“Apple” تخسر في “حرب المواهب” بمجال الذكاء الاصطناعي: تحديات تتجاوز المال وتُهدد تنافسيتها
AI بالعربي – متابعات
تواجه شركة Apple تحديات متزايدة في الاحتفاظ بجاذبيتها كمكان مفضل لكفاءات الذكاء الاصطناعي، وسط ما يمكن وصفه بـ”حرب المواهب” التي تشهدها صناعة التكنولوجيا عالميًا. وبحسب تقارير متخصصة، فإن Apple تكافح من أجل جذب واستبقاء الخبرات التقنية المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، في ظل انتقال عدد من موظفيها إلى شركات منافسة تعتبر أكثر مرونة في دعم الإبداع، وتحديدًا تلك التي تتيح خيارات أوسع فيما يتعلق بانفتاح النماذج البرمجية.
مطالبات داخلية بالإتاحة المفتوحة
في وقت سابق من هذا العام، أعرب فريق الذكاء الاصطناعي داخل Apple عن رغبته في إطلاق عدد من النماذج التي طوّرها كبرمجيات مفتوحة المصدر، وذلك في خطوة كانت تهدف إلى تعزيز التعاون المجتمعي وتسريع وتيرة الابتكار، أسوة بما فعلته شركات أخرى مثل Meta وOpenAI. لكن هذا التوجّه قوبل بحذر شديد من قيادة Apple التي لا تزال متمسكة بسياستها التقليدية القائمة على السرية والتحفظ.
ورغم إقدام Apple على نشر بعض النماذج المفتوحة المحدودة مثل نموذج “OpenELM”، فإن هذه الخطوات لم تكن كافية لإقناع مطوّري الذكاء الاصطناعي بالبقاء، خصوصًا في ظل فرص أكثر انفتاحًا ومرونة تعرضها شركات ناشئة وصاعدة.
ثقافة الشركة… عائق خفي
بحسب ما أورده موقع The Information، فإن التحديات التي تواجهها Apple في هذا السياق لا ترتبط فقط بالرواتب أو العروض المادية، بل تعود أيضًا إلى ما يُعرف بـ*”الثقافة الداخلية الصارمة”* التي تميّز الشركة. فبينما تميل شركات مثل جوجل وMeta وOpenAI إلى منح فرقها حرية أكبر في النشر والمشاركة المجتمعية، لا تزال Apple تتحفظ بشدّة على مشاركة أي تطور تقني إلا في سياقات محددة وتحت رقابة دقيقة.
وقد أدى هذا النهج إلى إحباط بعض المهندسين الذين وجدوا أنفسهم محصورين في بيئة لا تواكب سرعة تطور الذكاء الاصطناعي المفتوح، ما دفعهم إلى مغادرة الشركة نحو منافسين يقدمون بيئة أكثر دعمًا للتجريب والانفتاح.
منافسة شرسة على المواهب
يُعد مجال الذكاء الاصطناعي حاليًا من أكثر المجالات تنافسية في قطاع التقنية، حيث تتسابق الشركات الكبرى والناشئة على استقطاب العقول اللامعة القادرة على تطوير النماذج اللغوية، تقنيات التعلّم العميق، والخوارزميات التنبؤية.
وتشير التقارير إلى أن بعض الموظفين السابقين في Apple انتقلوا إلى شركات متخصصة في الذكاء الاصطناعي مثل Anthropic وOpenAI وInflection AI، حيث تمكّنوا من العمل على نماذج متقدمة تشكّل مستقبل الصناعة العالمي، بدلًا من الانخراط في دوائر مغلقة ذات طابع سري.
وفي هذا السياق، قالت مصادر داخلية إن Apple بدأت تدرك مؤخرًا أن سياساتها التقليدية قد تُفقدها السباق في هذا المضمار، خصوصًا وأن النماذج مفتوحة المصدر أصبحت أحد محركات الابتكار الأساسية في الذكاء الاصطناعي.
جهود Apple في اللحاق بالركب
رغم هذه التحديات، فإن Apple لم تقف مكتوفة الأيدي. فقد استثمرت الشركة بشكل متزايد في أبحاث الذكاء الاصطناعي خلال العامين الماضيين، وبدأت في دمج هذه التقنيات داخل منتجاتها الرئيسية، بما في ذلك أجهزة iPhone وiPad وMac.
ومع إعلانها مؤخرًا عن مزايا مدعومة بالذكاء الاصطناعي في نظام التشغيل الجديد iOS 18، تحاول Apple إرسال رسالة مفادها أنها لا تزال لاعبًا قويًا في هذا المجال. كما أطلقت مؤخرًا باقة من الأدوات تحت مسمى Apple Intelligence، تستهدف المستخدم النهائي بميزات ذكية مثل توليد النصوص، وإعادة صياغة الرسائل، وتحليل الصور والملاحظات، بالتكامل مع منصّة ChatGPT من OpenAI ضمن نظام التشغيل الجديد.
هل تعيد Apple صياغة نهجها؟
يبقى السؤال المطروح الآن: هل ستتمكن Apple من إعادة صياغة نهجها في التعامل مع الذكاء الاصطناعي المفتوح؟ وما إذا كانت ستقوم بإصلاحات جذرية في ثقافتها المؤسسية تتيح للفرق الهندسية المزيد من المرونة؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد إلى حدّ كبير قدرة الشركة على استعادة مكانتها في مضمار الذكاء الاصطناعي.
ويرى مراقبون أن نجاح Apple في السنوات المقبلة لن يعتمد فقط على جودة منتجاتها، بل على مدى قدرتها على التحوّل الثقافي الداخلي والتكيّف مع معايير الابتكار المفتوح، الذي بات يمثل العمود الفقري لتطور الذكاء الاصطناعي عالميًا.