ساتيا ناديلا: الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير تحويلي
AI بالعربي – “متابعات”
تحدث جون ثورنهيل، محرر الابتكار في فاينانشيال تايمز ومؤسس FT Forums، مع ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت وشخصية فاينانشيال تايمز لعام 2019.
تطرقت مقابلتهما إلى كيفية تأثير أزمة كوفيد – 19 على عالم العمل، وكيف يمكن للشركات أن تزدهر في اقتصاد البيانات، وكيف تعمل الحوسبة السحابية والحوسبة الطرفية على تغيير طبيعة الأعمال – وما يحتاج قطاع الشركات إلى القيام به لمساعدة العالم الوصول إلى صافي انبعاثات الكربون الصفرية. وفيما يلي نص محرر لحوارهما.
ثورنهيل: كيف أثرت هذه الأزمة على مايكروسوفت؟ ما الذي تعتقد أنه سيكون تغييرا دائما؟ وما الذي كان مجرد ظاهرة عابرة؟
ناديلا: “الخسائر البشرية والتأثير في اقتصاداتنا ومجتمعاتنا ونتائجها، مثل التعليم والصحة، كانت فظيعة (لكن) على الرغم من كل هذه القيود، حقيقة أننا كنا قادرين على الحفاظ على مستوى النشاط الاقتصادي هي بفضل الجيل الحالي من التكنولوجيا. لو كانت الحوسبة السحابية غير موجودة، فأنا أرتجف عندما أفكر في الشكل الذي ستبدو عليه سلاسل التوريد العالمية، أو كيف ستبدو قدرة العالم على تقديم الرعاية الصحية. استيقظنا جميعا بشكل جماعي، بما في ذلك صناعة التكنولوجيا، لنقول: رائع، لدينا على الأقل هذا المورد المرن والبرامج والتكنولوجيا الرقمية التي (تسمح) لنا ليس فقط بالتحول والتمحور السريع ولكن أيضا تعطينا المرونة.
كان “تغيير طبيعة الأمور” و”المرونة” من خلال التكنولوجيا الرقمية هما الصحوة الكبرى سواء كان الأمر يتعلق بشركة تجزئة أو حتى بائع تجزئة صغير، يمكن الآن القيام بعملية نقل وتسلم من حافة الرصيف كطريقة لمواصلة العمليات التجارية، أو أن تكون الشركة المصنعة، أو حتى شركة تصنيع متوسطة الحجم قادرة على القيام بالتصنيع المؤتمت بالكامل.
لعقود ونحن نتحدث عن أشياء مثل التطبيب عن بعد، أليس كذلك؟ لا أعتقد أبدا أن زيارة العيادة الخارجية ستبدأ دون أن تبدأ في تطبيقك باستخدام روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي يؤدي بعد ذلك إلى زيارة التطبيب عن بعد وبعد ذلك ستذهب فقط إلى قسم العيادات الخارجية.
ثورنهيل: إلى أي مدى تعتقد أن اعتمادنا المتزايد على الرقمية، الآن بعد أن أصبح كل شيء على الإنترنت، جعلنا أكثر عرضة للصدمة التالية؟ نحن في صراع جيوسياسي نوعا ما بين الولايات المتحدة والصين في الوقت الحالي، هناك خطر الحرب السيبرانية – ما الذي يمكننا فعله لتقليل مخاطر هذا؟
ناديلا: ليس هناك عودة إلى الوراء، بمعنى أن التكنولوجيا الرقمية ستكون جزءا كبيرا جدا من اقتصادنا، وجزءا من حياتنا، وجزءا من مجتمعنا، وبشكل متزايد، (ولا أحد منا يستطيع التنبؤ) بالحدث التالي. لكن وجود مزيد من التكنولوجيا الرقمية في نسيجنا سيساعدنا على التنقل في أي حدث تالي، سواء من حيث قدرتنا على التمحور والتحويل (…) أو حتى المرونة.
