AI بالعربي – متابعات
أكد صندوق النقد الدولي أن الذكاء الاصطناعي بات عنصرًا محوريًا في تشكيل ملامح التحول الصناعي العالمي، معززًا دوره كأحد أبرز محركات ما يُعرف بالثورة الصناعية الرابعة، وسط رهانات اقتصادية واسعة على تأثيره في الإنتاجية والنمو.
الذكاء الاصطناعي والسياسات الاقتصادية
أوضح تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أن النظم الرقمية لا تمثل مسارًا تقنيًا حتميًا، بل خيارًا اقتصاديًا واجتماعيًا يمكن توجيهه عبر السياسات الحكومية والتنظيمية، بما يضمن توزيعًا أكثر عدالة للفوائد الاقتصادية الناتجة عنها.
وأشار التقرير إلى أن الدول التي تتبنى التقنيات الرقمية المتقدمة مطالبة بالاستفادة من دروس الثورات الصناعية السابقة، من خلال مزج الابتكار التقني بالتنظيم الاقتصادي والتدخل السياسي، لضمان نمو مستدام وشامل.
ثورة صناعية رابعة قيد التشكل
ذكر التقرير أن خبراء الاقتصاد ينظرون إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه امتدادًا لسلسلة التحولات الصناعية الكبرى، بعد البخار والكهرباء ثم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مؤكدًا أن هذه التحولات لم تُظهر آثارها الاقتصادية الكاملة فورًا.
وأوضح أن التاريخ الاقتصادي يبين أن التقنيات التحويلية تحتاج إلى وقت حتى تنعكس على مؤشرات الإنتاجية ومستويات الدخل بشكل واضح.
دروس من تجارب النمو السابقة
استعرض التقرير نماذج تاريخية لتطبيق الابتكارات الكبرى، مشيرًا إلى أنها أسهمت في رفع الإنتاجية وتحقيق طفرات في النمو طويل الأمد، لكنها صاحبتها تحديات قصيرة المدى.
وأوضح أن الثورة الصناعية الأولى، رغم تعزيزها الإنتاج لكل عامل، سبقت ارتفاع الأجور الحقيقية، ما خلق فجوة مؤقتة بين الإنتاجية ومستوى المعيشة.
بين الإزاحة والاستعادة في سوق العمل
أشار التقرير إلى أن الابتكارات التكنولوجية غالبًا ما تؤدي في مراحلها الأولى إلى إزاحة بعض الوظائف، نتيجة استبدال العمال بالآلات، إلا أن المدى الطويل يشهد ما يُعرف بتأثير الاستعادة.
وبيّن أن التكنولوجيا تولد وظائف جديدة تمنح البشر ميزة تنافسية، كما حدث مع ظهور المهن الهندسية والبرمجية في الثورات الصناعية السابقة.
مساهمة محدودة في الإنتاجية حتى الآن
لفت التقرير إلى أن مساهمة الذكاء الاصطناعي في الإنتاجية العالمية لا تزال أقل من التوقعات المتفائلة، رغم التقدم السريع في تطبيقاته.
وأوضح أن استغلال التقنيات متعددة الأغراض، مثل الذكاء الاصطناعي، يتطلب إعادة تنظيم هيكلي واسع في الاقتصادات، إلى جانب تطوير أساليب عمل جديدة لتحقيق كامل إمكاناته.
مخاوف اجتماعية وتحديات توزيع المكاسب
حذّر محللو صندوق النقد الدولي من أن توزيع المكاسب الاقتصادية الناتجة عن الطفرة الرقمية ما زال يثير قلق العاملين في بعض القطاعات، بسبب مخاوف تتعلق بتباطؤ نمو الأجور أو تراجع الطلب على العمالة.
وأكد التقرير أن هذه التحديات قد تسهم في تعميق فجوات عدم المساواة، إذا لم تُعالج بسياسات استباقية فعالة.
توجيه الذكاء الاصطناعي نحو وظائف جديدة
شدّد التقرير على أهمية توجيه تطبيقات الذكاء الاصطناعي نحو خلق فرص عمل جديدة، خاصة في قطاعات التعليم والصحة، للحد من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة للتحول الرقمي.
وأوضح الباحثون أن الاستثمار في رأس المال البشري يظل عاملًا حاسمًا لضمان استفادة المجتمعات من هذه التحولات.
التفرد الآلي ما زال فرضية
اختتم التقرير بالتأكيد على أن سيناريو التفرد الآلي، الذي يفترض تفوق الآلات على القدرات البشرية الإبداعية، لا يزال بعيدًا عن الواقع.
وأشار إلى أن الاقتصادات العالمية ما زالت تعتمد بدرجة كبيرة على العمل البشري والخدمات التي يصعب على الآلات استبدالها بالكامل، ما يجعل الذكاء الاصطناعي أداة داعمة للإنسان، لا بديلًا شاملًا عنه.








