الذكاء الاصطناعي بين مستقبل صناعة الاقتصاد وخلق الوظائف

AI بالعربي – متابعات

صار الذكاء الاصطناعي محورًا أساسًا في تطوير العديد من الصناعات والقطاعات، حيث يؤدي دورًا حيويًا في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق العوائد المالية. على الرغم من المخاوف المرتبطة بفقدان بعض الوظائف التقليدية، فإن الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا جديدة للتوظيف من خلال استحداث مجالات عمل متخصصة تتطلب مهارات تقنية عالية. ووفقًا لتقرير من المنتدى الاقتصادي العالمي، يُتوقع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى خلق 97 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2025، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد العالمي وتحفيز الابتكار.

إضافةً إلى ذلك، يقوم الذكاء الاصطناعي بتمكين الشركات من تحسين كفاءتها وتقليل التكاليف، مما يعزز قدرتها على المنافسة ويزيد من أرباحها. فمن خلال استخدام تقنيات مثل التعلم الآلي وتحليل البيانات، تتمكن الشركات من اتخاذ قرارات مستنيرة وتحقيق نتائج إيجابية، مما يؤدي إلى خلق بيئة عمل أكثر ديناميكية. إن التفاعل بين الذكاء الاصطناعي وسوق العمل يشكل مستقبلًا واعدًا مليئًا بالفرص، مما يجعله محور اهتمام الباحثين والمستثمرين على حد سواء.

دراسة صندوق النقد الدولي

أجرى خبراء من صندوق النقد الدولي دراسة جديدة تسلط الضوء على التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على سوق العمل العالمي. في حين توقَّع كثير من الدراسات السابقة أن يحل الذكاء الاصطناعي محل بعض الوظائف، يشير التحليل إلى أن الذكاء الاصطناعي من المحتمل أن يكون مكملاً للعمل البشري في العديد من المجالات.

تظهر نتائج التحليل أن حوالي 40% من الوظائف العالمية معرضة لتأثير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. تاريخيًا، كانت الأتمتة تؤثر بشكل أكبر على الوظائف الروتينية، ولكن الذكاء الاصطناعي يمتاز بقدرته على التأثير حتى في الوظائف التي تتطلب مهارات عالية. وهذا يجعل الاقتصادات المتقدمة أكثر عرضة للمخاطر، رغم وجود فرص أكبر للاستفادة من فوائد هذه التكنولوجيا، مقارنة بالدول النامية.

في الاقتصادات المتقدمة، يُتوقع أن تتأثر حوالي 60% من الوظائف بالذكاء الاصطناعي. ويفيد التحليل بأن نصف هذه الوظائف يمكن أن تستفيد من دمج الذكاء الاصطناعي مما يزيد الإنتاجية. ومع ذلك، قد يتسبب استخدام الذكاء الاصطناعي في تقليص الطلب على بعض الوظائف، مما يؤدي إلى انخفاض الأجور وتراجع فرص التوظيف، بل قد تختفي بعض هذه الوظائف تمامًا في أسوأ الحالات.

لكنه يتوقَّع العكس داخل دول معينة

في المقابل، يُتوقع أن تكون نسبة التعرض لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الأسواق الناشئة والدول ذات الدخل المنخفض أقل، حيث تبلغ 40% و26% على التوالي. وهذا يشير إلى أن هذه الاقتصادات تواجه اضطرابات أقل، ولكنها أيضًا قد تفتقر إلى البنية التحتية والمهارات اللازمة للاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي، مما قد يزيد من عدم المساواة بمرور الوقت.

ماذا عن خلق الوظائف؟

• التجارة الإلكترونية

لقد أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من تجربة التسوق عبر الإنترنت، حيث يقدم توصيات مخصصة للمنتجات بناءً على سلوك المستخدمين وتفضيلاتهم. هذه التوصيات، التي تبدو وكأنها مصممة خصوصًا لكل عميل، تساهم في تعزيز رضا العملاء وزيادة معدلات التحويل والمبيعات. يُعتقد أن التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعزز إيرادات التجارة الإلكترونية بنسبة تصل إلى 30%، مما يجعلها أداة قوية في عالم التسويق الرقمي.

• الرعاية الصحية

في قطاع الرعاية الصحية، يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في تحسين دقة التشخيصات والعلاجات. فمن خلال تحليل الصور الطبية بسرعة وبدقة، يتمكن الأطباء من تقديم تشخيصات أفضل وخطط علاج مخصصة للمرضى. ووفقًا للتوقعات، يمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى توفير حوالي 150 مليار دولار سنويًا في تكاليف الرعاية الصحية بحلول عام 2026. علاوة على ذلك، تعمل هذه التكنولوجيا على تحسين نتائج المرضى من خلال التنبؤ بالأمراض قبل ظهورها، مما يساهم في تقليل معدلات الوفاة والأخطاء الطبية.

• الخدمات المالية

في المجال المالي، يسهم الذكاء الاصطناعي في الكشف عن حالات الاحتيال وإدارة المخاطر بكفاءة عالية. إذ تتمكن البنوك والمؤسسات المالية من تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة، مما يتيح لها اتخاذ قرارات مستنيرة وتحسين خدماتها المقدمة للعملاء. ويُقدَّر أن استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع قد يوفر حتى 31% من تكاليف التشغيل السنوية بحلول عام 2030، مما يعكس الأثر الإيجابي لهذه التكنولوجيا على الكفاءة والربحية.

• إنشاء وبيع الأعمال الفنية

تُعتبر الأعمال الفنية مصدرًا للجمال والإبداع، حيث نراها في كل مكان من الرسوم الجدارية إلى الصور التي تُزيّن هواتفنا. مع تقدم أدوات الذكاء الاصطناعي، أصبح من السهل إنشاء قطع فنية فريدة والتعاون مع العلامات التجارية لبيعها. ويمكن للفنانين بيع أعمالهم عبر منصات مثل أمازون وEtsy، أو مباشرةً للعملاء لتجنب الوسطاء. من خلال استخدام المدخلات البسيطة، يمكن للأشخاص الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء فن مذهل. على سبيل المثال، منصة Canva تستخدم الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملية التصميم، حيث يمكن للمستخدمين إدخال ملاحظاتهم والحصول على تصميمات تتوافق مع احتياجاتهم.

ختامًا، يبقى الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالاقتصاد وخلق الوظائف ملفًّا مفتوحًا، يتطلَّع نحو مستقبل متباين ومتنوِّع الرؤى والجهود والابتكارات، فيه الرهان على استغلال واقتناص الفرص.