الذكاء الاصطناعي كمحرك للإبداع في إنتاج المحتوى الإعلامي
AI بالعربي – متابعات
يعتمد المحتوى الإعلامي، وما يشمله من إنتاج مضامين مختلفة على عملية متكاملة من الإبداع، الذي يبدأ أولًا من اقتراح الفكرة وكتابة السيناريوهات والاسكريبت، مرورًا بعمليات التصوير والمونتاج والتأليف وغيرها من عمليات تقنية إعلامية مختلفة حتى يصل إلى المنتج النهائي.
تتميز هذه المهنة بطبيعتها الابتكارية، حيث تختلف عن المهن التقليدية في سعيها المستمر نحو كل ما هو جديد. ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح له أدوات مشهورة مثل (ChatGPT) من أوبن إي آي، و(Gemini) من جوجل، بالإضافة إلى أدوات أخرى في مجالات صناعة الصور والفيديوهات.
ماذا يعني المحتوى الإعلامي؟
المحتوى الإعلامي يمثل المنتج الأساسي والرئيسي الذي تقوم عليه الصناعة الإعلامية، إذ يعد الوسيلة المباشرة لتحقيق أهداف المؤسسة الإعلامية ورسالتها تجاه الجمهور. من خلال هذا المحتوى، تُنقل المعلومات والأخبار، وتُعزز المعرفة والتوعية، وتُبنى علاقات وثيقة مع المتابعين، مما يسهم في تحقيق التأثير المطلوب والوصول لأكبر شريحة ممكنة من الجمهور.
لذا، تُعتبر الموازنات المالية وتخصيص النفقات أساسية لدعم جودة المحتوى الإعلامي وتطويره المستمر. يتم التركيز على إنتاج محتوى يلبي توقعات الجمهور ويعكس مصداقية المؤسسة. بهذا الشكل، يصبح المحتوى الإعلامي محور الجهود الإعلامية والركيزة التي تستند إليها استراتيجيات المؤسسة في بناء سمعتها وتحقيق أهدافها المستدامة.
أنواع المحتوى الإعلامي
أولًا: بحسب “المضمون“
أنواع المحتوى الإعلامي تشمل العديد من الأشكال التي تخدم أغراضًا متعددة. المحتوى الإخباري يعد من أبرز الأنواع، ويشمل الأخبار العاجلة والتغطيات اليومية للأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وينقل للجمهور آخر المستجدات ويضعهم في قلب الحدث عبر مختلف المنصات مثل التلفزيون والصحف والمواقع الإلكترونية.
المحتوى الترفيهي يشمل البرامج والمسلسلات والأفلام التي تهدف إلى تسلية الجمهور وتقديم تجارب ممتعة، وغالبًا ما يجذب قاعدة جماهيرية واسعة من خلال منصات مثل التلفزيون ووسائل البث الإلكتروني.
المحتوى التثقيفي يركز على تثقيف الجمهور وتعزيز معرفتهم في مواضيع متنوعة كالصحة والتعليم والتاريخ، ويقدم معلومات مدروسة قد تُعرض عبر الوثائقيات أو المقالات في الصحف والمواقع الإلكترونية، ويدعم بذلك الوعي العام.
المحتوى الترويجي أو الإعلاني يُستخدم للترويج للمنتجات والخدمات، ويظهر في الإعلانات التجارية والمراجعات الدعائية عبر جميع الوسائل الإعلامية، ويسعى لإقناع الجمهور بمنتجات أو أفكار معينة من خلال رسائل تسويقية مبتكرة.
ثانيًا: بحسب “الوسيلة“
المحتوى التلفزيوني: يشمل البرامج الإخبارية، والمسلسلات، والأفلام، والبرامج الوثائقية، والإعلانات التلفزيونية. يتميز التلفزيون بقدرته على تقديم محتوى مرئي يجذب الجمهور من خلال التصوير الفعّال والمؤثرات البصرية، ويعتبر وسيلة فعالة لنقل الأحداث الحية أو تقديم مواد ترفيهية واسعة الانتشار.
المحتوى الإذاعي: يُركز على البرامج الصوتية مثل نشرات الأخبار، والبرامج الحوارية، والبرامج الموسيقية، والإعلانات الصوتية. الإذاعة تصل إلى المستمعين أثناء التنقل، وتتيح محتوى بسيطًا وسريعًا يتماشى مع حاجات الجمهور للتواصل السريع والمباشر، خاصةً أثناء التنقل أو العمل.
المحتوى الصحفي: يتضمن المقالات الإخبارية، والتقارير التحليلية، والمقابلات في الصحف الورقية والمجلات. هذا النوع من المحتوى يتيح للجمهور الحصول على معلومات تفصيلية ومحتوى متعمق حول القضايا المختلفة، ويعتمد بشكل كبير على التحليل والتفسير للتطورات والأحداث.
