Facebook X Instagram TikTok

الفجوة العالمية في الذكاء الاصطناعي.. من يمتلك قوة الحوسبة يحكم المستقبل

0

الفجوة العالمية في الذكاء الاصطناعي.. من يمتلك قوة الحوسبة يحكم المستقبل

AI بالعربي – متابعات

يُقود التقدم السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تحولات جذرية في الصناعات والاقتصادات والمجتمعات حول العالم. ومع ذلك، كما هو الحال مع العديد من الابتكارات التحويلية عبر التاريخ، فإن فوائد وفرص الذكاء الاصطناعي ليست موزعة بالتساوي. بل تبرز فجوة كبيرة ومتنامية بين الدول التي تمتلك الموارد والبنية التحتية اللازمة لريادة تطوير الذكاء الاصطناعي، وتلك المهددة بالتخلف عن الركب، كما كتب “آدم ساتاريانو” و”بول موزور”.

وهذه الفجوة ليست تكنولوجية فحسب، بل تحمل آثارًا عميقة على الجغرافيا السياسية، والتبعية الاقتصادية، والتقدم العلمي، والمساواة العالمية.

مراكز البيانات المتخصصة بالذكاء الاصطناعي في العالم

وفق إحصائيات صادرة عن جامعة أكسفورد، توجد مراكز بيانات متخصصة في الذكاء الاصطناعي لدى 32 دولة فقط حول العالم، معظمها في نصف الكرة الشمالي، موزعة كما يلي:

الاتحاد الأوروبي: 28

دول أخرى في أوروبا: 8

الصين: 22

الولايات المتحدة: 26

دول أخرى في آسيا: 25

ويُلاحظ أن عدد مراكز البيانات في الصين لا يشمل تلك الموجودة في هونغ كونغ وتايوان.

الجهات المشغلة للحوسبة السحابية

تعتمد الشركات والدول حول العالم بشكل رئيسي على كبار مشغلي الحوسبة السحابية في الولايات المتحدة والصين لتوفير مرافق الذكاء الاصطناعي. وتنتشر هذه الشركات في مناطق متعددة تشمل آسيا، أوروبا، الشرق الأوسط، وأميركا الجنوبية، وأفريقيا.

شركات محدودة تهيمن على الذكاء الاصطناعي

رغم تسارع السباق العالمي لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن عددًا قليلاً من الشركات يسيطر على البنية التحتية. وفقًا لجامعة أكسفورد، تتوزع مراكز الذكاء الاصطناعي حسب الشركة كما يلي:

“مايكروسوفت”: 93

“إيه دبليو إس”: 84

“غوغل”: 66

“علي بابا”: 61

“هواوي”: 44

“تينسنت”: 38

“أو في إتش”: 5

“إكسوسكيل”: 1

مشاهد متناقضة: تكساس والأرجنتين

تُجسّد الفجوة بوضوح في المقارنة بين الولايات المتحدة والأرجنتين. ففي تكساس، يطوّر “سام ألتمان”، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، مشروع مركز بيانات ضخم تتجاوز مساحته مساحة “سنترال بارك” في نيويورك، بتكلفة 60 مليار دولار، مدعوم بمحطة طاقة مستقلة، ليكون من أقوى مراكز الحوسبة في العالم عند اكتماله.

في المقابل، في الأرجنتين، يعمل البروفيسور “نيكولاس وولوفيك” على أحد أكثر مراكز الذكاء الاصطناعي تطورًا في بلاده داخل غرفة ضيقة مليئة برقائق قديمة وأجهزة خادم بدائية، وهو ما وصفه بأنه انعكاس لفجوة عالمية متزايدة في الموارد والفرص.

فجوة الذكاء الاصطناعي.. من أين تبدأ؟

تعود الفجوة الرقمية في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تفاوتات في “قوة الحوسبة”، وهي البنية التحتية المتخصصة لمراكز البيانات المتقدمة والمزودة برقائق فائقة الأداء. لم يعد الأمر يتعلّق بمجرد الاتصال بالإنترنت، بل بالوصول إلى أدوات أساسية ستحدد مستقبل الابتكار العلمي والاقتصادي.

التوزيع العالمي لقوة الحوسبة

تُظهر بيانات جامعة أكسفورد أن الولايات المتحدة، والصين، والاتحاد الأوروبي يستحوذون على النسبة الأكبر من مراكز البيانات المتقدمة، التي تُمثّل بنية تحتية استراتيجية تُستخدم لتدريب وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة.

من بين 193 دولة، لا تمتلك سوى 32 دولة فقط بنية تحتية كافية في هذا المجال، ما يعادل نحو 16% من دول العالم. هذا التفاوت يمنح الدول المتقدمة قدرة على التحكم في الأبحاث، وجذب المواهب، وصياغة مستقبل التقنية.

هيمنة أميركية صينية متزايدة

تُشغّل الشركات الأميركية والصينية أكثر من 90% من البنية التحتية العالمية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ما يمنح هاتين القوتين نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا كبيرًا، ويفرض تحديات على بقية الدول الراغبة في دخول السباق.

الهوامش العالمية: أفريقيا وأميركا الجنوبية والهند واليابان

تغيب المراكز المتقدمة عن معظم دول أفريقيا وأميركا الجنوبية، حيث يعتمد الباحثون والجهات الحكومية على خدمات خارجية، غالبًا بشروط غير مواتية.

الهند واليابان تشكلان استثناءً نسبيًا، إذ تمتلك الهند خمسة مراكز متقدمة، واليابان أربعة، لكنّها تبقى أرقامًا متواضعة مقارنة بالولايات المتحدة والصين.

تداعيات الانقسام العالمي

لا تقتصر عواقب هذه الفجوة على المجال التقني، بل تمتد لتشمل النمو الاقتصادي، والأمن الرقمي، والتنافسية العلمية. الدول التي تفتقر إلى البنية التحتية تخاطر بأن تتحول إلى مستهلكة للتقنيات المطورة خارجيًا، مع ما يحمله ذلك من تبعية تكنولوجية وفقدان للسيادة الرقمية.

سباق المستقبل: اندفاع عالمي ومخاطر حقيقية

تشهد المرحلة الحالية اندفاعًا واسعًا من الدول والمؤسسات لتأمين موقع في سباق الذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن تُغيّر هذه التقنيات شكل القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والدفاع. والدول التي تفشل في الوصول إلى “قوة الحوسبة” قد تُحرم بشكل دائم من هذه المزايا.

الأسئلة الكبرى: ما العمل؟

يُثير هذا التفاوت تساؤلات أساسية حول الحوكمة العالمية:

هل يجب اعتبار تقنيات الذكاء الاصطناعي منفعة عامة عالمية؟

كيف يمكن تقليص الفجوة دون خلق تبعيات جديدة؟

وما دور التعاون الدولي في إعادة رسم خريطة الابتكار؟

غموض وتفاؤل

تمثل الفجوة العالمية في الذكاء الاصطناعي تحديًا معقدًا يتقاطع مع قضايا العدالة والسلطة والمستقبل. الدول التي تمتلك البنية التحتية هي من ترسم اليوم معالم الاقتصاد العالمي القادم. أما البقية، فلا تزال في موقع الانتظار، بين تطلّع إلى التحول وخوف من التهميش.

معالجة هذه الفجوة لا تتطلب موارد مالية فحسب، بل التزامًا سياسيًا حقيقيًا بالتعاون العادل والتنمية الشاملة، من أجل مستقبل تكون فيه التقنيات الحديثة ملكًا للجميع، لا حكرًا على قلةٍ من الأقوياء.

اترك رد

Your email address will not be published.