في عام 2022: الذكاء الاصطناعي أصبح “بشريًا”
أصبح الذكاء الاصطناعي ماهرًا بشكل مخيف في تقليد السلوك البشري هذا العام رأى البشر أن روبوتات المحادثة تجيب عن أسئلة معقدة، وحتى فلسفية، برؤية واقعية. وأصبحت الصور التي تم إنشاؤها بوساطة الذكاء الاصطناعي ذات عالية الجودة، وتم خداع البشر ليعتقدوا أن أحدهم صنعها.
وكانت البرنامج قادرة على تصور ما يقرب من مجمل البروتينات البشرية، وهي نعمة محتملة لاكتشاف الأدوية. قال بيتر كلارك، الرئيس التنفيذي المؤقت لمركز ألين للذكاء الاصطناعي: «ربما بدأت هذا العام أتوقع أن يكون عام 2022 هو نفسه مثل العام السابق. لكن كانت هناك بعض التطورات المفاجئة إلى حد ما في العام الماضي والتي لم أكن أتوقعها».
قال خبراء الذكاء الاصطناعي إنه على الرغم من أن التطورات ربما بدت مفاجئة، إلا أنها كانت نتاج سنوات من البحث. وأوضح الخبراء أن مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي – حيث تنشئ البرامج محتوى مثل النصوص أو الصور بناءً على الأوصاف – قد حقق أبرز الإنجازات في عام 2022، وذلك يعود إلى حد كبير إلى أن التقدم في الرياضيات وقوة الحوسبة أتاح طرقاً جديدة لتدريب البرنامج. لكن المتشككين في الذكاء الاصطناعي استمروا في القلق. وثبتت صحة شكاواهم الطويلة الأمد من أن نماذج الذكاء الاصطناعي، المدربة على البيانات التي صنعها الإنسان، ستقلد العنصرية والتمييز الجنسي في المجتمع البشري.
وكانت هناك مخاوف متجددة من أن تشغيل برامج الذكاء الاصطناعي يستهلك الكثير من الطاقة ويضر بالمناخ. أصبحت المعركة بين البشر الذين يصنعون المحتوى الذي يغذي نماذج الذكاء الاصطناعي والشركات التي تربح من هذا المحتوى أكثر شراسة ووصلت إلى المحاكم.
قالت مارجريت ميتشل، كبيرة علماء الأخلاقيات في شركة «هاجينج فيس» Hugging Face، وهي شركة ناشئة مفتوحة المصدر تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي: «يمكنك أن ترى تلميحًا إلى العاصفة القادمة». فيما يلي بعض الابتكارات البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي التي حدثت هذا العام.
1- نظام روبوت تشات ChatGPT قبل عدة أسابيع، اقتحم برنامج دردشة آلي جديد الإنترنت. كان يطلق عليه ChatGPT، وأنشأته منظمة «أوبن إيه إل» OpenAI – وهي منظمة تم إطلاقها منذ عدة سنوات بتمويل من إيلون ماسك وآخرين. كان البشر يسألونه جميع أنواع الأسئلة، وبعضها كان مضحكًا (اكتب كلمات أغنية حول تولي الذكاء الاصطناعي وظائف بأسلوب مغني الراب إيمينيم)، البعض الآخر كان أكثر براءة (سأل أحدهم كيف يجب على الأم أن تخبر ابنها البالغ من العمر 6 سنوات أن سانتا ليست حقيقية)، بينما بدا البعض الآخر مفيداً (طلب الأشخاص إكمال رمز الكمبيوتر الصعب هذا). استكشف أكثر من مليون مستخدم هذا البرنامج خلال الأيام القليلة الأولى من إطلاقه في 30 نوفمبر، مشيرين إلى مدى واقعية الإجابات.
كانت بعض الإجابات إبداعية، والبعض الآخر خاطئ تمامًا وبعضها يحمل افتراضات عنصرية وقائمة على النوع. قالت شركة OpenAI إنها قامت بتثبيت عوامل تصفية لتقييد الإجابات التي يبثها روبوت الدردشة، لكن الناس وجدوا وسائل مبتكرة لتجاوز أدوات السلامة، مما كشف التحيز الأساسي. لم يكن روبوت المحادثة هو الوحيد الذي أثار جلبة.
في وقت سابق من هذا العام، ادعى مهندس سابق في جوجل أن LaMDA (التي تعني نموذج اللغة لتطبيقات الحوار)، مُولِّد روبوتات الدردشة الذكي الاصطناعي للشركة، كان واعيًا. كانت Character.ai هي شركة ناشئة في برنامج chatbot تم إطلاقها هذا العام والتي سمحت لأي شخص بالتحدث مع انتحال شخصيات مثل دونالد ترامب وألبرت أينشتاين وشيرلوك هولمز. ومع ذلك، كان ChatGPT بارزًا بسبب لغته وبراعته التسويقية لشركة OpenAI. إنه مدعوم بنموذج لغوي كبير، وهو نظام ذكاء اصطناعي مدرب على التنبؤ بالكلمة التالية في الجملة عن طريق استيعاب كميات هائلة من النص من الإنترنت وإيجاد أنماط من خلال التجربة والخطأ. تم تحسين النموذج بطريقة جديدة، حيث يتحدث البشر مع النموذج، ويقومون بدور المستخدم وروبوت الدردشة، ويصنفون جودة استجابات الروبوت لتعزيز الإجابات الواقعية.
