“تشات جي بي تي” في دائرة الاستهداف لدرء الغش والسرقة

18

AI بالعربي – متابعات

يبادر عدد من المدارس والجامعات في كل أنحاء العالم تباعاً إلى حظر استخدام برنامج الدردشة الآلي “تشات جي بي تي” وسواه من أدوات الذكاء الاصطناعي، خشية تحولها وسيلة للغش والانتحال، فيما قال المفوض المعني بالصناعة في الاتحاد الأوروبي تيري بريتون، إن قواعد جديدة مقترحة للذكاء الاصطناعي تهدف إلى معالجة المخاوف المتعلقة بمخاطر استخدام “تشات جي بي تي” وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وهذا هو أول تعليق يصدر عن مسؤول كبير في بروكسل في شأن التطبيق الذي صنف بعد شهرين فقط من إطلاقه بأنه تطبيق المستهلك الأسرع نمواً في التاريخ. وبإمكان التطبيق كتابة مقالات ومواضيع إنشائية ونكات وحتى شعر، وفقاً لما يطلبه المستخدم.

وأثار بعض الخبراء مخاوف من أن الأنظمة التي تستخدمها مثل هذه التطبيقات يمكن أن يساء استخدامها في السرقة الأدبية والاحتيال ونشر المعلومات الخاطئة، فيما يصف مناصرو الذكاء الاصطناعي التطبيق بأنه طفرة تكنولوجية.

وقال بريتون، إن المخاطر التي يشكلها التطبيق وأنظمة الذكاء الاصطناعي أكدت الحاجة الملحة للقواعد التي اقترحها العام الماضي في محاولة لوضع المعيار المرجعي العالمي للتكنولوجيا. ولا تزال هذه القواعد قيد المناقشة حالياً في بروكسل.

والتطبيق مملوك لشركة “أوبن إيه أي”، وهي شركة خاصة مدعومة من “مايكروسوفت“.

الحاجة إلى إطار تنظيمي

وقال بريتون في تصريحات مكتوبة لوكالة “رويترز”، “كما أوضح تطبيق ’تشات جي بي تي’، يمكن لحلول الذكاء الاصطناعي أن توفر فرصاً رائعة للشركات والمواطنين، لكنها قد تشكل أيضاً مخاطر. ولهذا السبب نحتاج إلى إطار تنظيمي قوي لضمان موثوقية الذكاء الاصطناعي استناداً إلى بيانات عالية الجودة”.

ورفضت “مايكروسوفت” التعقيب على تعليق بريتون، ولم ترد شركة “أوبن إيه أي” كذلك حتى الآن على طلب “رويترز” للتعليق، لكنها تقول على موقعها الإلكتروني إنها تهدف إلى إنتاج ذكاء اصطناعي “يفيد البشرية جمعاء” في وقت تحاول بناء ذكاء اصطناعي آمن ومفيد.

ووفقاً لمسودة قواعد الاتحاد الأوروبي، يعتبر تطبيق “تشات جي بي تي” نظام ذكاء اصطناعي للأغراض العامة يمكن استخدامه لأغراض متعددة بعضها عالية المخاطر مثل اختيار المرشحين للوظائف والتقييم الائتماني.

ويريد بريتون من شركة “أوبن إيه أي” أن تتعاون بشكل وثيق مع مطوري أنظمة الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر لضمان امتثالهم لقانون الذكاء الاصطناعي المقترح.

مخاوف من التصنيف “عالية المخاطر”

ويعتري الشركات قلق من تصنيف تقنياتها ضمن فئة الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر، مما قد يؤدي إلى متطلبات امتثال أكثر صرامة وكلفة أعلى، وفقاً لمسؤولين تنفيذيين في عديد من الشركات المشاركة في تطوير الذكاء الاصطناعي.

وأظهر مسح أجرته مبادرة “أبلايد إيه أي” للذكاء الاصطناعي، أن 51 في المئة من المستجيبين يتوقعون تباطؤاً في أنشطتهم لتطوير الذكاء الاصطناعي نتيجة للقانون المقترح.

وكتب رئيس “مايكروسوفت” براد سميث في مدونة الأربعاء، أن لوائح الذكاء الاصطناعي الفعالة يجب أن تركز على التطبيقات الأكثر خطورة. واستطرد “هناك أيام أشعر فيها بالتفاؤل ولحظات أشعر فيها بالتشاؤم حيال استخدام البشرية للذكاء الاصطناعي”.

وقال بريتون، إن المفوضية الأوروبية تعمل عن كثب مع مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي من أجل توضيح أكبر للقواعد الواردة في قانون الذكاء الاصطناعي في ما يتعلق بأنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة في الأغراض العامة.

وأضاف “سيتعين إبلاغ الأفراد بأنهم يتعاملون مع تطبيق دردشة وليس مع شخص. وتكتسب الشفافية أهمية أيضاً في ما يتعلق بخطر التحيز والمعلومات الخاطئة”. وقال بريتون إن المناقشات التي ستعقد لاحقاً مع مشرعين بخصوص قواعد الذكاء الاصطناعي ستغطي هذه الجوانب.

مقاومة متزايدة

ومنذ أن بات “تشات جي بي تي” ونصوصه المولدة تلقائياً في متناول الجمهور في نوفمبر (تشرين الثاني)، تحاول مدارس ومؤسسات تربوية منع طلابها من استخدامه خلال الامتحانات وكذلك في الفروض المدرسية.

وكتب إيلون ماسك أحد مؤسسي “أوبن إيه أي”، في تغريدة في مطلع يناير (كانون الثاني) “إنه عالم جديد. وداعاً للفروض المدرسية في المنزل!”.

