتات على العالم فإنها ستفعل ذلك بطريقة مفيدة قد تحيد الأخطاء البشرية وتوجهنا نحو مستقبل أكثر استدامة.

يقول العالم الإنجليزي: «إن صورة الحياة الجديدة ستأتي بأسرع مما نتصور. إذا كانت الزراعة قد استغرقت عشرة آلاف سنة، والصناعة مائتين لا غير، فإن العصر الجديد لن يستغرق سوى مئة عام لا أكثر. السبب أن الآلة أسرع منّا عشرة آلاف مرة. الزمن عند «الكائنات السيبرانية» سيكون مختلفاً. الآلات سوف تنهمك في تعليم نفسها، وتدخل في عملية تطور أسرع كثيراً من أي شيء عرفناه». يضرب المثل بقانون «مور» الشهير الذي تنبأ بتضاعف القوة الكمبيوترية كل عامين. هذا المعدل يعنى تضاعف قوة الكمبيوتر تريليون مرة في 80 عاماً.

رؤية الكاتب تعتمد على الخيال ولكن ليس خيالاً مفارقاً للواقع. ففي أوائل القرن العشرين عندما كانت الثورة الصناعية في أوجها ممثلة في السيارات والقطارات والتليفون. من كان يتصور ساعتها صورة الحياة التي نعيشها اليوم في أوائل القرن الحادي والعشرين؟

اترك رد

Your email address will not be published.