الذكاء الاصطناعي يهدد عرش “جوجل” في 2025

AI بالعربي – متابعات

لأكثر من عقدين، كان “ابحث عنه في جوجل” اختصارًا للعثور على أي شيء عبر الإنترنت، مما سمح لجوجل، الشركة التقنية التي تأسست عام 1998، ببناء إمبراطورية بقيمة 2 تريليون دولار مبنية على الروابط الزرقاء.

لكن إصدار “ChatGPT” في نوفمبر 2022 أحدث تحولًا جذريًا، ولا تزال آثاره ملموسة.

وتُقدم أدوات الدردشة من “OpenAI” وشركة ناشئة تُدعى “بيربلكستي” Perplexity إجابات جاهزة بدلًا من قائمة مواقع الويب، مما يشجع المستخدمين وبعض شركات التكنولوجيا الكبرى على إعادة التفكير في أي رمز يظهر الآن على الشاشة الرئيسية.

في الواقع، اجتذبت بيربلكستي اهتمامًا كبيرًا من بعض أكبر شركات التكنولوجيا العملاقة، وقد تظهر قريبًا، في حال نجاح هذه الصفقات، على الشاشة الرئيسية لهواتفكم الذكية على نطاق قد يدفعها لتصبح جوجل التالية. بل وحتى إلى انهيارها.

جوجل تسابق الزمن

خلف الكواليس، تُسابق جوجل الزمن لدمج ذكائها الاصطناعي التوليدي في محركات البحث، وهو سباق أُجبرت عليه منذ أن دفعها إصدار “ChatGPT” إلى إصدار منتجات ذكاء اصطناعي خاصة بها، لأنها تُدرك أن صفقات التوزيع مع منافسيها قد تُغير عادات المستخدمين بين عشية وضحاها.

تُشير الأرقام الأولية بالفعل إلى تغيّر في مسار الأمور. فقد أشار تحليل لبنك أوف أميركا إلى أن الزيارات العالمية لجوجل تتراجع بسرعة على أساس سنوي، بينما ارتفعت زيارات “ChatGPT” بنسبة 160% في الأشهر الـ12 الماضية.

ويُشير بحث منفصل أجرته مورغان ستانلي إلى أن “ChatGPT” لا يزال الخيار الأمثل لجيل “زد” Z، وأن الكثير من هذا الجيل لا يُفكر في البحث على جوجل إطلاقًا.

في حين أن جوجل تخسر مكانتها تدريجيًا أمام محركات البحث الأخرى، فإن فقدانها لزخمها أمام منافسيها الأكثر سرعةً الذين يُدمجون الذكاء الاصطناعي في أنظمتهم أسرع بكثير.

ظهور بيربلكستي

في حين أن “ChatGPT” هو استخدام واسع النطاق للذكاء الاصطناعي في السوق، فإن المُنافس الحقيقي على العرش هو بيربلكستي، الذي يُسوّق نفسه على أنه “محرك الإجابات” الأمثل.

تجمع نتائج الاستعلامات المدعومة بالذكاء الاصطناعي بين أفضل ما في روبوتات الدردشة التوليدية والدقة المتوقعة من منصات البحث. تشير بيانات بنك أوف أميركا إلى أن حركة المرور إلى “OpenAI” قد ارتفعت بنسبة 233% على أساس سنوي – وإن كانت انطلاقًا من قاعدة صغيرة. وتشير التوقعات إلى أن هذا سيتوسع بسرعة الآن.

تأسست بيربلكستي في أغسطس 2022 على يد الرئيس التنفيذي أرافيند سرينيفاس و3 مؤسسين مشاركين.

وسرينيفاس هو مهندس سابق في “OpenAI” وDeepMind، وقد ساعد في إطلاق محرك الإجابات الخاص بها في ديسمبر 2022. بحلول فبراير 2023، اكتسبت الشركة مليوني مستخدم؛ وبحلول يناير 2024، كان لديها 10 ملايين مستخدم نشط شهريًا، وكانت تعالج ما يقرب من 170 مليون استعلام شهريًا. وهي تجمع حاليًا تمويلًا بقيمة تُقدّر بحوالي 14 مليار دولار، وفقًا للتقارير.

وبينما يتفوق حجم جوجل حاليًا على بيربلكستي – حيث حصد عملاق البحث 2.7 مليار زيارة يوميًا في مارس، مقارنةً بأربعة ملايين زيارة فقط لبيربلكستي – فمن المتوقع أن يبدأ الوضع في التغير، وبسرعة.

تقول ليلي راي، خبيرة تحسين محركات البحث في نيويورك، إنه بمجرد أن يترسخ نمط سلوكي يتمثل في استخدام أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي بشكل أكثر وضوحًا بدلاً من محركات البحث التقليدية، فسيكون من الصعب التراجع عنه.

وتضيف: “أسمع باستمرار أشخاصًا يقولون إنهم توقفوا عن استخدام جوجل.. بدأ الناس باستخدام ChatGPT وبيربلكستي في كل شيء”.

بيربلكستي.. نجاح مبهر

يلاحظ قطاع التكنولوجيا هذا الأمر، فقد نجح بيربلكستي في إبهار بعض أكبر شركات التكنولوجيا، بما في ذلك تلك التي اعتمدت سابقًا على جوجل لتقديم خدمات البحث لعملائها.

