تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حياتنا
د. علاء جراد
عندما يمر علينا مصطلح الذكاء الاصطناعي ربما نعتقد أن الأمر لا يعنينا، وأن تلك التكنولوجيا المعقدة تخص فقط شركات التكنولوجيا أو الشركات الكبيرة، ولكن إذا نظرنا عن قرب فسنجد أن الذكاء الاصطناعي هو مكون لصيق بحياتنا اليومية منذ أن نستيقظ حتى نخلد إلى النوم؛ فمثلاً عندما نستخدم الهاتف المحمول للتعرف إلى الوجه فذلك أحد التطبيقات التي يقوم فيها الهاتف بتسليط 30 ألف نقطة ضوئية بالأشعة تحت الحمراء غير المرئية للتعرف إلى ملامح وجهك، والتأكد من أنك الشخص نفسه المحفوظة صورته. وتقول شركة «أبل» إن فرصة الخطأ هنا هي واحد في المليون.
بعض التطبيقات الأخرى والتي تدمج ما بين الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة تشمل تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، فلم نعد تستغرب الآن أن نجد على «فيس بوك» عروضاً عن أشياء كنا نتحدث عنها للتو أو نبحث عنها على «غوغل» أو في أي محرك بحث، حيث تعتمد وسائل التواصل على خوارزميات تعلُّم الآلة والذكاء الصناعي في فلترة المحتوى الذي يصلك، وكذلك اقتراحات بإضافة أصدقاء معينين.
ويتم الاعتماد على هذه التكنولوجيا الآن في برامج القبول في الجامعات حيث تتابع التطبيقات اهتمامات وبحث الطلاب عن البرامج الأكاديمية والجامعات، وبالتالي تقدم وتقترح ما يناسبهم من برامج أكاديمية بالاعتماد على مدخلات متعددة عن الطالب ربما لا يدركها الطالب عن نفسه، فهذه التقنيات تعرف عنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا أحياناً.
وبالطبع تظهر أهمية تلك التقنيات أيضاً في البحث على الإنترنت حيث يكفي أن تكتب الحروف الأولى من الكلمة ليكمل لك «غوغل» الباقي وذلك بالاعتماد على المنطقة الجغرافية التي تقيم بها وتفاصيل بحثك السابقة بل والموضوعات التي يتم البحث عنها في منطقتك.
تطبيق آخر ربما يستخدمه معظمنا هو برامج الترجمة المجانية مثل «غوغل ترانسليت» وكذلك برامج التدقيق اللغوي، مثل «جرامرلي» والتي تدرس المحتوى كاملاً وتقترح عليك صياغات محتلفة وليس تدقيقاً نحوياً فقط، كما تعطيك مؤشراً عما إذا كان المحتوى سلبياً أو إيجابياً أو مبهجاً، إلخ. ينطبق ذلك أيضاً على التطبيقات المصرفية وشركات التأمين وتقريباً معظم العروض التي تصلنا يومياً.
من المهم أن نعي ونتفهم تلك التقنيات كمستخدمين عاديين لا أن نكون مستهلكين فقط وبالتالي نأخذ حذرنا عند مشاركة البيانات الشخصية على مواقع الإنترنت، وفي الوقت نفسه هناك فرص يمنحها الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لقطاع الأعمال في عالمنا العربي، حيث يمكن للشركات المنافسة دولياً وليس محلياً فقط، فالتكنولوجيا متاحة للجميع على افتراض توافر البنية التحتية، كما أن هناك فرصاً اقتصادية هائلة للاستثمار في هذه التقنيات وخلق مصادر دخل وطنية ومحلية كبيرة، ويستدعي ذلك توفير الكفاءات البشرية وتقديم برامج أكاديمية ومساقات في تلك المجالات، واستحداث شراكات بين المؤسسات الأكاديمية والصناعة والإدارات الحكومية من أجل اختراق ذلك المجال، وهناك قصص نجاح يمكن التعلم منها من دول مثل كوريا الجنوبية، وإستونيا، وسنغافورة، والهند، وبخاصة أن أكثر ما يميز منطقتنا العربية هو توافر العنصر البشري وبخاصة فئة الشباب.
• من المهم أن نعي ونتفهم تلك التقنيات كمستخدمين عاديين لا أن نكون مستهلكين فقط.