ابتكار تقني جديد يُمكّن الذكاء الاصطناعي من الرؤية بدقة تشبه العين البشرية

ابتكار تقني جديد يُمكّن الذكاء الاصطناعي من الرؤية بدقة تشبه العين البشرية

ابتكار تقني جديد يُمكّن الذكاء الاصطناعي من الرؤية بدقة تشبه العين البشرية

AI بالعربي – متابعات

طوّر باحثون في اليابان مشبكًا صناعيًّا ذاتي التشغيل يحاكي قدرة المشابك العصبية في الدماغ “synapse” يمكن دمجه في أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحسين قدرات الرؤية لديها؛ إذ يمكنه تعرّف الألوان بدقة عالية تقارب دقة العين البشرية. وعلى عكس الأنظمة التقليدية التي تحتاج إلى طاقة خارجية ومعالجة بيانات ضخمة، يحاكي هذا الجهاز الرؤية البيولوجية ويولّد طاقته ذاتيًّا من خلال خلايا شمسية.

يستطيع الجهاز التمييز بين الألوان بدقة تصل إلى 10 نانومتر، كما يتيح تنفيذ وظائف منطقية اعتمادًا على أطوال الموجات الضوئية. ويمهّد هذا الابتكار الطريق لرؤية آلية تتميز باستهلاك منخفض للطاقة وكفاءة عالية في أجهزة الحوسبة الطرفية مثل: الهواتف الذكية، والأجهزة القابلة للارتداء، والمركبات الذاتية القيادة.

كيف يعمل الجهاز الجديد؟

مع التطور المستمر في الذكاء الاصطناعي والأجهزة الذكية، أصبحت الرؤية الآلية عنصرًا أساسيًّا لتمكين العديد من التقنيات الحديثة وتحسين قدراتها. لكن حتى مع التقدم التقني الملحوظ في هذا المجال، ما تزال أنظمة الرؤية الآلية تواجه تحديًّا كبيرًا، فمعالجة الكميات الضخمة من البيانات البصرية المتدفقة يتطلب طاقةً كبيرة، وقدرات تخزين عالية، ومعالجة دقيقة.

ويؤدي ذلك إلى صعوبات في دمج تقنيات التعرّف البصري ضمن الأجهزة الطرفية مثل: الهواتف الذكية، والطائرات المسيّرة، والمركبات الذاتية القيادة.

وعند النظر إلى النظام البصري البشري نجد أنه يقدم نموذجًا بديلًا واعدًا. فبدلًا من التقاط كل التفاصيل ومعالجتها، تُصفي أعيننا وأدمغتنا المعلومات بصريًّا بنحو انتقائي، مما يسمح بكفاءة عالية في التحليل واستهلاك منخفض للطاقة.

ومن هنا برزت الحوسبة العصبية “Neuromorphic Computing” كمجال يحاكي بنية الأنظمة العصبية البيولوجية ووظيفتها، لتقديم حلول للتحديات الراهنة في مجال الرؤية الحاسوبية.

ومع ذلك، بقي تحدّيان أساسيّان دون حلول، هما:

1- القدرة على تعرّف الألوان بدقة تقارب دقة العين البشرية.

2- التخلص من الحاجة إلى مصادر طاقة خارجية لتقليل استهلاك الطاقة.

ولعلاج هذه التحديات، طوّر فريق بحثي بقيادة الأستاذ المشارك Takashi Ikuno في قسم هندسة الأنظمة الإلكترونية في جامعة طوكيو للعلوم “Tokyo University of Science (TUS)” في اليابان، حلًّا رائدًا. فقد قدّموا مشبكًا صناعيًّا ذاتي التشغيل قادرًا على التمييز بين الألوان بدقة عالية جدًّا، ونُشر بحثهم في مجلة “Scientific Reports” في 12 مايو 2025.

اعتمد الباحثون لتصميم المشبك الصناعي على دمج نوعين مختلفين من الخلايا الشمسية الحساسة للأصباغ، والتي تستجيب لأطوال موجية مختلفة من الضوء. وعلى عكس المشابك الاصطناعية الكهروضوئية التقليدية التي تحتاج إلى طاقة خارجية، يولد هذا المشبك طاقته ذاتيًّا من خلال تحويل الطاقة الشمسية.