وكان معهد الدراسات السياسية المرموق في باريس “سيانس بو”، أول جامعة أوروبية كبرى تحاول التصدي لأداة الذكاء الاصطناعي، فحظر في أواخر يناير على طلابه استخدام “تشات جي بي تي” في أبحاثهم سواء الخطية أو الشفهية تحت طائلة طردهم.

ودعا وزير التربية الفرنسي باب ندياي إلى اتخاذ تدابير أوسع نطاقاً، فأعلن، الخميس، عبر إذاعة “فرانس إنتر” أنه “سيتعين التدخل في هذا الشأن، ونحن بصدد بحث أفضل طريقة للتدخل”، مضيفاً “من الواضح أن لدينا ربما خصماً على هذا الصعيد، لكن علينا في مطلق الأحوال الأخذ بهذه المعطيات الجديدة في عمل التلاميذ والأساتذة”.

لكنه اعتبر أن النصوص التي يولدها الذكاء الاصطناعي “مختلفة جداً عن تلك التي بإمكان التلاميذ كتابتها، والأساتذة قادرون على تمييز الفرق”.

وفي أربع من ولايات أستراليا الست، حظر استخدام “تشات جي بي تي” في منتصف ديسمبر (كانون الأول) في حرم المدارس العامة بواسطة “جدار حماية”، كما حظر على التلاميذ استخدام التطبيق على هواتفهم المحمولة.

وتعتزم أكبر جامعات أستراليا وعدد من الجامعات الأميركية زيادة الفحوص التي تجري في قاعاتها بواسطة “ورقة وقلم” أو مراقبة شاشات الطلاب عن بعد.

ووصلت مدينة نيويورك إلى حد حظر “تشات جي بي تي” في المدارس العامة على كل الأجهزة، لعدم مساهمته في “بناء تفكير نقدي” وخوفاً من انتشار “الانتحال”، كما اتخذت مدارس في سياتل ولوس أنجليس قراراً مماثلاً.

وفي الهند، حظرت جامعة “آر في” في بانغالور البرنامج في حرمها وعمدت إلى إجراء مزيد من الفحوص غير المعلنة مسبقاً.

وفي بريطانيا، يعتزم مكتب تنظيم الامتحانات وضع ميثاق للمدارس. وأثار عضو في البرلمان ضجة في ديسمبر حين تلا خطاباً كتبه برنامج “تشات جي بي تي” طبقاً “لأسلوب تشرشل”.

وفي جامعة ستراسبورغ في فرنسا، استخدم 20 طالباً تقريباً هذه الأداة للغش خلال امتحان عن بعد، فأرغموا على الخضوع لامتحان جديد حضورياً.

برنامج مضاد

وحظرت منصات للصور على غرار “غيتي إيميجيز” و”شاترستوك” الصور الملتقطة بواسطة برامج ذكاء اصطناعي مثل “دال-إيه” و”ميدجورني” و”ستيبل ديفيوجن”. ومنع المنتدى الخاص بالبرمجة المعلوماتية “ستاك أوفرفلو” المنشورات التي ينتجها برنامج “تشات جي بي تي”، معتبراً أنها تتضمن كثيراً من الأخطاء.

كما طلب من الباحثين الامتناع عن استخدام الأداة. وفي مطلع فبراير (شباط)، حذرت مجلتا “ساينس” و”نيتشر” العلميتان الأميركيتان من أنهما ستتوقفان عن القبول بذكر “تشات جي بي تي” بصفته كاتباً، وطلبت من الباحثين الذين يستخدمونه أن يذكروا ذلك.

ورفض المؤتمر الدولي حول تعلم الآلة الذي نظم في يناير في الولايات المتحدة، العروض التقديمية التي أنجزها “تشات جي بي تي”، باستثناء تلك التي يكون هو موضوعها.

وأمام هذه المقاومة الناشئة ضد البرنامج، أعلنت “أوبن أي إيه” أخيراً عن برنامج يساعد على التمييز بين نص كتبه “تشات جي بي تي” ونص كتبه شخص، لكن الشركة نفسها أقرت بأنه لا يزال في الوقت الحاضر “غير موثوق به بشكل كامل”.

“قصر النظر”

وانتقد أنصار الأداة مثل سيباستيان بوبيك الباحث في مجال تعلم الآلة لدى “مايكروسوفت”، ردود الفعل هذه “القصيرة النظر” وكتب في تغريدة “تشات جي بي تي جزء من المستقبل، والحظر ليس الحل”.

كما ذكر عديد من منتقدي منع البرنامج بالتدابير التي اتخذت في بادئ الأمر ضد الآلات الحاسبة أو “ويكيبيديا” في المدارس، قبل أن يتم التخلي عنها في نهاية المطاف. ومن بين هؤلاء المنتقدين مارتن هيلبرت، نائب عميد جامعة نوشاتيل، الذي فضل تنظيم نقاش بعد تسليم فرض. أضاف موضحاً للصحافة السويسرية “سنرى بوضوح إن كان الطالب يتقن الموضوع”.

كذلك دافع الباحث في “سيانس بو” برناردينو ليون عن الذكاء الاصطناعي في مقال نشرته صحيفة “لوموند”، الجمعة، مشدداً على أن هذا المجال يمكن أن يسهم في الإبداع.

ولفت إلى أنه، “حين تستخدم الآلات الحاسبة في التعليم، يسجل تطور في قدرات التلاميذ على إجراء عمليات حسابية وحل مسائل رياضية”.

اترك رد

Your email address will not be published.