Facebook X Instagram TikTok

تصميم “الوكلاء الأخلاقيين”.. هل يمكن برمجة القيم؟

0

تصميم “الوكلاء الأخلاقيين”.. هل يمكن برمجة القيم؟

إم إيه هوتيلز – خاص

مع ازدياد اعتمادنا على الأنظمة الذكية في حياتنا اليومية، يبرز سؤال وجودي يتجاوز الأكواد والتقنيات: هل يمكن تعليم الآلة أن تكون “أخلاقية”؟ هل تستطيع الخوارزميات أن تميز بين الخير والشر، بين ما ينبغي فعله وما يجب تجنبه؟ هذه الأسئلة تقودنا إلى مفهوم “الوكلاء الأخلاقيين” (Ethical Agents)، وهم نماذج ذكاء اصطناعي مصممة لاتخاذ قرارات بناءً على مبادئ قيمية محددة، لا فقط بناءً على ما هو فعّال أو مربح.

لكن ما المقصود بالوكيل الأخلاقي؟ وهل الأخلاق قابلة فعلًا للبرمجة؟ أم أن محاولة تحويل القيم إلى معادلات حسابية تحمل في داخلها خطرًا فلسفيًا لم يُفهم بعد؟

الآلة التي تزن الصواب

“الوكيل الأخلاقي” هو نظام ذكي لا يتصرف فقط وفقًا للأوامر أو البيانات، بل يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأخلاقية للقرار. على سبيل المثال: هل يجب على سيارة ذاتية القيادة أن تنقذ الراكب أم المارة؟ هل يُسمح للروبوت في مستشفى باتخاذ قرار حول أولوية الرعاية؟ هنا لا تكفي الخوارزميات التقليدية، بل نحتاج إلى محركات أخلاقية تعمل على تقييم العواقب، النوايا، والعدالة.

منظومات القيم في تصميم الخوارزميات

لكن القيم ليست واحدة. فالأخلاق تختلف عبر الثقافات، الأديان، وحتى الأفراد. لذا فإن تصميم وكيل أخلاقي يتطلب أولًا تحديد “أي أخلاق” سيُبرمج بها. هل نتبع الأخلاق النفعية (التي تسعى لتحقيق أكبر فائدة لأكبر عدد)، أم أخلاق الواجب (التي تضع المبادئ فوق النتائج)؟ أم نبتكر أخلاقًا هجينة تلائم الظروف المعاصرة؟

هنا يظهر تحدٍ عميق: من يقرر القيم؟ ومن يراقب اتساقها عند التطبيق؟ وما حدود تدخل البشر في توجيه أخلاق الآلة؟

منطق الأخلاق أم محاكاة السلوك؟

ثمة فرق جوهري بين أن يُبرمج النظام على “فهم” المبادئ الأخلاقية وبين أن يحاكي السلوك الأخلاقي فقط. فالكثير من النماذج اليوم لا تفهم الأخلاق، بل تُظهر سلوكًا مقبولًا اجتماعيًا لأن بيانات التدريب تقول إنه سلوك مرغوب. لكن إذا تغيّرت البيانات، تغير السلوك.

وهذا يطرح سؤالًا فلسفيًا: هل يمكن للآلة أن تتبنى مبدأ؟ أم أنها فقط تعيد إنتاج نمط أخلاقي ظاهر، دون أي وعي بالقيمة نفسها؟

تطبيقات تتجاوز الخيال

تُستخدم نماذج الوكلاء الأخلاقيين في مجالات مثل:

الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، لاتخاذ قرارات تتعلق بالموت الرحيم أو توزيع الموارد الطبية.
المساعدات الذكية في البيئات العسكرية، لتقدير الأثر الإنساني للقرارات.
الخدمات المالية، لتقييم قرارات الإقراض أو الاستثمار بناءً على العدالة لا فقط الربحية.
العدالة الخوارزمية، لتقديم توصيات قانونية تراعي التحيزات السابقة وتسعى لتصحيحها.

أخلاق بلا وعي؟

قد يرى البعض أن هذه المحاولات تشبه “وضع قناع أخلاقي” على آلة غير واعية، لكن المؤيدين يرون أنها ضرورة في عصر أصبح فيه للآلة تأثير حاسم على حياة الإنسان. وإذا لم نُبرمج القيم داخل الخوارزميات، فقد تُبرمج تلقائيًا على يد السوق، القوة، أو العشوائية.

الذكاء الاصطناعي لا يهرب من الأخلاق، بل يجرّها معه إلى منطقة جديدة: منطقة الحساب، الاحتمال، والمعيارية الرقمية.

اقرأ أيضًا: البصمة الخوارزمية للصور الاصطناعية.. نحو مكافحة التزييف

 


الأوسمة:

الكلمات المفتاحية الطويلة:

 

اترك رد

Your email address will not be published.