لكن بعد قول هذا، الموضوع الذي تثيره على ما أعتقد، ما هو الموضوع الأكثر أهمية، بالنظر إلى حتمية أن تلعب التكنولوجيا الرقمية دورا مركزيا أكثر بكثير، فما الذي يتعين علينا فعله؟ نحن بحاجة لبناء المزيد من الثقة في هذه التكنولوجيا. لذا، سواء كان الأمر يتعلق بالأمن السيبراني، وهو المكان الذي نطالب فيه باتفاقية جنيف رقمية، لأنك إذا فكرت في الأمر، فإن التهديدات الإلكترونية تؤثر أكثر ما تؤثر في المواطنين وكذلك الشركات الصغيرة – أضعف الفئات بين السكان. الشيء نفسه ينطبق على الذكاء الاصطناعي والأخلاق، أو الخصوصية، أو أمان الإنترنت.
هذه كلها قضايا كبيرة تقوض الثقة بالتكنولوجيا. والآن يتعين علينا القيام بالأمرين، سواء كان ذلك عملا تشريعيا أو تنظيما أو الطريقة التي تكون لدينا فيها عمليات هندسية وأنظمة في شركات مثل شركتنا، حيث نتقدم بهذا الاتجاه. أعتقد أن الثقة بالتكنولوجيا، بقدر الآثار التحويلية للتكنولوجيا هما قضيتان من الدرجة الأولى.
ثورنهيل: اشتهرت مايكروسوفت بأنها خضعت للمطحنة التنظيمية من قبل. أين تعتقد أن القانون التنظيمي (الخاص بشركات التكنولوجيا الكبيرة) ضروري؟ وأين تعتقد أنه ضار؟
ناديلا: ليس هناك حق (…) لأية شركة في الوجود إذا لم يكن لديها عقد اجتماعي في كل بلد، وكل مجتمع تشارك فيه (…) تأثير مايكروسوفت في العالم ونجاحها يجب أن يتماشى بشكل أساسي مع نجاح عملائنا والعالم من حولنا. إذا لم نتمكن من النظر إليهم في أعينهم ونقول “انظروا، أنتم تستفيدون الآن”، سواء كانت شركة صغيرة وأصبحت أكثر إنتاجية أو شركة متعددة الجنسيات وأصبحت أكثر قدرة على المنافسة، أو أن يصبح القطاع العام أكثر كفاءة، ونتائج التعليم، ونتائج الرعاية الصحية في المملكة المتحدة أو الهند أو أي مكان آخر، إذا لم نتمكن من تقديم ذلك، فلا أعتقد أن مايكروسوفت ينبغي أن تكون موجودة أو حتى أي شركة تكنولوجيا كبيرة أخرى.
أعتقد أن على جميع هذه المكونات أن تجتمع وتقول: “انظروا، كيف نشارك كشركات في العالم بتوافق لجعل العالم أفضل، ومن ثم النجاح؟” لهذا السبب أحب التعاريف الموجودة، التي تتحدث عن مسؤولية الشركات بشكل أكبر، كيف تحل مشكلات العالم وتوجد حلولا مربحة لتحديات الناس والكوكب؟ أنا أحب هذا التعريف كثيرا.
ثورنهيل: ماذا تتوقع من إدارة بايدن في هذا الشأن؟
ناديلا: أعتقد أنهم، وكما أوضحت الإدارة السابقة، سينظرون إليها من أساس المبادئ الأولية: كيف يمكنك بناء مزيد من الثقة بالتكنولوجيا؟ لأن هذه هي المشكلة، أليس كذلك؟ خاصة بالنسبة للديمقراطيات، مثل الولايات المتحدة، مثل المملكة المتحدة، أعتقد أنه يجب أن يكون هناك إطار تشريعي أساسي يسمح لنا بمزيد من الثقة في الأدوات والتكنولوجيات التي نستخدمها كل يوم، والحفاظ على بعض الحقوق الأساسية مثل الخصوصية.