في محاكمتها الأخيرة لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة، صرّح إيدي كيو، المدير التنفيذي لشركة آبل، بأن الشركة المصنعة لأجهزة آيفون بدأت محادثات مع شركة بيربلكستي لاستكشاف إمكانية دمج أدوات محرك البحث في أجهزتها – وهو اعتراف علني نادر بوجود شراكة محتملة من شركة تُلزم شركاءها بالسرية التامة حتى تُعلن عن شراكات جديدة بشروطها الخاصة. وقال كيو: “لقد أُعجبنا للغاية بما قدمته بيربلكستي، لذلك بدأنا بعض المناقشات معهم حول ما يفعلونه”.

وآبل ليست الشركة الوحيدة المهتمة بالشراكة مع بيربلكستي. كما تُجري سامسونغ محادثات معها، حيث تبيع حوالي 224 مليون هاتف ذكي سنويًا، وهي واحدة من أكبر مُصنّعي أجهزة أندرويد، والتي تفوق منتجات آبل عددًا بثلاثة أضعاف.

ويقول راي: “إذا كانت لدى آبل وسامسونغ شراكة مع بيربلكستي، والتي قد تُؤدي إلى إقصاء جوجل من قائمة محركات البحث الافتراضية، فسيكون ذلك نقاشًا كبيرًا للغاية، لأنه مصدر كبير لحركة الزيارات لجوجل”. وتبيع آبل وسامسونغ معًا حوالي نصف مليار هاتف ذكي سنويًا.

تقول راي إن أيًا من الاتفاقين – مع آبل أو سامسونغ – سيكون “ضخمًا”. وتضيف: “إذا تم دمج بيربلكستي بالفعل ولم يعد جوجل محرك البحث الافتراضي، فسيكون ذلك مدمرًا لجوجل”.

ولم ترد آبل ولا جوجل فورًا على طلب التعليق على هذه القصة.

لكن على نطاق أوسع، لا يمكن أن تكون المخاطر أعلى. يقول راي: “يبدو هذا أكثر وضوحًا لأن هذه المنتجات هي في الواقع محركات بحث”. “يمكن للناس التحول عمليًا إلى بيربلكستي وChatGPT للبحث عن كل شيء”.

بين بيربلكستي وجوجل

ليس الجميع مقتنعين تمامًا باحتمالية وصول جوجل إلى مرحلة التراجع النهائي. تقول ألكسندرا أورمان، الباحثة في جامعة زيورخ والمتخصصة في محركات البحث: “لست متأكدة من أن “بيربلكستي” سيحل محل جوجل”. والسبب هو الشكل الذي تقدم به بيربلكستي ومنافسوها من الذكاء الاصطناعي نتائجهم.

وتضيف: “يقول الناس: حسنًا، في الواقع، عندما نريد إجابات سريعة، ما زلنا نفضل استخدام محركات البحث، لأن جميع برامج الدردشة الآلية دائمًا ما تثرثر وتقدم لنا نتائج مطولة”.

لا يزال الأمر كذلك: اسأل بيربلكستي سؤالًا بسيطًا وسيقدم لك إجابة تعطيك الإجابة الصحيحة في جملة من 6 كلمات “عاصمة اليونان هي أثينا”، ثم يستمر لـ 160 كلمة أخرى دون داعٍ. أدخل نفس السؤال في جوجل، وستحصل على كلمة واحدة، مكتوبة بخط كبير أعلى نتائج البحث.

ولكن مع تطور الذكاء الاصطناعي ونماذج اللغة، من المرجح أن يتطور ذلك أيضًا. ومع ذلك، فإلى جانب التعقيد غير الضروري الذي يصاحب إجابات الذكاء الاصطناعي المطولة حاليًا، تتوقع أورمان مشكلة أخرى تتعلق بـ بيربلكستي، وهي اعتماد المستخدمين لها بشكل عشوائي.

وتقول: “سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما سيحدث مع بيربلكستي، لأنهم حتى الآن يواجهون بعض الصعوبات في هذا السوق.. إنهم غير موجودين في أي مكان افتراضيًا. عليك أن تجدهم كمستخدم”.

بالطبع، قد يتغير هذا مع أي شراكة مع كبرى شركات تصنيع الهواتف الذكية أو شركات أخرى تعمل على تسويق بيربلكستي أمام مئات الملايين من المستخدمين.

أضف إلى ذلك أن أقرب المهتمين بتحولات محركات البحث يشعرون بأن جودة المنتج الذي تقدمه جوجل، الشركة الرائدة في السوق، آخذة في التدهور بسرعة.

يقول راي: “أشعر أنهم في حالة ذعر ويحاولون اللحاق بالركب، ويتحركون بأسرع ما يمكن مع منتجات الذكاء الاصطناعي”. غالبًا ما يُطلقون منتجات ذكاء اصطناعي غير جاهزة تمامًا، ثم يبنون عليها ببساطة.

هذا نهجٌ رأيناه سابقًا في عالم التكنولوجيا. كانت نوكيا قوةً مهيمنةً في عالم الهواتف المحمولة، ثم انزلقت في دوامة التخلف التقني.