الذكاء الاصطناعي بوابة المستقبل
عبدالله العولقي
خلال الأسابيع الماضية، حاز برنامج CHAT GPT على اهتمام وسائل الإعلام العالمية وأصبح التطبيق الأكثر تداولا وتحميلا على منصات الأجهزة الذكية، البرنامج من إنتاج شركة open Al المتخصصة في برمجيات الذكاء الاصطناعي، ونظرا للاكتساح السريع والمفاجئ الذي أحدثه البرنامج الجديد فقد سارعت الشركات المنافسة إلى إعلان تطبيقات مماثلة له كشركتي قوقل الأمريكية وشركة بايدو الصينية.
المتخصصون في برمجيات الذكاء الاصطناعي اعتبروا CHAT GPT ثورة كبرى في عالم البرمجيات المتقدمة نظرا لما سيحدثه من نقلات نوعية في حياة بني البشر، فالبرنامج يعتمد على خوارزميات فائقة القدرة على التحليل والاستجابة ومحاكاة الإنسان في قدراته العقلية والذهنية، فعلى سبيل المثال، أثبت البرنامج قدرته الرهيبة على كتابة المقال الصحفي، وقد قرأت مقالا في إحدى التقارير التقنية بقلم CHAT GPT حول مستقبل الصراع الروسي الأوكراني في أوروبا، فباستطاعة البرنامج أن يكتب مقالة رصينة وبأسلوب علمي يحاكي ما يقدمه مجموعة من خبراء التحليل السياسي في أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية، هذا إن لم يتفوق عليهم أيضا!!
من إمكانيات البرنامج أيضا قدرته على كتابة الأكواد البرمجية وبكافة اللغات والخوارزميات، وهذا يعد تهديدا مباشرا لوظائف المبرمجين، فبمجرد أن تطلب من التطبيق كتابة أكواد برمجية لوظيفة معينة وبلغة البايثون مثلا، فسيدونها CHAT GPT في ثوان معدودة وبنسبة أخطاء ضئيلة جدا مقابل عدة ساعات وربما أيام يقضيها المبرمج العادي لكتابة نفس الأكواد البرمجية!! وتعد النسخة الأولى التي صدرت من CHAT GPT داعمة لكل لغات البرمجة المعروفة.
كما يعد التطبيق ثورة في عالم الترجمة أيضا، فهو يدعم الترجمة الثنائية لمعظم اللغات البشرية الحية، وبإمكانه ترجمة أي لغة عالمية إلى لغة أخرى وبمستوى عال من الاحترافية، وهذه النقطة قد تحل إشكالية كبرى لدى قطاع السياحة، فبمجرد أن ينطق السائح رسالته عبر البرنامج يقوم بتحويلها مباشرة إلى لغة البلد المستضيف منطوقة وبدرجة متقنة جدا، ومن الجدير بالذكر أن نسبة الأخطاء اللغوية لـ CHAT GPT تعد ضئيلة جدا.
هناك استخدامات كثيرة جدا لهذا البرنامج كونه سيخدم قطاعات عديدة عبر خوارزمياته المتقدمة، ففي المجال الأمني مثلا، سيتواجد التطبيق في كافة أقسام الشرطة ومراكز الأمن، وبمجرد سماع أقوال الشهود حول أوصاف المجرمين أو الخارجين على القانون يمكنه فورا رسم شخصياتهم التخيلية لدرجة تقترب كثيرا من صورهم الحقيقية!!
وفي مجال التعليم، هناك جانب مضيء للبرنامج كونه سيساعد طلبة العلم في تطوير مهاراتهم التعليمية واختصار الوقت في البحث عن المعرفة ولكن يظل جانبه المظلم يشكل قلقا على مستقبل الحياة التعليمية كون إمكانياته الفائقة تقوم بكتابة البحوث العلمية ورسائل الماجستير والدكتوراه بطريقة ذكية واحترافية جدا، وهذا قد يشكل خطرا على مستقبل التعليم إن لم توجد آلية تقنية وذكية أخرى تردع هذه المخاوف التعليمية.
وفي الختام، يبدو أن محرك البحث الشهير جوجل يستعد للتنازل عن عرشه الذي طالما تربع عليه خلال العقدين الماضيين لصالح CHAT GPT أو لغيره من البرامج المماثلة التي تستعد شركات التقنية إطلاقها خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى نقطة مهمة أخرى يؤكدها خبراء التقنية حول مستقبل الصراع المحتد بين القوى العالمية وهي أن من يمتلك تقنية الذكاء الاصطناعي هو من سيصنع المستقبل ويتفوق على منافسيه!