ثورنهيل: يركز الجميع بقوة على قيمة البيانات، ويبدو أن أحد الأهداف الرئيسة لتشريعات الاتحاد الأوروبي المقبلة بشأن هذا الأمر هو إجبار بعض منصات التكنولوجيا الكبرى على مشاركة بياناتها لتسوية ساحة اللعب التنافسية. هل تعتقد أن مشاركة البيانات هي أ) مرغوب فيها من حيث المبدأ، وب) ممكنة عمليا؟
ناديلا: أعتقد أنه مكان رائع للبدء منه (…) ليكون لدينا مبدأ، أولا وقبل كل شيء، بيانات من هي ومن الذي يستفيد من تلك البيانات؟ لطالما كنت أرى أنه بشكل أساسي، سواء كان ذلك على جانب المستهلك أو على جانب الأعمال، يجب أن يكون تبادل القيمة بحيث لا يوجد استغلال من قبل أي شركة في تبادل القيمة هذا، ويجب أن تكون هناك منافسة حقيقية.
على أقل تقدير، أود أن أقول إن السوق الاستهلاكية لشركات الإنترنت الاستهلاكية هي المكان الذي يوجد فيه التركيز العالي (للقوة). الإعلانات، هناك تركيز كبير حقا. التجارة الإلكترونية، هناك تركيز عال جدا. هذه أسواق واضحة، سواء كانت في الولايات المتحدة أو في أوروبا وأماكن أخرى، سينظر الناس إليها لأنني أعتقد أن التركيز العالي ليس رائعا لأي جهة.
بينما في مجال الشركات إلى الشركات – خذ هذا الوباء، خذ ألمانيا: جميع الشركات التي تشكل جوهر ألمانيا (…) هؤلاء الأبطال الوطنيون الصناعيون في السوق المتوسطة يبيعون في كل مكان في العالم. عندما أذهب إلى طبيب أسنان في الولايات المتحدة، فإن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أنه سيكون لديه كثير من المعدات الألمانية في عيادة طبيب الأسنان هذا. كل ذلك تتم إدارته الآن عن بعد بسبب الصيانة الوقائية، لا يمكن أن يحضر فني. لمن هذه البيانات؟ هل هي للشركة الألمانية؟ هل هي لطبيب الأسنان؟
لذا، بمعنى ما، لا يتعلق الأمر بأوروبا. في الواقع، أود أن أقول إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى رؤية مستنيرة للنظر في قدرته التنافسية. ينبغي لهم حقا تحديد ما يحدث في الفضاء الاستهلاكي، الذي يتعلق ببيانات مواطني الاتحاد الأوروبي، ثم ما يحدث لشركاتهم ووصولهم إلى البيانات حتى يتمكنوا من خدمة عملائهم في جميع أنحاء العالم.
ثورنهيل: تحدثت عن مايكروسوفت كونها شركة تركز على الذكاء الاصطناعي بالدرجة الأولى، ما الشيء الذي يثيرك في الذكاء الاصطناعي؟
ناديلا: نحن في مجال التكنولوجيا دائما ما نبالغ في شيء جديد، لذا فإن السبب الذي يجعلني أقول إن الذكاء الاصطناعي مثير يرجع في الغالب إلى قدرتنا على توليد القيمة من أحد أكبر الموارد التي نراها جميعا، وهي البيانات.
خذ ما حدث، حتى في هذه الأزمة الصحية وأزمة الصحة العامة التي نواجهها (…) نحن بحاجة إلى أداة تشخيصية يتم توزيعها على نطاق واسع في العالم. كيف تفعل ذلك؟ أفضل طريقة هي امتلاك روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي يمكنه إجراء اختبار التشخيص الذاتي. تأتي قوة ذلك من البيانات، ويتم الآن تغيير طبيعة البنى النموذجية في الذكاء الاصطناعي التي تسمح لك ببناء هذا النوع من التطبيقات. هذا مجرد مثال صغير.