2- أدوات تحول النص إلى صورة هل ترغب في الحصول على صورة لجرو من نوع داشهند بأسلوب الزجاج المطلي؟ ربما كنت، من قبل، بحاجة إلى تكليف فنان للحصول على ذلك، ولكن الآن ببساطة اكتب هذا الطلب في أداة تحويل النص إلى صورة، وستخرج صورة تم إنشاؤها بوساطة الذكاء الاصطناعي من الهواء الرقيق بهذه الجودة العالية، حتى أن المشككين في الذكاء الاصطناعي اعترفوا بأنها مثيرة للإعجاب – رغم أنهم ما زالوا يبثون مخاوفهم العديدة. لقد شهد هذا العام ثورة في أدوات تحويل النص إلى صورة.
أنشأت شركة OpenAL تقنية Dall-E 2، على اسم الرسام العالمي سلفادور دالي، وWALL-E من استديوهات بيكسار للرسوم المتحركة، والتي هزت الإنترنت بعد إطلاقها في يوليو. في أغسطس، أطلقت الشركة الناشئة Stable Diffusion نسختها الخاصة، وهي أساسًا مناهضة لتقنية DALL-E مع قيود أقل على كيفية استخدامها. وأصدر مختبر الأبحاث «ميديجورني» Midjourney نسخة أخرى خلال الصيف، مما أدى إلى إنشاء الصورة التي أثارت جدلاً في أغسطس عندما فازت بمسابقة فنية في معرض ولاية كولورادو. قال الخبراء إن ما تفعله هذه النماذج ليس جديدًا، ولكن الجديد هو أن ما فعلوه هو ما تسبب في زيادة حادة في جودة الصورة. لقد تم تدريبها بطريقة جديدة، باستخدام طريقة تسمى الانتشار، والتي تعمل بشكل أساسي على تحطيم الصور التي تم تدريبها عليها ثم عكس هذه العملية لتوليدها، مما يجعلها أسرع وأكثر مرونة وأفضل في واقعية الصورة.
وأضاف الخبراء أنه كما هو متوقع، فقد جاءت الزيادة في الاستخدام مصحوبة بمشاكل. فقد شعر الفنانون أن هذه النماذج كانت تتدرب على الصور التي قاموا بإنشائها ونشرها على الإنترنت، ولم يحصلوا على أرباح منها.
وسرعان ما استخدمها الناس لإنشاء صور لإطلاق النار في المدارس، وصور الحرب، وحتى الصور الإباحية للأطفال، وفقًا لمجموعة «راديت» Reddit وقناة «ديسكورد» Discord للدردشة. 3- ألفا فولد AlphFold أعلنت شركة «ديب مايند» DeepMind، وهي الشركة الفرعية للذكاء الاصطناعي التابعة لشركة ألفابت، خلال الصيف أنها تمكنت من تصور كل بروتين بشري موجود تقريباً وجعلته متاحًا للعلماء لاختبار إمكانية اكتشاف عقار قوي.
تعد البروتينات ضرورية لتطوير الطب. ويساعد تصور شكلها العلماء على اكتشاف كيفية عمل البروتينات، ويمكن أن يساعدهم في صنع أدوية لمواجهة الأمراض. في الماضي، كانت هذه التقنية مرهقة وتتطلب أشعة سينية وفحصًا مجهريًا. جاء هذا الإعلان بعد سلسلة من التطورات التي حققتها «ديب مايند» في هذا المجال.
في عام 2020، أعلن المختبر لأول مرة أن لديه القدرة على التنبؤ بشكل البروتينات باستخدام برنامج الذكاء الاصطناعي. بعد عام، أعلنت عن أداة قاموا بإنشائها للقيام بذلك، تسمى «ألفا فولد» AlphaFold، جنباً إلى جنب مع ما يقرب من 350000 بروتين تصورته الشركة، بما في ذلك جميع البروتينات في الجينوم البشري. تم تدريب «ألفا فولد» على البيانات الموجودة في بنك بيانات البروتين، وهي قاعدة بيانات عالمية لمعلومات البروتين. 4- كوبيلوت Copilot في وقت سابق من هذا العام، أصدرت شركة «جيت هب» GitHub المملوكة لشركة ميكروسوفت على نطاق واسع Copilot، وهي أداة مبنية على تقنية OpenAI يمكنها ترجمة التعليمات البشرية الأساسية إلى كود كمبيوتر وظيفي.
تعمل الأداة بشكل مشابه لبرامج الذكاء الاصطناعي الأخرى، مثل ChatGPT وDall-E 2، حيث تقوم بتحليل مجموعات كبيرة من البيانات، يتم جمع الكثير منها علناً من الإنترنت. لكن الخبراء قالوا إن Copilot هو الأبرز لأنه يقع في أساس دعوى قضائية تصف أساساً هذا النوع من التعلم بأنه شكل من أشكال القرصنة. يعتبر ماثيو باتريك، وهو مبرمج ومحامٍ، جزءاً من فريق رفع دعوى قضائية جماعية ضد ميكروسوفت والشركات الأخرى التي تقف وراء الأداة.
في الدعوى القضائية، ادعى باتريك وفريقه أن الملايين من المبرمجين الذين كتبوا الكود الأصلي الذي تم تدريب كوبيلوت عليه قد تم انتهاك حقوقهم القانونية. وقالت شركة ميكروسوفت جيت هب، التي تسمح للمبرمجين بالمشاركة والتعاون في وضع كود الكمبيوتر، إنها «ملتزمة بالابتكار بمسؤولية مع كوبيلوت منذ البداية، وأنها ستواصل تطوير المنتج لتقديم أفضل خدمة للمطورين في جميع أنحاء العالم». برانشو فيرما* *كاتب متخصص في الشؤون التقنية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»