المحتوى الإلكتروني: يشمل المقالات، والمدونات، والأخبار العاجلة، والفيديوهات، والمحتوى التفاعلي على المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي. المواقع الإلكترونية توفر تجربة متعددة الوسائط، حيث يمكن دمج النصوص والصور والفيديوهات، مما يمنح الجمهور محتوى متنوعًا وسهل الوصول في أي وقت وأي مكان.
الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى الإعلامي
أصبح الذكاء الاصطناعي يؤدي دورًا مهمًا في الصناعة الإعلامية، نتيجة للتطور المستمر في هذه الصناعة الذي يتطلب معايير متزايدة وغير محدودة. لذا، كان من الضروري اللجوء إلى آليات أكثر إسهامًا وفعالية. تتعدد العوامل التي تسهم في ذلك، من بينها غزارة المحتوى الإعلامي وكثافته، بالإضافة إلى تنوع موضوعاته التي تشمل مجالات متنوعة مثل: “السياسة، والاقتصاد، والعلاقات الدولية، والفن، والمجتمع”، وغيرها. كما أن الحاجة إلى السرعة في الإنتاج تمثل دافعًا رئيسيًا للاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي لتلبية هذه المتطلبات.
أسباب استخدام الذكاء الاصطناعي
طبيعة الوسيلة الإعلامية تتطلب تنوعًا مستمرًا وبرامجًا مكثفة، وذلك لضمان تقديم محتوى يجذب اهتمام الجمهور بمختلف شرائحه. هذه الحاجة للتنوع تفرض على وسائل الإعلام السعي لتقديم ما يلبي تطلعات المتابعين ويمنحهم تجارب جديدة في كل مرة.
من ناحية أخرى، يعتمد المحتوى الإعلامي على توفير حجم كبير من المعلومات الموثوقة والأفكار المبتكرة، حيث يتم انتقاء أفضل الأفكار ليصبح المحتوى جاذبًا ويحقق الأثر المطلوب. هذا التركيز على الجودة يعزز من ثقة الجمهور ويدفعهم للعودة والمتابعة المستمرة.
ولكي تحافظ الوسيلة الإعلامية على جمهورها وتجنبًا للعزوف، لا بد من تقديم محتوى متجدد يشد اهتمام المتابعين. فالجمهور دائمًا متشوق للجديد، ولهذا تعدّ هذه الديناميكية إحدى الضرورات الأساسية للحفاظ على تفاعل الجمهور.
لقد فتح هذا الواقع باب التنافس بين وسائل الإعلام باختلاف أنواعها، حيث يسعى كل منها إلى إنتاج محتوى أفضل وأكثر تأثيرًا ليجذب الجمهور. هذه التنافسية تعدُّ من أبرز المحفزات لتطوير جودة المحتوى ورفع مستوى الإنتاج.
يواجه منتج المحتوى أو محرر المادة الإعلامية مهام مكثفة ومتعددة، تشمل تنفيذًا لعدد كبير من التكليفات بشكل يومي. هذه المهام تتطلب منه القدرة على الالتزام بالمعايير المهنية وتقديم محتوى ثري ودقيق يواكب حاجات المؤسسة الإعلامية والجمهور.
كيف يكون الذكاء الاصطناعي محركًا للإبداع؟
من منطلق ما سبق، يُعتبر الذكاء الاصطناعي جزءًا من منظومة إنتاج المحتوى، حيث يمكن اعتباره مساعدًا لشخص مبدع يهوى الابتكار. ولتجنب أي التباس، يجب التأكيد على أنه، مهما بلغت مهارات الذكاء الاصطناعي، لا يمكن اعتباره منتجًا للمادة أو صانعًا للمحتوى، بل إن هذا المحتوى يبدأ من المحرر أو صاحب الوسيلة الإعلامية.
لكن وظيفة الإبداع الإعلامي تحتاج دائمًا إلى ما يثريها. وقد شهدت صناعة المحتوى الإعلامي طفرات جديدة مع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأبرزها الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR). هذه التقنيات منحت صانعي المحتوى فرصة غير مسبوقة لابتكار تجارب تفاعلية غامرة تُشرك الحواس، مما يجعل الجمهور جزءًا من المحتوى بدلاً من كونه مجرد متلقٍ. وهذا يعزز مستوى التفاعل والانخراط في القصة الإعلامية أو الرسالة التسويقية.
تُعتبر تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز بوابة نحو مستقبل أكثر ثراءً وإبداعًا في مجال الإعلام. حيث يمكن للعلامات التجارية والمؤسسات الإعلامية إنشاء عوالم غامرة تضع الجمهور في قلب الحدث. هذه الطفرات التقنية تفتح آفاقًا واسعة للإبداع وتعيد تعريف كيفية استهلاك المحتوى الإعلامي، مما يجعل تجربة المتابعين أكثر واقعية وتفاعلية من أي وقت مضى.