أحد الأشياء التي نتحدث عنها كثيرا هو بعض التطورات الكبيرة في اللغة الطبيعية أو التعرف على الصور أو حتى الوسائط المتعددة. هذا نوع ما يسمى الذكاء الاصطناعي الكبير، لكنني مفتون بالذكاء الاصطناعي الصغير. ما أعنيه بذلك هو أنه يمكن للمطور المواطن اليوم أن يأخذ نموذج الكلام لشخص آخر أو نموذج التعرف الضوئي على الحروف لشخص آخر، وأن يبني شيئا ما ويقوم بأتمتة هذا الشيء في الخط الأمامي ويوجد مزيدا من الكفاءة، ويوجد خدمة أفضل لعملائه، والتعامل مع عملية النقل والتسلم على الرصيف. كيف أقوم بإنشاء تطبيق لذلك؟ هذا ما أعتقد أنه سيكون له تأثير كبير، إن لم يكن أكثر، عندما يتعلق الأمر بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تغير مجتمعنا وصناعتنا على نطاق واسع.
ثورنهيل: قال سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي Open AI، وهي شركة أبحاث تدعمها مايكروسوفت بنحو مليار دولار: “ستكون ثورة الذكاء الاصطناعي أكثر أهمية من الثورة الصناعية والزراعية والحاسوبية مجتمعة”. هل تتفق معه؟
ناديلا: اتفق معه بشكل أساسي (…) إذا وضعت الذكاء الاصطناعي في أيدي الأشخاص الذين يحاولون التوصل إلى حلول عندها أعتقد أنه سيكون له تأثير تحويلي. هذا هو الشيء الأكثر أهمية بالنسبة إليّ.
أحيانا تكون التكنولوجيا بحد ذاتها رائعة، لكنها ليست الهدف النهائي الحقيقي. النقطة المهمة هي كيف نترجمها؟ هذا هو المكان الذي يلعب فيه أصحاب المشاريع دورا، تلعب الدولة دورا، ويلعب المجتمع الأوسع دورا. لذلك أعتقد أننا عند أعتاب ذلك، لكننا بحاجة إلى أنظمة تضعنا جميعا في دورة حميدة وليس دورة سلبية.
ثورنهيل: قلت في كثير من الأحيان إن مهمة مايكروسوفت هي تمكين زبائنك ليكونوا قادرين على القيام بالأشياء بشكل أفضل مما يمكنهم فعله بخلاف ذلك، سواء بتوفير الحوسبة السحابية أو الحوسبة المتطورة أو الحوسبة الكمية أو الذكاء الاصطناعي. فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، هل تعتقد أنها تكنولوجيا مركزية أم لا مركزية؟ هل ستؤدي إلى مزيد من تركيز قوة الشركات، أم أنها ستؤدي إلى نوع من تشتيت القوة؟
ناديلا: لنقل إنه بعد عشرة أعوام من الآن (…) إذا كنا نجري هذه المحادثة، إذا كان كل ما نقوم به هو الحديث عن تركيز القوة، فلن نكون كمجتمع عالمي قد حققنا التأثيرات التحويلية لكل هذه التكنولوجيا. لأنه، على أقل تقدير، فإن أملي هو أن القوة الحقيقية لإضفاء الطابع الديمقراطي على هذا الجيل القادم من التكنولوجيا – سواء كان ذلك هو نسيج الحوسبة الموزعة الأساسية، من السحابة إلى الحافة، أو كانت تكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي، أو حتى التجارب التحويلية، مثل الواقع المعزز والواقع المختلط – (إحداث) التغيير: تغيير الطب، تغيير الزراعة، وتغيير التصنيع، وتغيير التجزئة، والفائض واسع الانتشار الذي يتم إنشاؤه في الاقتصاد، إذا لم يتم تحقيق ذلك سنكون قد فشلنا كمجتمع عالمي.
أعتقد خلال الأعوام العشرة المقبلة صناعة التكنولوجيا، إذا فهمناها بشكل صحيح، ستدمج نفسها. يجب أن يتوقف هذا الاحتفال المفرط بالتكنولوجيا. آمل أن نتحدث جميعا عن كيفية تأثير التكنولوجيا على نطاق أوسع داخلنا ومن حولنا، لأنني – كمواطن في العالم – هذا ما أتمناه.