تراجع حاد في تنزيلات “DeepSeek” وسط صعود تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتخصصة للعمل والتعليم
AI بالعربي – متابعات
شهد روبوت الدردشة DeepSeek تراجعًا ملحوظًا في شعبيته خلال الربع الثاني من العام الجاري، حيث انخفض متوسط عدد التنزيلات الشهرية بنسبة 72% ليصل إلى 22.6 مليون تنزيل فقط، مقارنةً بالربع السابق. يأتي هذا الانخفاض في الوقت الذي تشهد فيه تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتخصصة للعمل والتعليم نموًا مطردًا، ما يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في تفضيلات المستخدمين وتوجهات السوق التقنية العالمية.
تراجع الاهتمام بـ”الروبوتات العامة”
DeepSeek، وهو أحد أبرز روبوتات المحادثة العامة التي ظهرت بعد موجة الذكاء الاصطناعي التوليدي، حظي في بدايته بإقبال واسع، لا سيّما من فئة المستخدمين الباحثين عن وسيلة تفاعلية للدردشة، طرح الأسئلة، والحصول على إجابات في شتى المجالات. إلا أن هذا الزخم لم يصمد طويلاً أمام صعود التطبيقات المتخصصة التي باتت تلبي احتياجات المستخدمين بشكل أكثر دقة وكفاءة.
وأظهرت تقارير تحليلية أن المستخدمين بدأوا يتخلون تدريجيًا عن روبوتات الدردشة العامة لصالح أدوات تقدم حلولًا مباشرة لمهامهم اليومية، سواء في بيئة العمل أو في مجال التعليم. فبينما كانت تجربة المحادثة مع الذكاء الاصطناعي تُعد تجربة جديدة ومثيرة قبل عامين، أصبح التركيز الآن على الكفاءة، والدقة، والقدرة على أداء مهام محددة تتعلق بالإنتاجية والتعليم الذاتي.
نضج السوق والتوجه نحو التخصص
هذا التحول يعكس ما يسميه خبراء التقنية بـ”نضج السوق”؛ إذ تشير البيانات إلى أن المستخدمين باتوا يفضلون التطبيقات التي تقدم مزايا متقدمة في مجالات محددة، مثل كتابة التعليمات البرمجية، تحليل البيانات، توليد العروض التقديمية، أو إعداد تقارير مهنية، بدلاً من الاعتماد على روبوتات عامة تفتقر إلى العمق في هذه الجوانب.
وفي هذا السياق، برزت تطبيقات مثل Copilot من مايكروسوفت، والتي تندمج مع حزمة أوفيس وتقدم حلولًا مباشرة للمستخدمين في بيئات العمل، وتطبيقات تعليمية تفاعلية مثل Khanmigo التابع لمنصة خان أكاديمي، والتي تتيح للمتعلمين الدعم المباشر والفوري معزّزًا بالذكاء الاصطناعي.
كما ساهمت التكاملات الحديثة مع أنظمة التشغيل والأدوات المؤسسية، في تسريع التحول نحو هذه التطبيقات، وهو ما انعكس سلبًا على تنزيلات روبوتات عامة مثل DeepSeek التي لم تستطع حتى الآن اللحاق بركب التحوّلات الجديدة.
المقارنة مع ChatGPT وOpenAI
الجدير بالذكر أن منصة ChatGPT التي طورتها OpenAI حافظت على مكانتها بين أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي التفاعلي، رغم المنافسة المتزايدة. ويُعزى ذلك إلى توسع المنصة في تقديم خدمات متقدمة، أبرزها الدعم الصوتي، الإضافات البرمجية، والتكامل مع واجهات برمجة التطبيقات الخاصة بالأعمال والتعليم.
وقد شهدت المنصة تحديثات متكررة جعلتها أكثر توافقًا مع احتياجات المستخدمين المهنية، إلى جانب شراكات استراتيجية مع شركات كبرى مثل أبل ومايكروسوفت، ما رسّخ مكانتها في السوق، مقارنة بمنصات أخرى لم تستطع الحفاظ على نفس الزخم أو التطور.
تحديات DeepSeek: بين النموذج والتوزيع
تُواجه DeepSeek تحديات متعددة لا تتعلق فقط بالمنافسة، بل أيضًا بنموذج العمل وتوزيع التطبيق. ففي الوقت الذي تعمل فيه شركات مثل جوجل وOpenAI على تطوير نماذج لغوية متقدمة قادرة على الفهم السياقي الدقيق، لا تزال DeepSeek تعتمد على أنظمة تقليدية نسبياً لا تواكب التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التوزيع الجغرافي غير المتوازن للتطبيق، وقلة التحديثات الجوهرية، ساهما في ضعف ولاء المستخدمين، ودفع الكثيرين إلى تجريب تطبيقات بديلة ذات قيمة مضافة أعلى.
التوقعات: إلى أين تتجه المنافسة؟
مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي وانتقاله من إطار التجربة الترفيهية إلى كونه أداة إنتاجية فعالة، يُتوقع أن تزداد المنافسة بين التطبيقات المتخصصة التي تخدم قطاعات بعينها. وتشير التوقعات إلى أن الشركات التي ستنجح في تقديم حلول متكاملة للمستخدم، سواء على المستوى الفردي أو المؤسساتي، هي من ستقود المرحلة القادمة من الثورة الرقمية.
وفي ظل هذا المشهد المتغيّر، سيكون على DeepSeek أن تعيد النظر في استراتيجيتها، وتنتقل من النموذج العام إلى نماذج تطبيقية متخصصة، إذا ما أرادت البقاء والمنافسة في سوق لم يعد فيه مجال للمنتجات “العامة” فقط.