وتجعل هذه القدرة الذاتية على توليد الطاقة هذا الابتكار مثاليًّا للدمج في أجهزة الحوسبة الطرفية؛ إذ تُعد الكفاءة في استهلاك الطاقة أمرًا بالغ الأهمية في تلك الأجهزة.

وأظهرت التجارب أن الجهاز يمكنه التمييز بين الألوان بدقة تصل إلى 10 نانومتر ضمن الطيف المرئي، وهي دقة قريبة من دقة العين البشرية.

ولإثبات قدرة الجهاز الجديد في الاستخدامات الفعلية، استخدمه الباحثون ضمن نظام يُعرف باسم “Physical Reservoir Computing”، وهو نهج مستوحى من طريقة عمل الدماغ في معالجة المعلومات. في هذه التجربة، اختبر الباحثون قدرة الجهاز على تعرّف أنواع مختلفة من الحركات البشرية – مثل المشي أو رفع اليد – مسجّلة باستخدام ثلاثة ألوان هي: الأحمر، والأخضر، والأزرق. كل لون كان يُمثّل جانبًا معيّنًا من الحركة، مثل الاتجاه، أو السرعة، أو شكل الحركة. وقد أثبت الجهاز قدرته على تحليل هذه الإشارات البصرية وتمييز الحركات بدقة؛ مما يدل على قدرته على فهم الأنماط المعقّدة من المعلومات البصرية، تمامًا كما يفعل الدماغ البشري ولكن باستخدام نظام إلكتروني ذاتي التشغيل.

استطاع هذا الجهاز أن يُميّز بين 18 نوعًا مختلفًا من الحركات والألوان بدقة عالية وصلت إلى 82%. ويقول الدكتور Takashi Ikuno: “تُظهر النتائج إمكانات كبيرة لدمج هذا الجهاز القادر على التمييز اللوني العالي الدقة ضمن أنظمة الذكاء الاصطناعي المنخفضة الطاقة المزودة بقدرات بصرية”.

وهذا يعني إمكانية الاستفادة من قدرات هذا الجهاز في عدة صناعات، أبرزها:

المركبات الذاتية القيادة: يمكن لهذا الجهاز أن يعزّز كفاءة المركبات في تعرّف إشارات المرور والعلامات والعوائق.

قطاع الرعاية الصحية: يمكن دمجه في الأجهزة القابلة للارتداء لمراقبة المؤشرات الحيوية مثل مستويات الأكسجين في الدم مع استهلاك منخفض للطاقة.

الإلكترونيات الاستهلاكية: قد يؤدي إلى تطوير هواتف ذكية ونظارات واقع افتراضي ومعزّز بعمر بطارية أطول دون التنازل عن قدرات التعرّف البصري المتقدمة.

ويقول الدكتور Takashi Ikuno: “نعتقد أن هذا الابتكار سيساهم في تطوير أنظمة رؤية آلية منخفضة الطاقة بقدرات تمييز لوني تقترب من قدرات العين البشرية، مع تطبيقات تمتد من الحساسات البصرية إلى المركبات الذاتية القيادة، والمستشعرات الحيوية الطبية، وحتى الأجهزة المحمولة”.

Related Posts

“جيفري هينتون” يحذر: الذكاء الاصطناعي يهدد الوظائف ويعمّق الفجوة الاقتصادية

AI بالعربي – متابعات حذّر جيفري هينتون، المعروف بـ”عرّاب الذكاء الاصطناعي”، من التهديد الحقيقي الذي يواجه مستقبل العمل في ظلّ تسارع الأتمتة. وأوضح أن الخطر لا يكمن في الذكاء الاصطناعي…

دراسة أميركية حديثة تحذّر من “أنانية الذكاء الاصطناعي المتصاعدة”

AI بالعربي – متابعات كشفت دراسة حديثة من جامعة كارنيغي ميلون الأميركية عن نتائج مثيرة للقلق. أوضحت الدراسة أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورًا تميل إلى سلوك أكثر أنانية كلما…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات

“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

  • أكتوبر 30, 2025
  • 70 views
“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

  • أكتوبر 12, 2025
  • 221 views
الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

  • أكتوبر 1, 2025
  • 311 views
حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

  • سبتمبر 29, 2025
  • 322 views
الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتساؤلات البشر

  • سبتمبر 26, 2025
  • 269 views
تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتساؤلات البشر

كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟

  • سبتمبر 24, 2025
  • 302 views
كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